لماذا كوستاريكا هي البلد الأكثر سعادة واستدامة على وجه الأرض؟
حلت دولة كوستاريكا البلد الواقع في أمريكا الوسطى على رأس قائمة أفضل دول العالم سعادة حيث يتسنى للفرد التمتع بحياة ملؤها الصحة والسعادة والحياة المستدامة، مما جعلها نموذجا ملهما في مختلف مجالات التنمية.
وتعد كوستاريكا من الدول التي تعمل بصمت، وقد يعرفها البعض بشواطئها الخلابة وغاباتها المطيرة وتنوعها البيولوجي وتميّز نكهة البن الذي تنتجه، لكن عدا ذلك قد لا نعرف الكثير عن هذه الدولة الصغيرة التي أصبح معروفة أيضًا بديمقراطيتها المستقرة وارتفاع مستوى التعليم بين سكانها.
على طريقة أفلام هوليوود.. كلمة سر تحرم 100 ألف شخص من مستحقاتهم (فيديو)
ومؤخرا حصلت كوستا ريكا على لقب "أسعد بلد في العالم" وفقا للتقرير السنوي لـ"مؤشر الكوكب السعيد" متفوقة على الولايات المتحدة وكندا وحتى على الدول الاسكندنافية، بعدما أصبحت اليوم نموذجاً يحتذى في تحقيق الاستدامة وحماية البيئة وتمكين الإنسان تعليمياً وصحياً.
ومن المعروف أن كوستاريكا تخصص 8 % من دخلها الوطني للتعليم و9.9 % للصحة، وهي ملتزمة بأجندة التنمية المستدامة، وأول دولة في العالم توقع تعهداً على المستوى الوطني لتحقيق التنمية المستدامة، بمكافحة الفقر وإنهاء انعدام المساواة، وتعزيز الإنتاج، وترشيد الإنفاق والاستهلاك، وبناء المدن المستدامة.
وعزا رئيس رئيس البلاد كارلوس ألفارادو كيسادا خلال منتدى دافوس في يناير الماضي هذه الانجازات إلى التخلص من حكم الجيش قبل سبعين عامًا، وهو ما سمح بالعديد من التغيرات، حيث إن عدم توجيه النفقات إلى القوات المسلحة سمح للبلاد بحماية أكبر للبيئة، والآن تولد كوستاريكا أكثر من 99% من طاقتها الكهربائية عبر مصادر متجددة، أغلبها من السدود الكهرومائية.
ما تطبيق "GetMuv" الذي استثمرت فيه "أرامكو" بـ1.5 مليون دولار؟
كذلك أطلقت كوستاريكا خطة جديدة للاستثمار والتنمية تقوم على 7 ركائز استراتيجية هي الابتكار والبنى التحتية والأمان المجتمعي والصحة والتعليم المستمر واستقرار الاقتصاد الكلي والحفاظ على الطبيعة.
كما خفضت معدلات الفقر، وتقليل الانبعاثات الضارة بالبيئة، وتقليص البطالة، وتعزيز المساواة، مع تطوير الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق ذلك والوصول إلى اقتصاد رقمي مستدام ومبتكر يحمي مستقبل الأجيال القادمة. كذلك عملت كوستاريكا على تبني ثقافة تشكيل الشبكات الاجتماعية القوية من الأصدقاء والعائلات والجيران كما أنها تستخدم ربع الموارد التي تستخدمها عادة بلدان العالم الغربي.
علاوة على ذلك حققت كوستاريكا تقدماً هائلاً في مجال الرعاية الصحية منذ منتصف القرن الماضي، حيث سجلت أرقاماً قياسية نوعية جعلتها تتميز بين دول أمريكا اللاتينية بتوفيرها الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي للجميع. كما أن لديها واحد من أعلى معدلات الأعمار، حيث يبلغ العمر المتوقع للفرد 78.5 عام.
كما عملت كوستاريكا على تعزيز السياحة وخفض معدل القتل الذي وصل الى 12.1 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة عام 2017، وقد نجح ذلك في عدد من البلدان عبر خلق وسائل الترفيه، والوقاية من المخدرات، وتوفير فرص عمل للشباب والنساء.
إضافة لذلك أجرت كوستاريكا مؤخرًا إصلاحات ضريبية قالت إنها ستوفر المال للإنفاق على البرامج الاجتماعية، ولن تضطر إلى وقف أي من برامجها بعد ذلك، ما يعني استقرار الخدمات العامة والتهيؤ لإعادة انطلاق اقتصادها.
وتتويجا لجهودها فقد أصبحت كوستاريكا البلد الأكثر سعادة واستدامة على وجه الأرض، وفقا للتقرير السنوي لـ"مؤشر الكوكب السعيد" الذي أُصدر أربع مرات منذ عام 2006، وهو يركز على الرفاهية وطول عمر السكان والبصمة البيئية لكل البلد، وفي ثلاث مرات من الأربعة إصدارات، حلت كوستاريكا على رأس التصنيف وفي استطلاع آخر أجرته مؤسسة "غالوب" مؤخرًا، حلت أيضا كوستاريكا كواحدة من أسعد البلدان في العالم.
جدير بالذكر أن كوستا ريكا بلد صغير الحجم للغاية حيث تبلغ مساحته واحد وخمسين ألف و100 كيلو متر مربع، فيما يقدر عدد سكانه بـ5ر4 ملايين نسمة، ويعتبر بالنسبة لمعظم شعوب المنطقة بمثابة "سويسرا" أمريكا الوسطى.