"الرجل" في جولة خاصة داخل مصنع "بياجيه" .
جورج الريس- جنيف:
هناك الكثير من القصص والأقاويل التي تناولت موضوع ساعة بياجيه، ولكن أكثرها عادية واستثنائية في آن واحد بدأت في العام 1874 حين قرّر جورج إدوار بياجيه، وهو في التاسعة عشر من عمره، تأسيس ورشة صغيرة لصناعة الساعات في مزرعة العائلة التي تقع في قرية صغيرة في جبال جورا السويسرية تدعى "لاكوت أو فيه". وبدأ بياجيه الشاب بتصنيع الساعات ذات الحركات العالية الدقة تلبية لطبات تأتي من أشهر شركات الساعات السويسرية آنذاك. وهكذا مع مرور السنين أصبحت صناعة الساعات تقليدا عائليا تتوارثه أجيال العائلة جيلا بعد جيل من أب إلى إبن ثم إلى حفيد، إلى أن اتخذ منعطفا حاسما في العام 1943، حينما قرّرت عائلة بياجيه، استنادا للنجاح الذي لاقته الساعات التي كانت تقوم بتصنيعها، تسجيل الماركة كعلامة تجارية والبدء بانتاج الساعات وللمرة الأولى بإسمها الخاص أي "بياجيه". ومنذ ذلك الحين وتكريسا للتراث والتمييز كان هذا المنعطف في تاريخ الشركة خطوة عملاقة لحقتها أخرى في العام 1945، عندما قام جيرالد وفالنتين بياجيه، حفيدي جورج، ببناء معمل جديد ما لبث أن أصبح الأرضية المثالية لحقبة من النمو قلما شهدتها صناعة الساعات في سويسرا.
بياجيه ليست كغيرها من الساعات السويسرية العالية الدقة، وكثيرة هي الاشياء التي تميّزها عن غيرها من الماركات الرفيعة الأخرى. تتعايش بل تندمج في مصنعها أعلى الكفاءات الحرفية التقليدية مع أحدث التطورات التكنولوجية سعيا لتحقيق التكامل المثالي دون أن تغيب عن هذه العملية يد الإنسان في كافة مراحل التصنيع لاستيفاء أرفع المعايير والمقاييس التي يمليها عزم الشركة تحت شعار "قم دائما بأفضل من المطلوب".
وكونها الشركة الوحيدة التي وضعت تصنيع الساعات وأحد أهم مراكز تصميم وتصنيع المجوهرات المتطورة والمتكاملة تحت سقف واحد، حيث يقوم أمهر الخبراء والفنانون في مجال الأحجار الكريمة بتصميم وترصيع الساعات والمجوهرات في دقة قلما تصل إليها الماركات الأخرى سعيا وراء أرفع معايير الجودة. فأصبح الشغف بالجمال والولع بالأناقة رمزين تتميّز بهما بياجيه عن غيرها من الماركات، ناهيك عن الحصرية التي تمّيز ساعاتها عن الأخرى إذ لا يتعدى إنتاجها العالمي 25 ألف ساعة فقط سنويا.
أما الدقة والأناقة والجمال وغيرها من الميّزات التي تضيف على ساعة بياجيه رونقا وامتياز، ليست المعايير الوحيدة التي تميّزها عن غيرها. بياجيه كانت ولا تزال الرائدة في صناعة أرقّ ساعة في العالم حتى الآن في فئتها. فبعد تربّعها على هذا العرش لمدة فاقت نصف قرن تفوّقت خلالها على غيرها من الماركات، جاءت اليوم لتحطم رقما قياسيا جديدا برقة لم تتجاوز 3.65 ملم للعلبة والحركة معا. وهذا ما يمكن أن يثير الدهشة إلا أذا علمنا أن أحد عناصر الساعة مركّب بدوره من 42 قطعة مصنوعة من التيتانيوم ولا يتجاوز وزن جميع هذه القطع 0.2 غرام.
ولكن ما يجعل بياجيه فريدة من نوعها ليست فقط تصاميمها الرائعة ودقة حركاتها وكونها من بين شركات تصنيع الساعات القليلة جدا التي تنتج جميع ساعاتها من الألف إلى الياء، وإنما اتجهاها إلى تصنيع عدّتها ولوازمها وأدواتها الخاصة بالإنتاج، المصنوعة عادة من الفولاذ الصلب، لتثري ساعاتها بقيمة إضافية قلما نجدها في ساعات أخرى.
