هل الرجل العربي فعلاً متناقض؟
أول ما يتهم به الرجل العربي هو أنه متناقض يعتمد معايير مزدوجة بحيث يبيح لنفسه ما يريد ولكنه يحرمه على غيره.
التناقض هذا يتجلى بشكل واضح لا لبس فيه من خلال علاقته بالمرأة، سواء كانت هذه المرأة هي أمه أو شقيقته أو حبيبته أو زوجته أو أي إمرأة في حياته تجمعه بها علاقة إجتماعية أو أسرية وغيرها.
الإنسان البشري بشكل عام مخلوق معقد، وحين يتعلق بالأمر بما هو نفسي فإن التعقيدات هذه تتضاعف. والتناقض أحياناً منطقي وطبيعي ووسيلة للنجاة في هذا العالم، ولكن هذه التناقضات «الطبيعية» محصورة في إطارات محددة بينما الرجل العربي يأخذها الى مستويات مختلفة كلياً.. متطرفة ومخيفة.
التناقضات هذه عديدة جداً وتطال كل تفصيل من تفاصيل الحياة بعضها في الحياة العامة والاجتماعية وأكثرها في العلاقة مع النساء في حياته.
التناقضات الأخلاقية والإجتماعية
الرجل العربي يحاول كل ما بوسعه المحافظة على خصوصيته، وأي شخص يتناول اموره الخاصة سيتم التعامل معه بالطريقة المناسبة، ولكن في المقابل خصوصية الاخرين مادة للنقاش العام، ولا بأس بذلك فهي مجرد أحاديث عابرة تبدأ بـ«هل تصدق بانه قام بذلك .. أو هل عرفت..».
الجار أو زميل العمل الذي إشترى سيارة جديدة متبجح مدع ومحب للقشور والتفاهات، ولكن حين يشتري هو سيارة جديدة فهذا حق له، فهو يستحق سيارة جديدة.
يكره العنصرية والقبلية والطائفية والتعصب الرياضي وينتقد كل من ينجر خلفها ولكن بمجرد أن يصطدم برأي يخالف رأيه أو بمجرد أن يسمع رأي ينتقد وبقسوة الجهة التي «ينتمي» اليها فإن دمه «يفور».
عناد الاخرين يستفزه وبل قد يدفعه للدخول في جدالات ومشاجرات معهم ولكن في المقابل حين يكون هو عنيداً، فإن ذلك يصنف في إطار المنطق.. فمعلوماته وقناعاته مبنية على وقائع وحقائق وليس كما هي حال «الجميع» عناد بل أسس وبلا منطق!
في الحياة المهنية
الزميل الذي يتملق الرئيس مكروه وبلا كرامة، اما حين يقوم هو بذلك بنفسه فهذا لا يصنف كتملق بل «علاقة» ودية مع المسؤول عنه.
العمل الشريف هام يشجع عليه الرجل العربي، وفي المنطق المعتمد من قبله هو أنه لا يوجد وظيفة «معيبة» فكل من يجني المال بعرق جيبنه يستحق الإحترام. ولكن عندما يصل الامر اليه فهو لن يقبل بوظيفة «مهينة». وفي الإطار نفسه هو يصفق للشبان والشابات اللواتي يعملن في وظائف متواضعة خلال العطلة الصيفية أو بداوم جزئي خلال الشتاء ولكنه يرفض بشكل قاطع قيام أولاده بذلك.. فهل سيقبل بأن يقول عنه محيطه بأنه لا يمكنه إعالة أولاده !
كل من يعتمد الواساطة فاسد ويشجع على الفساد ولكن عند التوظيف أو مراجعة أي وزارة أو أي أمر ما فإن أول ما يحاول الرجل العربي فعله هو البحث عن واسطة تسرع له ما يريد إنجازه. هو ينتقد إبن فلان الذي وصل لمنصبه بسبب علاقات والده، ولكن حين لا يتمكن ابنه من الدخول الى مؤسسة ما أو تحقيق منصب ما فإن الإتصالات بالجهات العليا تبدأ.
في الحب
التناقضات لا تعد ولا تحصى في الحب. وهي تبدأ من أصغر الأمور ولا تنتهي عند أكبرها.
الرجل العربي بشكل عام يتعامل مع من يحب وفق مقاربات متناقضة بشكل مخيف. مثلاً يحق له أن يقع في حب شقيقة صديقه، ولم لا، فهو رجل محترم تتمناه أي فتاة وعلى صديقه أن يكون في قمة السعادة ولكن في المقابل الويل لصديقه إن وقع في غرام شقيقته. فحينها سيكون صديقه عديم الكرامة والوفاء والطاعن بالظهر الذي لم يحترمه والذي خان ثقته بعد أن وثق به وسمح له بالدخول الى منزله.. فكيف رد له الثقة هذه ؟.. بالخيانة وبالوقوع في غرام شقيقته.
حين يرتبط بعلاقة حب فإن الرجل يريد منها أن تتقبل واقع أن حياته ستستمر على ما هي عليه ولكن عليها في المقابل أن تبدل حياتها كلياً من أجله.. في الواقع حياتها قبل أن تقع في حبه عليها نسيانها بشكل كلي.
يسمح له بالمحافظة على صداقاته مع الفتيات ولكن ذلك ممنوع عليها.. فليس هناك أي سبب يبرر رغبتها بالمطالبة حتى بذلك.. وحتى انه لن يتقبل جرأتها بالمطالبة بذلك. وفي حال اتصلت به يوماً وكان في جلسة تناول قهوة مع صديقة ما فعليها تقبل الامر برحابة صدر فالأمر بريء للغاية أم في حال تم العكس فهو على الارجح سينفصل عنها.
في الزواج
بكل بساطة يحق له ما لا يحق لها. فإن اتصلت به زميلة عمل أو صديقة وتحدث معها بخفة ومازحها فإن ذلك «عادي» .. أما إن قامت هي بالمثل فإن أبواب الجحيم ستفتح على مصراعيها، فكيف يتجرأ بالإتصال بزوجته، وكيف تتجرأ زوجته على فتح المجال له كي يسمح لنفسه بالإتصال، كيف تمكنت من إهانة رجوليته من خلال المزاح معه!
في حال أقدم الرجل على الخيانة فهو يتوقع بأن يكون هناك مساحة لمسامحته وبأن تعيد الزوجة النظر في موقفها وذلك للمحافظة على العائلة وعدم تدمير الأسرة، اما في حال اقدمت هي على الخيانة فلا مجال لمعرفة ما قد يقدم عليه ولكن بالتأكيد لا مسامحة ولا تساهل ولا حتى تعامل طبيعي، بل غضب ساطع لا حدود له.
عليها تفسير كل تصرفاتها بينما هو بحل من كل هذا. لغته عادة تميل الى الاوامر وتبدأ «لا تقومي ولا تفعلي» ولكن في حال اعتمدت زوجته اللغة نفسها فهي مسترجلة تحاول فرض سيطرتها والانتقاص من رجوليته.