الذكاء الإصطناعي في محاكم دبي.. هل يمكن فعلاً التقاضي من دون قاضٍ؟ (في انتظار الإنفوغراف)
مع الإعتماد الكبير على الذكاء الإصطناعي في غالبية المجالات، فإن دخوله الى المجال القانوني كان مجرد مسألة وقت. تجارب الإعتماد على الذكاء الإصطناعي في المحاكم بدأت منذ فترة في أميركا ودول غربية أخرى ولكن دبي سبقت هذه الدولة بالإعلان عن مشروعها وهو «تقاض من دون قاض» وهو المشروع الاول من نوعه عالمياً لتصبح المحاكم أول دائرة قضائية على مستوى العالم توظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة التقاضي إذ أن المحاكم الغربية تستخدمه لتقديم الاستشارات والآراء غير الملزمة.
تفاض من دون قاض ..في قضايا محددة فقط
دبي التي ستعتمد على الذكاء الإصطناعي في محاكمها ستحصر مهمامه في مجال الجنح والدعاوى البسيطة. دور الذكاء الإصطناعي سيكون كبديل عن القاضي الجزائي في إصدار وتنفيذ الأحكام المتعلقة في الدعاوى البسيطة. القاضي الإفتراضي سيفصل في ٧٠٪ من القضايا الجنائية التي تكون عقوبتها الغرامة المالية، من دون الحبس أي الجنح فقط كالدخول إلى الدولة بصورة غير مشروعة، العودة بعد الإبعاد، البقاء في البلاد بصورة غير مشروعة، العمل لدى غير الكفيل، العمل بعد الإلغاء، ترك العمل لدى الكفيل، حيازة المشروبات الكحولية، تعاطي المشروبات الكحولية، إعطاء شيك بسوء نية، تظهير شيك بسوء نية، الامتناع عن دفع ما استحق عليه من أجر، التسول والباعة المتجولون، التسبب خطأ في المساس بسلامة جسم الغير، إتلاف الأموال المملوكة للغير، قيادة مركبة تحت تأثير المشروبات الكحولية قيادة مركبة على الطريق دون رخصة قيادة.
كيف تتم عملية التقاضي من خلال الذكاء الإصطناعي؟
العملية برمتها من المفترض أن تستغرق دقائق معدودة إذا أقر المتهم بتهمته. الذكاء الاصطناعي والبرامج الحاسوبية ستتمكن من قراءة الصحيفة الجنائية للشخص المضبوط، وتحديد نوع الجنحة وإختيار العقوبة المناسبة على الفور. كما أن الذكاء الإصطناعي يمكنه توفير خاصية التنفيذ الفوري للعقوبة، وإصدار كف بحث تلقائي إذ أنه كما هو معروف القضايا غير الجنائية بسيطة عادة ويمكن الفصل فيها من دون المحاكمات العادية.
القضايا المعقدة بقاض بشري
كما سبق وذكرنا الذكاء الإصطناعي سيتم توظيفه من أجل التعامل مع الجنح فقط وذلك منطقي بحكم أنه رغم كل التطورات في هذا المجال الذكاء الإصطناعي لا يملك القدرة على محاكاة العقل البشري ولا المشاعر ولا حتى الوعي الخاص به وبالتالي الفكرة العامة المعممة حول «إستبدال» القضاة بآلات مبالغ بها، فكل ما يحدث هو أن القضايا البسيطة القائمة على مبدأ أشبه بمعادلة رياضية هي التي يتم توكيل الذكاء الإصطناعي بالبت فيها.
أين ستكون المحاكمات وكيف ستتم ؟
وفق رئيس المحكمة المدنية في دبي فإن المحاكم هذه ستكون متوفرة في مراكز الشرطة وفي أماكن أخرى يتم تحديدها من قبل المحاكم وتعميمها وهي تعمل على مدار الساعة. المتهم يمكنه التحدث مع القاضي الإفتراضي والقيام بإجراءات المحاكمة والحصول على الحكم بعد إن يختار القاضي العقوبة المناسبة بعد تلقيه بيانات شخصية للمتهم.
وبإمكان أي شخص تم ضبطه على خلفية تعميم، أو بلاغ بجنحة، أو صادر بحقه حكم غيابي، تنفيذ الحكم الصادر من القاضي الافتراضي فوراً بدفع الغرامة في أجهزة مجاورة للمحكمة الافتراضية دون الحاجة إلى توقيفه وعرضه على النيابة أو المحكمة. أيضاً الشحض غير ملزم بالقيام بأي إجراء لإلغاء البلاغ والحصول على « كف بحث» بعد دفع غرامة العقوبة إذ أن النظام سيقوم بذلك بشكل تلقائي.أي أن الملف يصبح نظيفا خلال ثلاث إلى خمس دقائق.
ولكن في حال لم يتم دفع الغرامة فالعقوبة هي الحبس يوماً عن كل ١٠٠ درهم. وفي حال لم يعترف بالتهمة فسيتم توقيفه وإحالته إلى النيابة وإجراء المحاكمات بشكلها العادي.
أي ضمانات موجودة؟
الضمانات هي أن القاضي الإفتراضي وبرامجه سيصممها ويشرف عليها قضاة كل واحد في إختصاصه. كما أن الأحكام الصادرة قابلة للطعن والإستئناف إذا اعتبر المتهم نفسه مظلوماً. وهكذا يعود الى المسار «العادي» حيث يتعامل مع قاضٍ بشري.
الجدلية المطروحة
الى أي حد على المجتمعات أن تعتمد على الآلات في إتخاذ قرارات تؤثر على البشر؟
عندما يتم سؤال البشر عادة عما إن كانت فكرة قاض الكتروني يقرر ما إن كان على البشر الذهاب الى السجن ام لا فكرة جيدة؟ فإن الاجابة ستكون «لا» مدوية.فالرفض هذا نابع من تخوف تحكم الآلات بمصير البشر.
الإعتماد على الآلات في إصدار الاحكام القضائية ليس بالامر الجديد، ففي المحاكم الاميركية يتم الإعتماد على خوارزميات «تقييم المخاطر» من أجل تحديد عقوبة بعض الاشخاص. ولكن المشكلة الأساسية مع هذه الخوارزميات والتي قد تمتد للذكاء الإصطناعي لاحقاً هي أنها سرية، أي ان الدفاع لا يحق له الإطلاع على آلية عمل هذه الخوارزميات ولا ماهيتها.
ولكن هناك الكثير من الامور المعقدة حين يتعلق بالمحاكمات منها ما هو اخلاقي ومنها ما يصب في مصلحة المجتمع. صحيح أن الذكاء الإصطناعي غير متحيز ولا يملك أي أحكام مسبقة ويمكنه إتخاذ قرارات موضوعية بالحد الادنى من الاخطاء. ولكن هناك معضلة الشفافية والجهة التي يجب محاسبتها عند إصدار الأحكام الخاطئة وغيرها من المخاوف التي ستبرز لاحقاً مع بدء العمل بقضاة إفتراضيين.
ما لا تعرفه عن حريق ميريكي العظيم.. سببه ثوب ملعون وضحاياه 100 ألف قتيل