عند الحديث عن بياجيه لا مفر من التطرق إلى ساعة PIAGET ALTIPLANO 38MM 900P، أرقّ ساعة في العالم ضمن فئتها ذات الحركة المكانيكية ويدوية التدوير. صُنعت من الذهب الأبيض من عيار 18 قيراط، ودُمجت فيها المعايرة مع العلبة لتشكّل جزء واحد لا يتجزأ وذات السوار الأسود المصنوع من جلد التمساح. عدد أحجارها يصل إلى 20 وأجزاؤها 145. ولقد صُنع هذا الطراز أيضا من الذهب الوردي اللون والسوار الرمادي الداكن لإرضاء جميع الأذواق وتلبية كافة الرغبات.
أستغرق إنتاج طراز PIAGET ALTIPLANO 38MM 900P ثلاث سنوات ولكن الشركة القائمة على شعار "قم دائما بأفضل من المطلوب" لم تكتف بهذا القدر من الكمال والمثالية وقررت إضافة رونقا جديدا عليهما، جاء على شكل 78 ماسة بتقطيع بريليانت ومقدار 0.71 قيراط، أضافت إلى النموذج الأول جمالا وأناقة فريدة. ومع ذلك لم تتوقف عند هذا الحد، فمضت قدما لتلبية أذواق أخرى فريدة وحصرية. فقام المشرفون والمصممون على هذا الطراز بترصيع علبة الساعة بـ 30 ماسة بتقطيع باغيت بلغت 1.36 قيراط و267 ماسة بتقطيع بريليانت ومقدار 1.86 قيراط، وترصيع مينائها بـ 33 ماسة أخرى بتقطيع باغيت بلغت 1.41 قيراط، وترصيع مشبكها الثلاثي الطية بـ 23 ماسة بتقطيع بريليانت ومقدار 0.05 قيراط، لم تتعدى سماكتها 5.65 ملم ولكنها ما زالت أرق ساعة في العالم ضمن فئتها.
ولا تقتصر مصنوعات ماركة بياجيه على الساعات فقط، فالمجوهرات الفاخرة والرفيعة تحتل أيضا مركزا مرموقا فيها حيث يعمل فريقا من المصممين من ذوي الخبرة العالية والتجربة الطويلة لتقديم أروع التصاميم التي يقوم الحرفيون بتصنيعها يدويا من الذهب الأصفر أو الأبيض وترصّع بالماس وغيره من الأحجار الكريمة المتعددة الأحجام والألوان تضفي على التصاميم رونقا لا مثيل له وتمنحه حصرية يتباهى به الزبون لكونها القطعة الوحيدة في العالم من نوعها وتصميمها.
ولكن بياجيه لم تكتف حتى بهذا القدر من الكمال، بالبرغم من براعة ومهارة جميع الخبراء العاملين في مصانع الشركة، إن كان في مجال الساعات أو المجوهرات، فإن الشركة تصر على أن تخضع جميع منتوجاتها من الساعات والمجوهرات قبل عرضها في الأسواق أو تسليمها للزبائن لمراقبة دقيقة تضمن من خلالها الجودة والدقة.
بياجيه ليست فقط ساعة في غاية الدقة والرقة والكمال، كما وليست فقط مجرد مجوهرة كغيرها من المجوهرات، بياجيه هي قطعة فريدة من نوعها وفي غاية الحصرية، استغرق تصميمها وصنعها من الألف إلى الياء بين ثلاثة وأربع سنوات، وأشرف عليها فريق من المهنيين والحرفيين والخبراء كي يضمنوا جودة قلما وصلت إليها اليد البشرية. ولقد عوّدت الماركة زبائنها على هذا المستوى من الجودة والجمال بطريقة تلزمها على التجديد والابتكار الدائم والمنتظم تلبية لأذواقهم وطلباتهم، وربما هذه هي الطريقة الوحيدة التي تحافظ فيها الشركة على هذا المستوى من المثالية.
فأصحاب الذوق الرفيع ومحبي الجمال والأناقة والذين يسعون دائما من أجل الكمال ولا يقبلون إلا بالأفضل، على موعد دائم مع بياجيه ومع حصرية ساعاتها ومجوهراتها التي ليست فقط قطعة فريدة من نوعها وإنما إرثا تتبادله الأجيال واحدا تلو الآخر مخلّدا بذلك ذكرى جورج بياجيه والأمبراطورية التي وضع أسسها عندما كان في التاسعة عشر من عمره والتي تحتفل هذه السنة بعيدها الأربعين بعد المئة.