دار طباع للمجوهرات.. قصة نجاح عربية
لبنان يحتضن عدداً من بيوت المجوهرات العريقة والمعروفة عربياً وعالمياً. مهنة العمل بالمجوهرات في لبنان تم توارثها غير الأجيال، فأسس الأجداد ثم حان وقت الأبناء الذي توسعوا ثم جاء الأحفاد.. كل يضيف لمسته وكل يجعل الأعمال تكبر وتصبح أكثر شهرة.
هناك الكثير من العائلات التي حققت نجاحات كبيرة عربياً وعالمياً في لبنان مثل عائلة مزنر، جورج حكيم وتفنكجيان وغيرهم ولكن في موضوعنا هذا سنتحدث عن رحلة واحدة من هذه العائلة وهي عائلة طباع التي حققت شهرة كبيرة عربية وعالمية.
كل شخص يهتم بعالم المجوهرات ولو بشكل بسيط سيكون قد تناهى الى مسامعه إسم العائلة هذه. فلنتعرف معاً على رحلتهم نحو النجاح منذ البداية وحتى يومنا هذا.
ما هو الحل السحري الذي اقترحه ريتشارد برانسون لمشكلة عدم المساواة في الدخل؟
البداية لم تكن مع المجوهرات
قصة عائلة طباع لم ترتبط بالمجوهرات منذ البداية بل كانت هذه العائلة متخصصة في النقوش الخشبية للطباعة الحريرية. العائلة التي تنحدر أصولها من مدينة زحلة التي تقع على خط الحرير توجهت نحو هذه المهنة لأنها كانت مربحة آنذاك ومنطقية. الأجداد عملوا في مهنة طباعة الأقمشة ومن هنا جاء إسم العائلة «طباع» نسبة الى مهنتهم. كانوا يملكون مهارات عالية في الحفر في قطع الخشب والخروج بأشكال هندسية وأزهار وغيرها من الأشكال التي كانت تطبع على الحرير. ثم تطورت المهنة الى الحفر في الفضة والذهب وهكذا بدأ المسار يتبدل ويتحول.
الإنتقال الى عالم المجوهرات
جوزيف طباع الإبن الذي تعلم كيفية النقش على الحرير، كان أول من أدخل عائلته إلى عالم المجوهرات، بعدما أتقن النقش عليها. ثم جاء دور ابنه نايف ليكمل مشواره ومن بعده نجيب، الذي أنشأ محله في شارع «باب إدريس» والذي يعرف اليوم بإسم وسط بيروت. ٥٠ حرفياً عملوا في ذلك المشغل وإستمر على حاله حتى تم إقفاله من أجل التوسع عالمياً إذ كان قرار الإنتقال الى موناكو. وبعد رحلة طويلة حط الرحال بهم مجدداً في بيروت وتم إفتتاح مشغل جديد في العام ٢٠١٤.
الرحلة تبدو مساراً تصاعدياً متكاملاً، فالجيل الاولى طور المهنة من الحفر في الخشب والفضة الى الحفر في الذهب. ثم عمل الجيل الثاني ومن بعده الثالث على ترسيخ العمل في مجال المجوهرات والأحجار الكريمة والأختام الملكية والأميرية لعائلات ملكية عربية أوروبية ومن هناك بدأت سمعة الدار تنتشر بين العائلات الأرستقراطية في العالم العربي أوروبا وآسيا وافريقيا وغيرها. ثم قام الجيل الرابع من عائلة طباع بالعمل على ترسيخ الإسم وربطه بعالم المجوهرات الراقية والأحجار الأكثر نقاوة وندرة في العالم.
حالياً نجيب طباع هو الذي يدير دفة الأمور وهو أكد في أكثر من مقابلة أن سبب النجاح الكبير للعائلة هو الإستمرارية والرغبة الكبيرة بتطوير الذات. فبالنسبة اليه العائلة تناقلت من جيل الى جيل الحرفيات التي تميزها عن غيرها ولكن كل جيل أضاف لمسته الخاصة وتقنياته ما جعلها تستمر بقوة وزخم منذ أكثر من ١٥٠ عاماً.
ماذا أنفق ملياردير العملات الرقمية ثروته على عقارين مستوحيين من ألعاب الفيديو؟
تصميم المجوهرات شغف وعشق
صاحب الدار نجيب طباع عبقري في مجاله وهذا أمر يشهد له به زملاء المهنة. ففي إحدى المقابلات الصحفية ووفق سليم مزنر الذي هو من مالك لدار مجوهرات معروفة عربية وعالمياً فان نجيب طباع « بطل حقيقي في عالم المجوهرات فهو رجل مهني حرفي مبتكر إستطاع أن يصدر أعماله إلى العالم، وهو أمر صعب جداً على من يعمل في هذا المجال».
نجيب وعندما يتحدث عن علاقته بالمجوهرات لا يمكن سوى لمس الشغف والحب والذي يكنه لها. فهو لا يتحدث عن مهنة ولا عن عمل بل عن عشق لا حدود له. تصميم المجوهرات كما يصفه «لذة شخصية، وشغف كبير» يضع فيه روحه وعقله وقلبه.
دخوله الى عالم التصميم تصادف مع إقتراب حفل زفافه، فهو أراد التعبير عن حبه لزوجته المستقبلية ولم يجد في كل التصاميم الخاصة بالعائلة ما يعبر وبشكل دقيق عن المشاعر التي يكنها لها. حينها عثر على الإلهام والرغبة وقام بتصميم قطعة من المجوهرات لزوجته.. وكانت تلك المرحلة التي إبتكر فيها ما يصفه «بشيء مميز لم يصنع سابقاً» وهكذا دخل الى عالم المجوهرات.
العائلات الملكية .. والنجوم والمشاهير
يرفض نجيب طباع الكشف عن أسماء زبائنه من العائلات الملكية العربية وذلك بسبب حرصه الشديد على حقهم في الخصوصية ولكن أكد في أكثر من مقابلة أن بعض أفراد العائلة الملكية السعودية هم من الزبائن المخلصين جداً للدار بالاضافة الى عدد كبير من العائلات الحاكمة في منطقة حوض المتوسط والخليج.
لمسات نجيب طباع كانت حاضرة في زفاف الأميرة تشارلين وأمير موناكو البرت الثاني إذ قام بتصميم العقد الذي تزينت به. العقد لفت أنذاك انظار الجميع وخصوصاً الصحافة العالمية التي تحدثت عنه بإسهاب فهو يجسد روح موناكو ببحرها و أمواجها وأصدافها. تألف العقد من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً مع 1237 حبة ألماس بيضاء مستديرة، وبشكل مستطيل، إجمالي وزنها بالقيراط يبلغ 56.67 قيراطاً، وست ألماسات بيضاء على شكل إجاصة، ويبلغ وزن اللآلئ المستخدمة فيه 143.76 قيراطاً.
نجيب لم يصمم فقط عقد تشارلين بل صمم أيضاً المجوهرات التي إرتدتها وصيفة العروس ووالدة العروس. دار طباع زينت أيضاً ملكة جمال فرنسا، ونجمة هوليوود جينجر روجر كما تعاونت مع ماركات مجوهرات عالمية مثل «بياجيه» كما دخلت عالم صناعة الساعات وتملك مصنعها الخاص في سويسرا.
قصة نجاح تشارلي مونجر.. استعان بالقراءة تحدياً لإهدار أيٍّ من لحظات الحياة