كيف تحافظ على أغلى مفاصل جسمك؟
26 نوفمبر 2013
الرياض – د. حسن محمد صندقجي:
الرجال عُرضة للإصابة بأمراض روماتزم الفصال العظمي osteoarthritis، أو ما يُسمّى بالعامية "الروماتزم". وأكثر الإصابات الروماتيزمية، تلك التي تطال مفاصل الركبة أو الورك أو العمود الفقري. والإحصاءات العالمية تشير إلى أن 80% من الأشخاص فوق سن الستين لديهم علامات تدل على وجود الروماتزم، ومن هؤلاء 60% يُعانون من أعراض مرضية مزعجة، أهمها الألم، وبدرجات متفاوتة، وهو ما يتطلب منهم طلب المعالجة لتسكين الآلام تلك. وكذلك طلباً لمعالجة التداعيات التي تتطوّر مع الوقت في المفاصل المتأثرة، والتي من أهمها إعاقات قدرة استعمال المفصل براحة مع الحركة البدنية للجسم. كما تشير الإحصاءات إلى أن معدلات الإصابة بأمراض روماتزم الفصال العظمي هي نحو 7% بين مجمل السكان في الولايات المتحدة، وأن معدلات الإصابة بتلك النوعية من الروماتزم في مفصل الركبة وحدها هو 3،7% (ثلاثة فاصلة سبعة).
روماتزم الفصال العظمي هو من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، وهو عمليات تلف غير قابلة للتعديل أو التجديد، تُصيب الأنسجة الغضروفية في المفاصل. ومعلوم أن نهايات العظام في ملتقى المفصل، مغلفة بطبقة من الأنسجة الغضروفية. ومهمة هذه الأنسجة العمل على تقليل الاحتكاك الناتج من حركة المفاصل الدائمة، خلال الحركات البدنية التي يقوم بها الجسم في حال المشي أو الوقوف أو الجلوس، أو أداء المهام كالأكل أو استخدام الأجهزة وغيرها. كما تعمل هذه الأنسجة كوسائد لحماية العظام.
وتآكل هذه الطبقة الواقية للعظم بسبب مرض روماتزم الفصال العظمي، يُؤدي إلى تعرية نهاية القطع العظمية الموجودة في المفصل، وبالتالي تحتك العظام بشكل مباشر بعضها مع بعض، ويصحبُ هذا الاحتكاك التهابات تُصيب داخل المفصل، تُرافقها آلام متفاوتة الشدة. كما يُؤدي استمرار حصول تلك الالتهابات مع مرور الوقت، إلى تشوّهات في شكل المفصل، وإلى الحدّ بشكل متدرّج من قدرات الإنسان على استخدام المفصل بشكل واسع، وبالتالي تدنّي مدى حرية القدرة على أداء الحركات للأطراف أو العمود الفقري. ولأن مفصلي الورك والركبة هما المفصلان الأكثر تحملاً لوزن الجسم، فإنهما الأكثر عُرضة للتسبب بالإزعاج والآلام للمُصاب بتلك النوعية الشائعة من الروماتزم.
ونهاية مطاف الجولة الأولى من روماتزم مفاصل الركبة والورك، هو اللجوء إلى إجراء عمليات جراحية لاستبدال المفاصل الطبيعية بمفاصل صناعية. ونقول الجولة الأولى لأن مجرد تثبيت تلك المفاصل الصناعية وزراعتها ليس نهاية المشكلة، بل بداية مراحل جديدة من المعاناة، نتيجة تطلب تلك العمليات أنواعاً من العناية الطبية والعناية بالنفس، لكي تعلو فرص نجاح الاستفادة من العملية ولتطول المدة الزمنية التي يتمكن المفصل الصناعي فيها من العمل بكفاءة.
ولكن، هل بالضرورة أنه على كل إنسان مُصاب بروماتزم الفصال العظمي، أن يخضع يوماً ما لعملية استبدال المفصل؟ الجواب بالطبع: لا، وهو ما تشهد به نتائج العمل الصحيح لمعالجة المفاصل المُصابة، والتي من أهم منْ يقوم بها هو المريض نفسه.
