هل كانت الثغرة تستحق إيقاف "غوغل بلس" حقًا؟
أعلنت غوغل عن إغلاق غوغل بلس نهائياً.. خبر بالتأكيد لم يترك أثره الكبير على عدد كبير من المستخدمين بل كان مجرد مادة إخبارية تتدوالها المواقع والصحف لأن رواد مواقع التواصل لن يندبوا حظهم على عدم إستخدامهم لغوغل بلس مجدداً لأن عدد المستخدمين أصلاً النشيطين قليل.
الإعلان عن موت غوغل بلس «الحالي» مبالغ به لأن الموت هذا يتم الإعلان عنه منذ سنوات طويلة. ولكن ما حصل هو أن غوغل وبسبب ثغرة أمنية تسببت باختراق حسابات ٥٠٠ الف مستخدم قررت إيقافه.
ولكن حتى هذا التصريح مبالغ به، لأن الثغرة وفي حال التمعن بما أعلنته الشركة لا تصنف كثغرة فعلية. فما سبب كل هذه الضجة حول موقع يحتضر منذ سنوات إن لم نقل انه ميت منذ سنوات؟ وما هي هذه الثغرة وهل هي فعلاَ ثغرة تستدعي إغلاق الموقع نهائياً؟
الإعلان عن موت غوغل بلس يتم منذ سنوات
غوغل بلس تم إطلاقه عام ٢٠١١ وهو شبكة اجتماعية كان الهدف غير المعلن لها الإطاحة بفيسبوك. إن وضعتهم كلمة «غوغل بلس ميت» على غوغل فستجدون أن الإعلان عن الموت هذا مستمر منذ العام ٢٠١٥ وذلك لان الموقع وبكل بساطة لم يتمكن من منافسة ءي شبكة تواصل اجتماعية وخصوصاً فيسبوك ففي ذلك العام أي العام ٢٠١٥ تراجعت نسبة إستخدام غوغل بلس ٩٨٪
غوغل بلس كان واحداً من المشاريع الطموحة لغوغل ولكن مشكلة غوغل هي.. أنها غوغل. وبالتالي حين تقرر أن تصمم شبكة ما فهي تصمم وفق رؤية شركة وتستمع للعاملين فيها ولا تصمم وفق رؤية تنمو ولا تستمع لرأي الجمهور الذي يستخدم شبكاتها. وما أثبتته التجربة هي أن رؤية غوغل لمواقع التواصل غير ممتعة وبعيدة عن المرح والخفة فغوغل بلس أتى بعد سلسلة من محاولات فاشلة مع شبكات إجتماعية اخرى من أوكت وريدر وفرند كونكت، ووايف وبز.. ومع ذلك لم يتم تتعلم غوغل ولم تتعظ بل أكملت الطريق نفسه.
في المقابل ووفق شهادات بعض العاملين في الشركة قبل سنوات فإن غوغل بلس صمم لحل مشاكل الشركة الخاصة، وليس لإنشاء منتج يسهل عملية التواصل بين المستخدمين. ثم تم ربطه بالدخول الى كافة منتجات غوغل وبالتالي ما حصل هو أن هناك حسابات عديدة على الموقع ولكن عدد المستخدمين الفعليين قليل جداً.
ماذا عن الثغرة.. هل هي مؤثرة فعلاً؟
سبب هذه الثغرة هو تطبيق الواجهات البرمجية Application Programming Intertface والذي إختصاره هو أيه بي أي API والذي يمكن إستخدامه من أجل الإطلاع على معلومات شخصية للمستخدمين. الـ «أيه بي آي» هو أداة توفرها الشركة لمطوري التطبيقات ولكن إستخدامها ليس عشوائياً بل على المطور تسجيل تطبيقه وتزويد الشبكة بمعلومات وبيانات وضمانات مع توقعيه اتفاقية الاستخدام والتي فيها تعهد بعدم تخزين البيانات وجمعها من دون إبلاغ المستخدمين.
الثغرة تتحمل غوغل مسؤوليتها لان الخطأ البرمجي هو الذي مكن تسريب المعلومات الخاصة بالمستخدمين. في المقابل فإن عدد الذين يستخدمون هذه الخاصية على غوغل بلس هم ٤٣٢ شخصاً ومن المرجح وبقوة أن أي منهم لم يقم بالحصول على بيانات المستخدمين الخاصة.
إستناداً الى تصريح غوغل فإن الجملة التي تم إستخدمها هي «أن حسابات ٥٠٠٠ الف مستخدم يحتمل أن تكون تأثرت بالثغرة». وبالإضافة الى كلمة «يحتمل» فإن غوغل تقول بانها «لم تعثر على أي دليل أن أي من المطورين كان على علم بهذه الثغرة كما أنهم لم يعثروا على أي دليل يؤكد بأن أي معلومات خاصة أسيىء إستعمالها».
كما أن الثغرة تم إصلاحها في شهر مارس من العالم الحالي فالسؤال المطروح هنا، إن تم الإصلاح، ولا يوجد دليل على أن أي معلومات سربت والضرر الذي وقع، بالنسبة للمستخدمين، قليل أو شبه معدوم، فلماذا إغلاق الموقع؟
سبب الإغلاق الفعلي
غوغل لم تعلن عن الخرق ولا عن الثغرة بل تحفظت على المعلومات، فالكشف جاء عن طريق وثائق مسربة الى صحيفة وول ستريت جورنال. المشكلة لم تتعلق بالثغرة بقدر ما تعلقت بالتكتم وهذا يظهر الى أي مدى غوغل مستعدة للذهاب من أجل عدم ظهور اخطائها في الإعلام.
الثغرة تم إكتشافها خلال شهر مارس وهو الشهر نفسه الذي كان فيه فيسبوك يواجه مشكلة أكبر مع فضيحة شركة «كامبريدج أناليتيكا» وتسريب بيانات اكثر من ٥٠ مليون مستخدم من دون علمهم.
٥٠ مليون مستخدم متضرر ولم يقم فيسبوك بنسف الشبكة كاملة بينما ٥٠٠ الف بضرر غير مؤكد نسفوا غوغل بلس!
بعض الجهات بررت الخطوة بانها ترتبط بآلية تعامل الشركات مع الخصوصية ومع الخرق على مواقعها ما يعني أن غوغل حاسمة جداً في هذا المجال. وهناك جهات اخرى تقول بان إغلاق غوغل بلس إستعراض من أجل حفظ ماء الوجه.
الحجة الأولى لا تصمد لانه في الوقت الذي ما تنفك غوغل تكشف عن ثغرات كل المواقع الاخرى من خلال «بروجيكت زيرو» فهي تكتمت علـى الثغرة الخاصة بها، وهذا بالنسبة للخبراء دليل على النفاق .
ولكن من الصعوبة بمكان التكهن ما إن كانت غوغل ستتعرض لهجمة فعلية شرسة بحكم أن عدد المستخدمين لغوغل بلس قليل كما ان الثغرة بحد ذاتها غير مؤثرة. ولكن المشكلة الكبرى هي أنه وبعد فقدان الثقة بفيسبوك أزمة ثقة المستخدمين تطالها. فهي لم تكن لتكشف عن الثغرة ما لم يتم تسريبها .. ما يطرح سؤالا عن الأمور الأخرى التي تخفيها.
وطبعاً هناك نظرية أن الثغرة فرصة ذهبية لغوغل لضرب عصفورين بحجر، التخلص من غوغل بلس وإظهار جديتها وحزمها بالتعامل مع الخروقات.