في عصر الذكاء الاصطناعي.. من يملك القرار: المدير أم الموظف؟
الذكاء الاصطناعي أصبح هو المصطلح الأكثر شهرة في الآونة الأخيرة، والذي دخل في كل المجالات من التكنولوجيا المالية إلى التكنولوجيا التعليمية، وما كان يوماً ما يعتبر لا يمكن تطبيقه أصبح واقعاً تجارياً. وعالم الإدارة بات يعتمد على الذكاء الاصطناعي وهو ما سيؤدي إلى تطورات كبيرة فيه، ولكنه لا يمكنه حسم كل القرارات وما زال هناك حاجة ماسة للبشر.
بعض القرارات خصوصاً تلك التي تتعلق بالاستراتيجيات والابتكار والتسويق ستحتاج إلى البشر لاتخاذها لأنها تحتاج إلى البناء على الكيفية والنوعية وإصدار قرارات مبنية على اعتبارات شخصية . فرغم كل التطور الحالي في مجال الذكاء الاصطناعي فإنه لم يتمكن من «فهم» أطر هامة كالمشاعر، والأنسنة، والسياسة التي يجب البناء عليها من أجل اتخاذ القرارات.
دور الذكاء الاصطناعي في حسم القرارات
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يزود العاملين والذين يعملون في مناصب إدارية بمعلومات وتوقعات دقيقة تمكنهم من اتخاذ القرارات خلال فترة زمنية قصيرة. حسم القرارات خلال مدة زمنية قصيرة يعني تسهيل الأعمال وتسريعها وبالتالي مزيد من الإنجازات والأرباح. ولكن هذه الفائدة لا يمكن أن تستفيد منها الشركات في حال كان نظامها الداخلي قائما على بيروقراطية تستهلك الكثير من الوقت وبالتالي يجب العودة إلى المدير الذي بدروه يعود إلى مديره وهكذا دواليك حتى يتم حسم القرار بعد فوات الأوان.
الفكرة بسيطة جداً للحصول على الفائدة القصوى من الذكاء الاصطناعي ، كل العاملين وبمختلف المناصب يجب أن يتم منحهم حق حسم القرارات النهائية بعد الاستعانة به ثم التصرف وفق ما تم حسمه.
القرارات والذكاء الاصطناعي وعلم البيانات
معظم التحليلات والمقالات التي كتبت عن الذكاء الاصطناعي والمؤسسات وتأثيره على القرارات واتخاذها أكدت أهمية وجود فرق عمل مركزية تتضمن الكثير من المتخصصين في علم البيانات. ما يوحي بأن الشركات التي تملك علماء بيانات أكثر من غيرها تملك فرصا أكبر لإحداث تأثيرات أكبر في مجالاتها. ولكن هناك وجهات نظر لا توافق ما يتم طرحه الرأي ووجهات النظر هذه مبنية على دراسات لمؤسسات لم تعتمد على علماء البيانات بشكل كبير وإنما قامت بجعل اتخاذ القرار «أكثر ديموقراطية» وبالتالي منح العاملين في المؤسسات حق الوصول إلى المعلومات والقدرة على حسم القرارات ما أدى إلى إنجاز العمل بفعالية أكبر ونجاح أكبر.
الفكرة هي كالتالي: الذكاء الاصطناعي يقدم ما لديه من تحليلات وتوقعات والموظف عوض أن يقوم بتحويل النتائج الى المدير والذي قد يحتاج لتمريرها لمن يفوقه في المركز وبالتالي إضاعة الوقت والمال، يقوم الموظف بحسم القرار فوراً.
أمثلة نقلت القرار من الجهات العليا وعممته على الموظفين
إير بي أن بي
شركة حققت نجاحات غير مسبوقة وأرباح خيالية وأصبحت الموقع الأول الذي يقصده أي شخص حول العالم. ولكن الموقع هذا قائم على معلومات ضخمة وبالتالي لا يمكن تأجيل حسم القرارات وعليه كان قرار العمل وفق منح كل موظف الحق بالاطلاع على كل المعلومات ومنحه سلطة حسم القرار.
ولكن قبل الانطلاق بذلك قامت الشركة بتدريب موظفيها لامتلاك مهارات التعامل مع المعلومات والأدوات الخاصة بـ الذكاء الاصطناعي وترجمتها إلى خطوات فعلية ملموسة.
وهكذا باتت تملك موظفين يمكنهم التصرف بسرعة واستغلال كل الفرص المتاحة من أجل الإبداع وتحقيق المزيد من النجاح والأرباح. والنتيجة هي أنه منذ إطلاق برنامج التدريب هذا في العام ٢٠١٦ تم إعادة تأهيل أكثر من ٢٠٠٠ موظف، وعدد مستخدمي المنصة هذه زاد خلال فترة قصيرة أكثر من ١٥٪.
شركة يونيليفر
شركة ضخمة تملك فروعاً حول العالم والبيانات الخاصة بها ضخمة للغاية وعليه كان قرار الاعتماد على الذكاء الاصطناعي . الشركة تملك محركاً خاص بها قائم على الذكاء الاصطناعي يتضمن الادوات والبرامج يمكن للعاملين في مكاتبها حول العالم الدخول اليها. المقاربة القائمة على توفير المعلومات و التحليلات أدت الى توزيع الأدوار في مجال إتخاذ القرارات وعلى كل المستويات. واحدة من الأدوات التي تستخدمها الشركة هي «بيبول ورلد» وهي منصة قائمة على الذكاء الاصطناعي يمكنها البحث في ملايين الوثائق الخاصة بالزبائن ومعلومات مواقع التواصل. هذه المنصة يمكنها أن تجيب عن الغالبية الساحقة من الاسئلة التي قد يطرحها اي مسوق في أي مجال كان. وهكذا باتت الشركة تملك مرجعاً موثوق به يمكن العاملين من حسم القرارات بسرعة من دون العودة الى المدير.
تكلفة الإدارة التقليدية
الشركات التي ما تزال تعتمد الإدارة بشكلها التقليدي القائمة على البيروقراطية تغرد خارج السرب وهي متأخرة عن غيرها بعشرات الخطوات. خلال السنوات الماضية التكلفة والوقت الذين يربطان بتحليل المعلومات إنخفض بشكل كبير جداً مع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي فالتحليلات والقرارات باتت أسرع. ولكن الاستخدامات ما تزال محصورة وغالباً ما يتم تخصيص منصات خاصة بأصحاب المناصب العليا الذين يستخدمونها بشكل حصري وبالتالي يتم حجب المعلومات عن الموظفين. الشركات التي جعلت المعلومات متاحة للجميع أثبتت أن المقاربة صحيحة والنتائج إبداع أكبر، وسلاسة في العمل وأرباح أكبر. القرارات وحين يتم توزيعها بشكل منطقي تجعل الشركة أكثر قدرة على الاستجابة لتغييرات السوق وبالتالي لا تفوت على نفسها الفرص.
المصدر: ١