إن معالجة إصابة إنسان ما بروماتزم الفصال العظمي، تتطلب إدراك المريض لحقيقة مفادها، أنه هو سيكون اللاعب الأهم في حماية نفسه وصحته، وهو اللاعب الأهم في حفاظه على مفصل جسمه من التعرّض للمزيد من التدهور. وبالرغم من حصول أي مرض في جسم الإنسان، فإنه كما يُقال: لا تزال ثمة فرص كثيرة لتخفيف الضرر عن الجسم، ولا تزال ثمة فرص كثيرة للحيلولة دون تفاقم المشكلة وتدهور تداعياتها ومضاعفاتها.
الوزن الطبيعي للجسم، والتمارين الرياضة لتقوية العضلات المساندة للمفصل، وللرفع من درجة المرونة في حركته، هي المفاتيح الأهم. وعليه هي الوسائل الأمثل لدرء احتمالات الاضطرار إلى اللجوء للعمليات الجراحية لاستبدال المفاصل تلك. والمريض قد يعتقد أن ليس بالإمكان فعل شيء، وأن اللجوء إلى تلك العملية هو الحل السحري، ولكن هذا غير صحيح. ففي الطب خصوصاً، وفي الحياة عموماً، لا تُوجد حلول سحرية، بل هي الواقعية في التعامل مع المشكلات الصحية. الدكتور إيريك بريكسون، مدير مركز الأداء الرياضي التابع لجامعة هارفارد، بمستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن بالولايات المتحدة يقول: "التمارين الرياضية وفقد الوزن الزائد، هما بالفعل خط الدفاع الأول، وهما يُساعدان في منع الشعور بالألم ويُساعدان في منع الاضطرار للجوء للعملية الجراحية".
التمارين الرياضية
العامل الرئيس لمنع الاضطرار إلى اللجوء للعملية الجراحية، هو تقوية العضلات التي تدعم المفصل. وللتوضيح، مفصل الركبة يحتوي على نهايات عظمة الفخذ مع بدايات عظام الساق. ومفصل الركبة مدعوم بمجموعة من العضلات التي تعمل على إبقاء المفصل في وضعية تمنع اقتراب نهايات عظمة الفخذ مع بدايات عظام الساق. ومجموعة العضلات هذه هي أولاً: "العضلة الرباعية" quadriceps التي تشكل الكتلة الكبرى في الجزء الأمامي لفخذ الإنسان. ثانياً: "عضلة أوتار الركبة" hamstrings في المنطقة الخلفية للفخذ. هاتان العضلات تشكلان المساندة الأمامية والخلفية لمفصل الرطبة، وبقوتهما تبقى النهايات العظمية داخل مفصل الركبة بعيدة بعضها عن بعض. إن المفتاح لحماية الركبتين من أي ألم أو إصابة هو تقوية العضلات التي تدعم الركبة. إذا كانت العضلات ضعيفة فإنها لا يمكن أن تدعم مفصل الركبة بشكل صحيح، أو تكون قادرة على امتصاص الصدمات. ثم إن هذه الصدمات تصل إلى الركبة وتتسبّب بالضرر فيها. ويمكن ممارسة تمارين تساعد على جعل الركبة أقوى، وبالتالي تقليل خطر الإصابة. وقبل بداية أي نوع من أنواع التمارين الرياضية، هناك خمس دقائق من عملية الإحماء كي ترفع من تدفق الدم بشكل متدرج إلى منطقة العضلات المراد تمرينها وإجهادها.
