الموظف فائق الحساسية.. كنز إن عرفت مفاتيح التعامل معه
يعمل تحت إدارتك شخص هو حلم كل مدير فهو عامل جاد وملتزم ويسعى وبشكل دائم لأن يبرع في كل ما يقوم به وينجز المطلوب منه. والأفضل من هذا كله هو أن الموظف هذا يعمل بضمير، وعليه معدلات الثقة به مرتفعة جداً.
لكن الموظف هذا أحياناً يجد صعوبة بالغة في التأقلم مع التوترات المرتبطة بالوظيفة. فالتغييرات في اللحظات الأخيرة، والتي هي متكررة وعديدة في أي مكان عمل، تجعله يدخل في حالة من الهلع، كما أنه يختبر مشاعر عدة «غامرة» تؤثر على إنتاجيته وتركيزه.
الموظف هذا أيضاً يتفادى وبشكل دائم الحصول على تقييم أو إعطاءه لأي شخص كان في حال كان المطلوب منه القيام بذلك.
هو شخص فائق الحساسية أي إنه يعاني من صفة وراثية تجعله ومعه ٢٠٪ من البشر يملكون نظاماً عصبياً حساساً أكثر من غيرهم.
السؤال الذي قد يطرحه أي مدير على نفسه هو ما الطريقة التي تمكنه من إدارة هكذا شخص من دون أن يستنزف وقته وقواه؟
البداية تكون بالتوقف عن اعتبار الحساسية الفائقة عيبا أو خللاً، بل يجب النظر إليها كموهبة يملكها هذا الشخص. فالشخص فائق الحساسية يقارب العالم وكل ما يرتبط به ومن ضمنها الوظيفة من زوايا تختلف كلياً عن مقاربة الآخرين وعلى مستويات أعمق.. وهذا العمق يمكنه أن يحفّز الابتكار والإبداع والنمو المهني.
في الواقع غالبية الذين يصنفون على أنهم فائقو الحساسية يتم تصنيفهم وبشكل دائم في مكان العمل على أنهم ضمن الفئة البارعة والأكثر إنتاجية. أي باختصار: الشخص فائق الحساسية هذا هو واحد من أفضل الموظفين الذين تملكهم.
هذه الفئة عادة تكون محبوبة من المديرين وذلك لأنه يتم تقدير عمق تفكيرهم ولكن في المقابل، الفائض الدائم من المشاعر الحادة يفرض تحديات عديدة على المدير وذلك لأن الشخص نفسه يجد صعوبة في التعامل مع التحديات في مكان العمل والضغوطات المرتبطة به وحتى العلاقات مع الزملاء.
خصال الأشخاص الذين يعانون من حساسية فائقة
لمعرفة الآلية المثالية للتعامل مع الأشخاص فائقي الحساسية يجب أولاً فهم الخصال والسمات التي تميزهم عن غيرهم. الأبحاث أظهرت أن تدفق الدماء في المنطقة المرتبطة بالمشاعر والوعي والتعاطف في أدمغة الأشخاص فائقي الحساسية هي أكبر من الآخرين. وهذا الواقع يجعلهم أكثر تأثراً واستجابة لاحتياجات الآخرين وأحياناً على حساب راحتهم الشخصية.
في المقابل بعض الأشخاص فائقي الحساسية يميلون إلى المثالية كما أنهم يسعون وبشكل دائم لإرضاء الآخرين.
من الخصال التي تعتبر هامة لأي مدير واقع أنهم يتأثرون بالمحفزات الخارجية أكثر من غيرهم بأشواط ما يعني أنه يسهل عليهم الشعور بالتوتر وعدم القدرة على التعامل مع المشاعر الحادة التي يختبرونها حين يرزحون تحت ضغوطات معينة. المواعيد النهائية الثابتة هي مصدر أمان لهم ولكن أي تعديل فيها ولو كان بسيطاً يجعلهم يدخلون في مرحلة من الهلع.
وعلى صعيد آخر، الأشخاص فائقو الحساسية يجدون متعة في وضع الاستراتيجيات وفي التخطيط.. ولكن يسهل عليهم الشعور بالإحباط حين لا يشاركهم زملاء العمل وجهات النظر نفسها.
