عدالة محسومة
من أصعب المحطات التي يواجها الإنسان مرحلة الحسابات؛ ففي كل رحلة هناك نقطة توقف تراجع فيها حساباتك، وربما تكتشف فيها أخطاءك. هي رحلة الإنسان التي تقوده من محطة إلى أخرى. وكثير منا تشغلهم إيقاعات الركض عن رؤية الصورة. فبقدر ما يكون الركض سريعاً، تكون الصور خاطفة والزمن أسرع.
وماذا تفيد حدة الركض واللهاث، وتكتشف لاحقاً أن القضية ليست في الوصول فقط، بل في الاستمتاع بالطريق. حينما يكون نظرنا منصباً على محطة الوصول فقط، فمن النادر أن نلاحظ تفاصيل الطريق. في حين أن الرحلة ذاتها تكون غنية بأشخاص يمنحوننا الكثير ويكونون هم الدعامة الأساسية في مشوار الرحلة، ونتعامل مع هذه العطاءات كأنها شيء من المسلمات. نكتشف ربما متأخرين أننا، ومن دون أن نقصد، ظلمنا اشخاصاً أو بخسنا حق افراد كانوا هم السبب الفعلي في نجاحنا للوصول.
الأنقياء وحدهم هم من تؤنبهم ضمائرهم، ويشعرون بالندم تجاه تقصيرهم ونسيانهم لأشخاص يستحقون منهم الأكثر. وبعضهم قد تتاح لهم الفرصة لإصلاح أخطائهم، وآخرون يكون الوقت قد مضى والأشخاص غادروا. وأحياناً يكون الشق أكبر من الرقعة. وفي كل الحالات لا بدّ من وقفة ومحاولة لإصلاح الأخطاء والوفاء والعطاء للذين يستحقون.
لو ندرك أن الحياة جميلة بمن يشاركوننا تفاصيلها، وأن الوفاء والعطاء يجعلنا في تصالح مع الذات، يجعل للانتصار قيمة وللحياة رسالة.
الانتصارات التي تبنى على الأرقام المادية هي فلاشات كاذبة، عمرها الزمني محدود وعمقها في المشاعر عابر.
هناك عدالة في الحياة تجعل لدينا قناعة بأن ما نستحقه سيأتينا، وأن من يتعامل مع الحياة بأنانية مفرطة ويلجأ إلى الصعود على أكتاف الآخرين، حساباته خاسرة، حتى وإن بدت في لحظة ما أنها تعمل لمصلحته.
نستطيع أن ننجح ونحقق أهدافنا، لكن كل هذا لا يلغي أهمية أن نشكر كل من ضحى من أجلنا أو ساعدنا أو وقف معنا. والشكر ليس بالكلمات، ولكن بالأفعال. فالحياة بدون قيم حياة فارغة، والسعادة هي راحة ضمير وقلب صادق.
السطر الأخير:
.. حينما نردّ الوفاء إلى كل من وقف معنا
تصالحنا الحياة ونحصل على ما نستحق