بين هنا وهناك.. كيف يؤثر تعدد المهام على إنجاز فريقك؟
مصطلح تعدد المهام المقصود به أداء أكثر من مهمة أو نشاط في وقت واحد، والتنقل والتبديل بين هذه المهام بشكل مستمر، وهو ما يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على مستوى إنتاجيتك في العمل في بعض الأحيان. والجدير بالذكر أنه قد تم إجراء دراسات عديدة لتحديد تأثير تعدد المهام على العقل وعلى مستوى الإنتاجية.
وتوصلت دراسة علمية أجريت في جامعة "ستانفورد" الأمريكية عام 2009 إلى أن الأشخاص متعددي المهام واجهوا صعوبة في التنقل بين مهمة وأخرى، وكذلك كان مستوى التنظيم العقلي لديهم أقل من غيرهم؛ ومنذ ذلك الحين، ظهرت المزيد من الدراسات والأبحاث التي تدعم فكرة أن تعدد المهام قد لا يكون أفضل طريقة لإنجاز أكبر عدد ممكن من المهام على مدار اليوم. وبشكل عام فإن الأمر يتعلق بقدرتنا على التركيز، حيث نكون أكثر فعالية عندما نركز اهتمامنا على أمر واحد؛ وقد خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن التركيز على أكثر من مهمة في نفس الوقت يعيق قدرة الموظف على أداء عمله بشكل فعال، وهو ما قد يتسبب في خسائر للشركة أو المؤسسة التي يعمل بها.
وفي السياق ذاته، أشار تقرير نشره موقع "Business News Daily" إلى أن العديد من الأشخاص يعتقدون أن تعدد المهام يعني التركيز على أكثر من مهمة في وقت واحد، وذلك في الواقع أمر مستحيل، لكن ما يحدث فعلاً هو أنك تحول انتباهك أو تركيزك من مهمة إلى أخرى كل بضع ثوان، دون أن تكون منتبهاً بشكل كامل إلى مهمة واحدة.
يشار إلى أن هذه الآراء المتعلقة بتعدد المهام تنطبق بشكل رئيسي على المهام الخاصة بالعمل والتي تتطلب التركيز الكامل، في حين أنه في حالات ومواقف أخرى يمكنك أداء أكثر من عمل في وقت واحد دون أن يؤثر ذلك عليك، فمثلاً يمكنك تناول الطعام أثناء السير بدون مشكلة، أو أداء عمل ما في المنزل خلال مشاهدة التلفزيون، لكن إذا كان لديك مثلاً مكالمة مع أحد عملائك وفي الوقت ذاته كنت تتفقد بريدك الإلكتروني وتتحدث مع زميل لك، فقد يتسبب ذلك في فوضى وأخطاء عدة، فطبيعة الموقف عموماً هي التي تحدد متى يكون من المناسب أداء أكثر من مهمة في نفس الوقت، ومتى يكون عليك التركيز على أمر واحد فحسب.
كيف يؤثر تعدد المهام على مستوى الإنتاجية؟
لا يمكن لعقولنا التعامل مع العديد من المهام المعقدة في وقت واحد، وفي ظل انتشار الهواتف الذكية بشكل كبير والتي أصبحت تقريباً جزءاً لا يتجرأ من حياتنا اليومية، فإن ذلك يعني زيادة احتمال انشغالك بإرسال رسائل نصية أو الاستماع إلى الموسيقى أثناء العمل، وهو ما قد يضعف مستوى إنتاجيتك.
ويمكن لتعدد المهام أن يضر بكفاءتك في أداء عملك لعدة أسباب من بينها مثلاً أن التبديل بين المهام قد يستغرق بعض الوقت، فضلاً عن أن التنقل المتكرر بين المعلومات والتفاصيل الخاصة بكل مهمة من المحتمل أن يؤدي إلى الوقوع في أخطاء؛ وإلى جانب ذلك جاء في التقرير أن تعدد المهام يخفض معدل الذكاء بمقدار 15 نقطة خلال المهام المعرفية، ويقلل من مستوى الذكاء العاطفي وكثافة الدماغ أيضاً مع مرور الوقت.
