العمل لساعات طويلة.. هل يدفعنا للتقدم أم أنه دليل على الفشل؟
التحدث عن عدد ساعات عملك لا يوجد فيه أي شيء يُثير الإعجاب، ولا يظهرك أبدًا كشخص مكافح أو كادح، ولا يضعك في القمة، ولكنه في الحقيقة أمر مُحرج ويدعو للخجل، وبصراحة تامة لا يوجد فيه أي شيء يجعلك تتباهى بنفسك أو يجعلك تشعر بالتفوق على أقرانك الذين يعملون لفترات أقل.
لا يجب أن تتباهى بالقيام بعمل إضافي أو أنك تبذل مجهودًا كبيرًا، لأن الأمر سوف يذكرك بأنه تعاني من الحرمان من النوم، ولا تقضي وقتا كافيا مع أفراد عائلتك، ولا ترى أصدقاءك ولا تشاركهم ما يقومون به، ولا تتناول وجبات لذيذة وشهية في منزلك.
وكان إيلون ماسك، المدير التنفيذي لشركة تيسلا، أدلى بتصريحات صادمة سابقا، وقال إنه يعمل حوالي 120 ساعة في الأسبوع، وكتب تغريدة على تويتر قال فيها: "لا يمكن لأي أحد تغيير العالم إذا لم يعمل 80 أو 100 ساعة في الأسبوع".
الرجل الثاني.. سلاح أي مدير تنفيذي لمواجهة المشاكل وتحقيق النجاح المنشود
الإنتاجية في خطر
وجد عدد كبير جدًا من الدراسات أن هذا غير حقيقي تمامًا، وأظهرت أن الإنتاجية تقل كلما زادت عدد ساعات العمل، وأن الإنسان لا يستطيع تقديم أي شيء مُثمر إذا عمل أكثر من 55 ساعة في الأسبوع، لهذا السبب فإن الشخص الذي يعمل لـ70 ساعة لن يقدم أي شيء أكثر من الشخص الذي عمل 15 ساعة أقل منه، وكذلك لم يستطع ماسك تغيير العالم رغم أنه يعمل أكثر من 17 ساعة في اليوم.
وعلى مدار التاريخ نجد أن العالم داروين لم يعمل سوى 4 ساعات فقط، وكذلك بنجامين فرانكلين مؤسس الولايات المتحدة الأمريكية فلم يكن يعمل سوى 8 ساعات فقط في اليوم.
حاولت شركة تيسلا أن تكون رائدة في مجال صناعة السيارات الكهربائية، ولكنها حتى الآن لم تستطع فعل ذلك، وكذلك شركة سبيس إكس، والتي يتولى ماسك رئاستها أيضًا، فهي تحاول أن تجعل الصواريخ أرخص ولكنها لم تقدم أي شيء حقيقي ملموس.
وإذا تمكن ماسك من تحقيق هدفه بإنشاء مُستعمرة على المريخ، فإنه بذلك سيساعد على تغيير العالم، ولكن هذا صعب وربما يكون مستحيلاً بالنظر إلى أنه لا ينام ولا يتناول فطوره، ولا يمارس تمارين رياضية.
وبغض النظر عن هدفك من العمل لوقت طويل، سواء كنت تريد تغيير العالم مثل ماسك أو فقط تريد الترقية والحصول على المزيد من المال، اعلم أن كثرة ساعات العمل لن تساعدك على تحقيق ذلك أبدًا، ولكنه على العكس تمامًا سيمنعك من بلوغ هدفك المنشود.
الوقت المُثمر
كذلك عليك أن تعلم أن المدير الناجح لن يهتم أبدًا بعدد الساعات التي تقضيها في العمل، ولكنه سيهتم بالنتائج، فربما تبقى في المكتب 9 أو 10 ساعات أو أكثر من ذلك، ولكنك تقضي هذه الفترة في الحديث مع زملائك أو تناول القهوة والشاي وتضييع الوقت هباءً، ولكن ربما تمكث في العمل 6 ساعات فقط ولكنها تكون فترة مثمرة، تنهي فيها الكثير من المهام.
عندما قال ماسك إنك لن تستطيع تغيير العالم إلا إذا عملت أكثر من 80 ساعة، لم يكن بذلك يقدم حجة قوية، ولكنه كان يؤكد أن العمل لساعات طويلة أمر جيد.
وهكذا، فإن هؤلاء الذين يتفاخرون بكثرة عدد ساعات عملهم يكونوا يعربون دون قصد عن امتنانهم وحبهم لمبدأ عفا عليه الزمن، ولا يوجد أي فائدة منه.
خلاصة القول، فإن القادة الحقيقيين لا يحتاجون إلى إثبات قيمتهم من خلال التأكيد على تفانيهم في العمل، فهم لديهم أشياء أفضل يقومون بها.