ما العلاقة بين التستوستيرون وأسعار البورصة؟
سؤال قد لا يخطر على بالك لأنه من الناحية النظرية لا علاقة بين الأمرين.. ولكنك مخطئ تماماً فهناك علاقة وثيقة جداً بينهما.
كما هو معروف فإنه وحتى يومنا هذا ما زال الذكور يهيمنون على سوق البورصة.. فلا تجدون في أسواق البورصة سوى الرجال في مشهدية فوضوية يشترون ويبيعون الأسهم.. ولكن البورصة وأسعارها لا تتأثر بواقع هذه الهيمنة بشكلها البديهي ولكن بعامل آخر أقل بروزاً .. هرمون الذكورة التسستوستيرون.
لذلك إن كنت من الفئة التي تشعر بالإحباط من تقلبات أسعار البورصة فيمكنك إلقاء اللوم على هذا الهرمون الذي وبشكل يومي يؤثر بشكل مباشر على الإقتصاد العالمي.
التستوستيرون وتأثيره على القرارات
المستويات العالية من التستوستيرون لطالما تم ربطها بالشخصيات المهيمنة والتصرفات العدائية والمسيطرة. ولكن الهرمون هذا وحين يقوم الجسم بإفرازه بمعدلات عالية يمكنه أن يؤثر على المضاربين في البورصة ما يجعلهم يتخذون قرارات خاطئة أو القيام بتقديرات مبالغ بها.
في دراسة أجراها المعهد التكنولوجي في كاليفورنيا تبين بأن زيادة نسبة هذا الهرمون تؤثر على القدرات الإدراكية الذهنية. ففي تلك الدراسة تم إعطاء مجموعة من المشاركين في الدراسة جرعة من التستوستيرون ومجموعة أخرى عقاراً وهمياً بلاسيبو. ثم تم طرح أسئلة حسابية وإقتصادية بسيطة للغاية. الذين كانت مستويات الهرمون عندهم عالية كانت نتائجهم أسوأ لان نمط تفكيرهم إنحصر في إطار الحدس والبداهة أم الذين كانت مستويات الهرمون عندهم عادية فكروا بتأنٍ وقدموا إجابات صحيحة.
في عالم البورصة الهرمون هذا يجعل الرجال يبالغون بتقدير قيمة الأسهم مستقبلاً وبالتالي يؤثر على سلوكهم وقرارتهم وترتفع معدلات المزايدة ما يؤدي الى سلوك خطير للغاية يؤثر وبشكل سلبي على الأسواق.
النظرية التي تم إختبارها مؤخراً والتي سنتحدث عنها لاحقاً إنطلقت من تأثر البورصة وبالتالي الإقتصاد بهذه العوامل :
-المداولات يمكنها أن تتأثر بعوامل خارجية كالمزاج، نسبة التعرض للضوء ولأشعة الشمس وحتى نتائج أحداث رياضية هامة.
-العاملون في مجال البورصة هم من الرجال.
-التستوستيرون هرمون الذكورة مسؤول عن تحفيز مناطق المتعة والمكافأة في الدماغ وبالتالي يقلص من حجم التوتر.
التستوستيرون وإرتباطه بأسعار الأسهم
التستوستيرون وحين يصبح في مستويات عالية يجعل الشخص أكثر ميلاً للمجازفة وبالتالي الرغبة بتحقيق الربح تصبح أكبر. في دراسة أجريت عام ٢٠٠٨ وبعد مراقبة ١٧ وسيطاً في البورصة لثمانية أيام وقياس مستويات هرمون التستوستيرون عندهم مرتين في اليوم، المرة الاولى صباحاً في ذروة النشاط في البورصة والمرة الثانية بعد إنتهاء جلسة المداولات. وكان يتم بعد قيام المستويات تسجيل الخسائر والأرباح.
تبين بأن نسبة المجازفة عند هؤلاء كانت الأعلى عندما كان الهرمون في أعلى مستوياته.. وذلك لان التستوستيرون جعلهم أكثر ثقة بأنفسهم وبالتالي كانوا يتصرفون أحياناً بشكل غير منطقي في مواجهة فورة أسعار أسهم البورصة الناجمة عن المضاربات.
في دراسة أخرى أجريت مؤخراً وهي الأولى من نوعها والتي حاولت رصد هرمون الذكورة على كل مجالات البورصة طلب من مجموعة من العاملين في هذا المجال تناول نوعين من الأدوية، الأول هو جرعة من التستوستيرون والثاني جل بلاسيبو. وتبين بأن أصحاب المستويات العالية وبعد ٧ جلسات مدوالة قاموا بالمزايدة بشكل مضاعف عن غيرهم وقاموا بعمليات بيع بأسعار أعلى من قيمتها الأساسية والقيام بعمليات شراء بأسعار مضخمة. فالهرمون هذا كلما إرتفع كلما قلل من نسبة القلق والتوتر وبالتالي أثر على القرارات المنطقية وجعلها تنحصر في خانات الحدس والحلول البديهية الأولى.
هرمون الذكورة والفقاعة الإقتصادية
المزيدات المبالغ بها والتقدير المبالغ به لأسعار البورصة المستقبلي والبيع والشراء بأسعار أعلى بكثير من قيمتها الأساسية تؤدي الى الفقاعة الإقتصادية.. وفي هذه الحالة الى فقاعات إقتصادية عديدة خلال فترات قصيرة.
في الدراسة نفسها التي تحدثنا عنها أعلاه تم أيضاً رصد كيفية نشوء هذه الفقاعات ومدتها تنفجر وبالتالي يحصل الهبوط المفاجئ والحاد في أسعار هذا السهم أو ذاك.
عمليات البيع والشراء ومعدلات الدوران عند أصحاب النسبة المرتفعة من هرمون الذكورة كانت أعلى بكثير من غيرهم كما أن الفارق في الأسعار بين المجموعتين كان كبيراً وفي كل جلسات المداولة. أصحاب النسب المرتفعة من التستوستيرون إنصب تركيزهم على الشراء بسعر مرتفع والبيع بسعر أكثر إرتفاعاً كما أنها أبطأت عملية دمج القيمة الأساسية للأسهم. فكلما إرتفع الهرمون كلما كانت التوقعات غير واقعية وغير منطقية. كما أن التركيز المطلق على البيع والشراء يؤدي الى الفقاعة الإقتصادية والإنهيار في نهاية المطاف.
هل من حلول؟
القائمون على الدراسة أكدوا بأن على الجهات المعنية حكومية كانت أم شركات خاصة أن تدرك التأثير الكبير لهذا الهرمون على التصرفات المالية.. والنتائج القائمة على المجازفة والمبالغة بالتقديرات تؤدي على عواقب وخيمة على الشركات المعنية وعلى الإقتصاد المحلي وبالتالي الدولي. الخطر الإقتصادي المرتبط بإرتفاع نسبة هرمون الذكورة يطال الجميع وعليه من الأهمية بمكان التعامل مع الأمر بجدية.
التوصية التي قدمتها الدراسة هي بتخصيص وقتاً مستقطعاً يسمح للعاملين في مجال البورصة بالهدوء وبالتالي عودة مستويات الهرمونات الى طبيعتها وذلك للخروج من تلك الحلقة من «الإيجابية الإستثنائية» التي يكون فيها المضارب. هذه الفترة تسمح بالعودة مجدداً الى التركيز على تقييمات الأصول الأساسية وكما أنها تضع حداً للقرارات المدفوعة بالحدس وبهرمون الذكورة.