وأكد التقرير على أنه عند محاولة إنجاز مجموعة من المهام بسرعة وفي وقت واحد، فإن النتيجة عادة ما تكون سيئة على كافة المستويات، حيث أن جودة العمل الذي يتم إنجازه عادة ما تكون أقل من المطلوب، وتكون الأخطاء أكثر بسبب عدم التركيز والتنقل بين المهام، وقد يؤثر تعدد المهام على القدرة على الإبداع واتخاذ القرارات المتعلقة بسير العمل بشكل سليم، فضلاً عن أنه يتسبب في زيادة شعور الموظف بالإجهاد والضغط العصبي، أي أنه يؤثر سلباً على الفرد والمؤسسة.
كيف يمكنك العمل بكفاءة أكبر وزيادة مستوى إنتاجيتك؟
كما يتضح مما سبق، فإن محاولة أداء مهام متعددة ومعقدة في نفس الوقت ليست أفضل طريقة لإنجاز أكبر قدر من المهام، بل على العكس فهذه الطريقة تؤثر بشكل سيئ على الإنتاجية؛ والخطوة الأولى التي تساعدك على زيادة إنتاجيتك هي إعداد قائمة بالمهام التي تحتاج إلى إنجازها وترتيبها على حسب أهميتها، وتحديد وقت للانتهاء من هذه المهام، ثم التركيز الكامل على أداء مهمة محددة.
أما الخطوة الثانية فتتمثل في العمل على تجنب أو تقليل الإلهاءات قدر الإمكان، فمن المهم أن تحرص على أن يكون تركيزك منصباً على العمل الذي تؤديه، دون أن يتشتت انتباهك بسبب أمور أخرى غير ضرورية مثل الهاتف المحمول أو حتى البريد الإلكتروني، ويمكنك تحديد وقت معين ضمن جدولك للرد على رسائل البريد الإلكتروني أو حتى الرسائل الشخصية.
وفي حال كنت في حاجة إلى أن توجه انتباهك إلى مهمة أخرى، فعليك في البداية أن تقوم بتدوين المعلومات والملاحظات الضرورية المتعلقة بتلك التي تعمل عليها قبل الانتقال إلى أخرى، فذلك من شأنه أن يساعدك على أن تصفي ذهنك ولو لبعض الوقت من هذه المعلومات حتى يمكنك التركيز تماماً على مهمتك التالية دون أن تتداخل التفاصيل الخاصة بالمهمتين في رأسك، وهذه الخطوة يمكن أن تقلل احتمالية وقوعك في الخطأ، وتجعل من السهل بالنسبة لك استكمال مهمتك الأولى بشكل فعال عندما تعود إليها.
كيف تساعد فريق عملك على تجنب تعدد المهام؟
- فترات الراحة:
أحد أفضل الأمور التي يمكنك القيام بها كي تساعد فريق عملك على تجنب تعدد المهام هو تشجيعهم على أخذ فترات راحة منتظمة، لأنه إذا كان الموظف غارقاً في العمل دون راحة، فمن الممكن أن يدفعه الشعور بالضغط إلى أداء أكثر من عمل في وقت واحد مما يؤثر بالطبع على جودة العمل، إلى جانب أن حصول الموظفين على فترات راحة خلال العمل يساعد على تحسين الإنتاجية وزيادة قدرتهم على التركيز وعلى الإبداع، كما يلعب دوراً في تقليل الشعور بالإجهاد.
- المهام الإضافية:
من المهم أن يدرك المديرون جيداً متى يمكن إرسال مهام عمل إضافية للموظفين، ومتى يكون ذلك غير مناسب أو في غير وقته، لأنه عند قيام المديرين مراراً وتكراراً بإرسال مهام غير عاجلة أو ذات أولوية منخفضة، فذلك يجعل من الصعب على الموظفين إنجاز مهامهم الأساسية في الوقت المناسب وبالجودة المطلوبة، خاصة إذا كان الوقت المحدد للانتهاء من المهام الأساسية ضيق.
- سياسة الباب المفتوح:
من الضروري بناء علاقات جيدة مع الموظفين، بحيث يكون من السهل بالنسبة إليهم مناقشة أفكارهم والمشروعات التي يعملون عليها وحتى مشكلاتهم مع مديرهم في أي وقت ودون قلق، وأهمية ذلك تكمن في أنه في حال شعر الموظفون أنهم منهكون وغارقون في مهام العمل، ووجدوا أنه من الصعب التحدث إليك للتوصل إلى حل وتحديد أولوية مهامهم، فقد لا يكون مستوى الجودة والإنتاجية على قدر توقعاتك، لذا يُفضل تبني سياسة الباب المفتوح مع فريق عملك.