عدم الثقة بالنفس أزمة يعاني منها المبرمجون.. لماذا وصلوا لهذه الحالة؟
أي مطور برامج في أي بقعة من العالم يعرف موقع ستاك أوفر فلو المنصة التي يصل عمرها الى ١١ عاماً، والقائمة على مبدأ السؤال والجواب وتبادل الخبرات والمعلومات بين مطوري البرامج. جزء من هذه المنصة معرفي، والجزء الآخر منها لتكوين ونسج العلاقات بين العاملين في المجال نفسه. الموقع هذا هام وأساسي لأي مطور برامج إذ إنه يتضمن معلومات حول جميع لغات البرامج والأدوات وكل ما قد يحتاج إليه أي مطور برامج .
الموقع هذا يشبه إلى حد ما آلية عمل رديت وكورا، بحيث يتم رفع الإجابات المفيدة وتلك التي تكون غير صحيحة أو لا أهمية لها يتم حذفها من قبل المشرفين. الأسئلة عادة يتم طرحها بعد قيام المبرمج بعملية بحث طويلة ومنهكة عبر جوجل وعدم العثور على ما يحتاج إليه أو حين يجد نفسه أمام مشكلة لا يعرف من أين عليه البدء لحلها.
وهنا تبرز نقطة هامة وأساسية، ففي هذا التجمع العالمي لمطوري البرامج هناك صفة واحدة تتكرر وبشكل دائم وهي قائمة على التقليل من قيمة الذات. والمثير للاهتمام هو أن النبرة التي تعبر عن عدم الثقة بالنفس خصوصاً عند طلب المساعدة هي نفسها عند الجميع.
«أنا أحمق»
في حال قمتم بالبحث عن عبارة «أنا أحمق» في موقع ستاك أفرفلو فستجدون أكثر من ١٠ آلاف نتيجة على جوجل، والبحث عن عبارة «هذا سؤال غبي» سيعود عليكم بالنتيجة نفسها. عبارة «أنا أخرق» تظهر ضمن مجموعة كبيرة من الأسئلة، أما «أنا أحمق» فتظهر على آلاف الأسئلة والاستفسارات.
الأمر مذهل.. وبشكل سلبي. ففي كل مرة يحتاج فيها مطور برامج للمساعدة من شخص ما فهو سيبدأ بالتقليل من قيمة نفسه ثم طلب المساعدة. مثلاً «إنه سؤال غبي ولكن كيف يمكن تحويل هذا إلى ذاك؟».. أو «يا لي من أحمق، حاولت القيام بهذه الخطوة ولم أتمكن من..».. «أنا غبي للغاية ولكن هل يعرف أحدكم كيف يمكن..؟».
السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل هذه هي الطريقة التي على أي شخص يعمل في أي مجال كان وصف نفسه؟ ولماذا نجد الذين يعملون في مجال تطوير البرامج يعانون أكثر من غيرهم من أزمة ثقة بالنفس خصوصاً حين يطلبون المساعدة من غيرهم.
البرمجة تشجع على فقدان الثقة بالنفس
إن بحثتم في أي موقع يعنى بشؤون المبرمجين فستجدون بأن هناك ميلا للتشجيع على انعدام الثقة بالنفس لأنها كما يقولون «تحسن جودة العمل». واحدة من النظريات الشائعة هي أن التشكيك بالذات يجعل المبرمج يتمكن من إيجاد الحلول الأفضل.
مثلاً عندما يكتب المبرمج الأكواد فهو يتصور البرنامج بشكل مسبق في عقله، وعليه التشكيك بالذات وبما يتم القيام به يعني أنه سيتمكن من اكتشاف المشكلة وإيجاد الحلول لها. اعتبار المبرمج بأن التصميم مثلاً ليس رائعاً يعني أنه سيعيد النظر بما قام به وسيخرج بما هو أفضل. أو التشكيك بأن البرنامج ليس مثالياً فإن ذلك اختباره مجدداً.
التشكيك بالقدرات يعلّم المبرمج أن يكون أفضل ويزيد من تعقيدات العمل الذي يمكنه أن ينتجه.. لأن عدم الوثوق بما أنتجه يعني المزيد من المراجعة والمزيد من الاختبارات.
ما على كل مبرمج وضعه بالحسبان
بغض النظر عن «أهمية» غير منطقية يربطها الخبراء في المجال بين انعدام الثقة بالنفس وبين جودة العمل، فإنه من الجنون أن يصف شخص نفسه بالغباء خصوصاً على منصة عالمية مفتوحة يعتمدها كل شخص يعمل في مجال البرمجة. لذلك ما على مبرمج وضعه بالحسبان من أجل أن يكون أفضل نسخة عن نفسه هو التالي.
طلب المساعدة لا يجعلك غبياً
الشخص الذي يطلب المساعدة ليس غبياً بل هو يسعى لأن يتطور ويتعلم من خبرات غيره. والتعلم والاستفادة من خبرات الآخرين هام جداً في مجال البرمجة. عندما تسأل فأنت تسعى لمعرفة المزيد وهذا الواقع أبعد ما يكون عن الغباء.
سؤال «بديهي» ليس سؤالاً غبياً
سواء قمتم بزيارة ستاك أوفرفلو أو أي منصة أخرى ستجدون بأن هناك أسئلة متكررة تم طرحها مئات المرات وهذه الأسئلة عادة تتمحور حول الأساسيات والأمور البديهية. طرح سؤال بديهي لا يعني أن السؤال غبي، فكل مبرمج وفي مرحلة ما كان عليه أن يتعلم الخطوات الأولى.
معاناتك في مجال معين لا يقلل من قيمتك كمبرمج
المواضيع التي تطرح والتي عادة تتمحور حول صعوبة ما يعاني منها المبرمج في لغة معينة أو في مجال معين تتضمن توصيفات مهينة جداً للذات. وهذا أمر مقلق بالفعل لأن الأكواد يصعب فهمها أصلاً وهي تكتب بلغة قد لا تكون لغة المبرمج الأصلية وبالتالي هناك تحديات عديدة مرتبطة بها. حين تعاني في مجال معين وتبحث عن المساعدة فإن ذلك لا يقلل من قيمتك كمبرمج .
تذكر بأن هناك من يراقبك
سواء كان الأمر يتعلق بستاك أوفر فلو أو أي منصة مشهورة عليك أن تتذكر بأن هناك «زملاء» على هذه المنصة كما أن أرباب العمل باتوا يعتمدون على هذه المواقع وخصوصاً «ستاك أوفر فلو» من أجل البحث عن مبرمجين بارعين لضمهم الى شركاتهم. حين يرى التوصيف الذي تستخدمه لنفسك فهو بالتأكيد سيصرف النظر عنك.
أفضل شاب أعمال في التكنولوجيا "ديفيد كارب".. ترك الاستشارات واتجه للتدوين