قلق النجاح
هل بالضرورة، لكي ننجح، أن نقلص نجاحات الآخرين؟ ولماذا يقلق بعضهم من بروز الآخرين؟ ومن قال إن قمة النجاح مدببة؟ فالفضاء يستوعب الكثير والميدان متاح للجميع. الذين يعيشون بهاجس القلق والخوف من نجاحات الآخرين، هم أشخاص عديمو الثقة بأنفسهم, وتالياً يسعون دائماً إلى تحجيم الآخر، ربما ليس كرهاً به، ولكن خوفاً منه.
بؤساء هم الذين يعيشون في أزمة الصراع المزمنة, فهم محرومون من السعادة ومن التواصل الإنساني الطبيعي. تتحول هذه الأزمة إلى عقد مركّبة، فتجد أن الشخصية محيّرة، تحاول أن تبدو بصورة مثالية، ولكنها من الداخل مهترئة. ومهما حاول الشخص، أن يضع من الأصباغ ما يخفي الصورة الحقيقية، فإنه في لحظة تظهر حقيقته، ولو في موقف بسيط.
وهذه حقيقة موجودة في كل مجتمع، ولكن كلما ارتقت المجتمعات، تجاوزت المساحات الضيقة، ونظرت إلى الأفق البعيد والقواسم المشتركة والمصالح المتبادلة. هي عقليات تستطيع أن ترى الإيجابية في كل خطوة، وتستثمرها بدلاً من أن ترى التهديد في كل عمل موجود، فتحاربها.
ما يميّز المجتمعات الناجحة، أنها تقف مع الفاشل حتى ينجح, بينما مجتمعات تحارب الناجح حتى يفشل.
الذي يحارب النجاح، مهموم بمتابعة إنجازات الآخرين، بدل أن يتفرّغ لصنع نجاحات لذاته, فهو لو بذل هذا المجهود الذي يستنفده في المتابعة والحروب والمؤامرات، في صنع أشياء إيجابية، فلربما استطاع أن يحقق نجاحات أفضل ممن يحاربهم, لكن حينما تعمى البصيرة يغيب العقل.
ويحتار الشخص كيف يتعامل مع هؤلاء, وربما أفضل طريقة لمواجهتهم هي تجاهلهم، والردّ عليهم بمزيد من النجاح والإنجاز, فالأفعال صوتها أعلى. الانغماس في ردّ الفعل على من يحاربك، يجرفك في تيار ليس لك، ويشتت جهوداً وطاقات مهمة, فلذلك فن التجاهل أسلوب الكبار.
النجاح متاح للجميع، ومن يستطيع أن يجعل نجاحه وسيلةً، ليس لحصرها في ذاته فقط، بل في توظيفها لمساعدة الآخرين، ودعم المبتدئين، وتحفيز المبدعين. فإحساس الشخص بأنه زرع بذرة نجاح هنا، وأطلق العنان لفكر جديد هناك، يصنع شعوراً عميقاً بالرضا الذاتي؛ هي أشياء لا تشترى، ولكن تشعر بها، وقيمتها ليست في الأرقام، ولكن في الإحساس.
السطر الأخير:
كلّما اشتدت عليك الحروب ضراوة،
تأكّد أنك اقتربت من خط النجاح