نصائح لإدارة شخص فائق الحساسية
إدارة شخص فائق الحساسية يرتبط بجعله يشعر بالقوة من أجل حثه على إبراز نقاط قوته، وفي الوقت عينه تزويده بالأدوات التي يحتاج إليها من أجل التعامل مع مشاعره الحادة التي قد تشلّه وتمنعه من الإنتاجية.
المتابعة والسؤال
الموظف فائق الحساسية يميل عادة إلى إخفاء مشاعره والتعامل معها على أنها مشكلة شخصية ومن ضمنها مشاعر التوتر. عادة هم لا يتحدثون حول الأمور التي لا يتمكنون من التأقلم معها وذلك لأنهم يخافون من أن يتم اعتبارهم ضعفاء أو بأنهم لا يملكون المؤهلات الضرورية للقيام بما هو مطلوب منهم. لذلك ما عليك فعله كمدير هو المتابعة، أي السؤال وبشكل دائم عن أحوالهم وليس من زاوية حجم التقدم الذي تم إحرازه في العمل، بل عن أحوالهم النفسية.. فهذه المقاربة والتعبير الصريح عن الاهتمام بوضعهم يجعلهم يشعرون بأن هناك من يفهمهم ويقدرهم.. كما أنه يبقي خطوط التواصل مفتوحة من أجل الحديث عن أي مشكلة محتملة مستقبلية.
تعليمه التأقلم مع المحفزات الخارجية
كما سبق وذكرنا، الموظف فائق الحساسية يتفاعل بسرعة وبقوة مع المحفزات الخارجية، لذلك من الأهمية بمكان إيجاد روتين وعادات تساعده على الإبداع في عمله. مثلاً اختيار مكتب هادئ بعيد عن ضجيج الآخرين له تأثير سحري عليه، خصوصاً أن فائقي الحساسية يكرهون وبشدة أن تتم مراقبتهم وهم يعملون. يمكن أيضاً القيام بين حين وآخر بتدريبه على التعامل مع مواقف قد تطرأ والتي تتطلب منه مواجهتها.. أو حتى تزويده بالخطوط العريضة لآلية التعامل معها على أن يتعامل هو مع التفاصيل.
النقد بلباقة
الموظف فائق الحساسية يتفاعل بشكل أكبر بأشواط من غيره مع النقد، وردة فعله عادة تكون «التصحيح» المبالغ به لدرجة أنه يتأثر نفسياً وبدنياً في محاولة لإرضاء الشخص الذي وجه النقد له. بطبيعة الحال لا يمكنك كمدير عدم انتقاد عمله حين يتطلب منك الأمر القيام بذلك، ولكن حاول أن تقوم بذلك بلباقة تامة وبهدوء وبنبرة واحدة لا ترتفع على الإطلاق ولا تزيد حدتها. والأهم من كل هذا لا ترغم الموظف فائق الحساسية على منحك تبريرات أو جعله يتحدث عن الأسباب التي أدت إلى هذا أو ذاك فوراً. فقط عليك منحه الوقت للتعامل مع مشاعره ثم تقديم ما تحتاج إليه من معلومات لاحقاً.
ربط عمله بشيء ما له معنى
كل موظف يريد أن يشعر بأن عمله له أهمية، ولكن الموظف الفائق الحساسية يعول على هذه النقطة أكثر بكثير من غيره. فهو ملتزم ويكترث كثيراً لمبدأ يعيش وفقه وهو أن عليه أن يحدث تغييراً. هنا عليك استغلال نقاط قوته لأن الأمر سيفيده ويفيدك، فكما قلنا الموظف فائق الحساسية يملك قدرة عالية على التعاطف مع غيره ومهارات ممتازة في التواصل وفي التنظيم الفعال.. في حال كانت المحفزات مفقودة، فسيصبح لا مباليا. كمدير عليك مساعدته على ربط عمله بما هو أشمل وبأهداف أكبر تجعله يشعر بأنه جزء من مهمة ما لها هدفها الذي يستحق الالتزام والعمل بجدية تامة.
المصدر: ١