ويقول ديفيد نولين، اختصاصي العلاج الطبيعي في مستشفى ماساتشوستس العام:" في كل مرة نمشي أو نهرول أو نحمل أي أثقال، فإن العضلة الرباعية في مقدمة الفخذ، تعمل على امتصاص الصدمات التي تنجم عن ارتطام القدم بالأرض، أو عن ثقل وزن الشيء الذي نحمله. وهذا الامتصاص للقوة يُخفف العبء عن المفصل وتراكيبه الداخلية". وبناء قوة للعضلة الرباعية الأمامية ولعضلة أوتار الركبة الخلفية، بما يُمكنهما من خدمة مفصل الركبة على أفضل وجه، يتطلب أداء تمارين لتقويتهما. والتمارين تبدأ من خلال مراحل الخطوات التالية:
أولاً: تمارين تقوية عضلات الفخذ الأمامية
عضلات الفخذ الأمامية أهمها "العضلة الرباعية"، وسُمّيت بذلك لأنها تتكون من أربعة أجزاء موجود في الجزء الأمامي من الفخذ، والجزء الأمامي من عظم الساق، أسفل الركبة. وهنا وصف لثلاثة أنواع من التمارين لهذه العضلة المهمة:
تمارين تعزيز انقباضات عضلات الفخذ
1. الجلوس على كرسي وتمديد الساقين.
2. يجب أن يلمس كعب القدم الأرض، وأن تكون الركبتان على التوالي باستقامة متوازية.
3. شدّ عضلات الفخذ، والبقاء على هذه الحال من الشدّ لمدة العد من 1 إلى 10.
4. إرخاء عضلات الفخذ، والبقاء على هذه الحال لمدة العد من 1 إلى 3.
5. تكرار تنفيذ كل تمرين 10 مرات، وبذلك تكون قد قمت بجلسة واحدة من التمارين الخاصة بتعزيز انقباض عضلات الفخذ.
6. قم بتكرار أداء الجلسة الواحدة مرتين أو ثلاث مرات في يوم واحد.
تمارين تعزيز قدرة رفع الساق بتقوية عضلات الفخذ
1. تمدد على الأرض مستلقياً على الظهر.
2. اثنِ الركبة اليسرى بزاوية تسعين درجة، مع الحفاظ على إبقاء أسفل القدم ملامساً لسطح الأرض.
3. أبقِ الساق اليمنى مستقيمة، ثم حرّكها صعوداً حتى تصل إلى ارتفاع الركبة اليسرى.
4. أبقِ الساقين في هذا الوضع لفترة العد من 1 إلى 3.
5. اخفض الساق اليمنى إلى وضعها الأول.
6. كرر هذا التمرين 10 مرات.
7. قم بتبديل تمرين الساقين، أي اثنِ الساق اليمنى وارفع اليسرى.
8. مجموعة التمارين هذه هي تمرين واحد.
ثانياً: تمارين تقوية عضلة أوتار الركبة
تقع عضلة أوتار الركبة في الجزء الخلفي من الفخذ والجزء الخلفي من عظم الساق، أسفل الركبة. وهنا وصف اثنين من التمارين المتعلقة بها.
تمارين تقوية انقباضات أوتار الركبة
1. اجلس على كرسي مع إبقاء كعب القدم على الأرض.
2. دوّن تحريك كعب القدم عن سطح الأرض، قم بسحب القدم وشدّها ، وستشعر بتوتر الشدّ في أوتار الركبة.
3. أبقِ على الوضع لمدة العد من 1 إلى 10.
4. خفف توتر الشدّ وعد إلى وضع الراحة بمقدار العد من 1 إلى 3.
5. قم بتنفيذ تكرار هذا التمرين 10 مرات.
6. مجموعة التمارين هذه هي تمرين واحد.
7. تعزير قدرة مرونة الالتواء لضفائر عضلة أوتار الركبة
8. تمدّد على الأرض مستلقياً على البطن.
9. ضع القدم اليسرى على الجزء الخلفي من كعب القدم اليمنى.
10. اسحب كعب القدم اليمنى نحو الأرداف وفي الوقت نفسه، قاوم حركة القدم اليمنى باستخدام ضغط القدم اليسرى، أي كأن القدم اليسرى تحاول منع القدم اليمنى من الوصول إلى منطقة الإلية.
11. هذه الحركة المقومة من القدم اليسرى تزيد من قدرة مرونة الالتواء لضفائر عضلة أوتار الركبة اليسرى.
12. حافظ على هذه الوضعية من الشد والمقاومة لفترة العد من 1 إلى 10.
13. خفّف توتر الوضعية هذه بالعودة إلى وضعية الراحة، لمدة العد من 1 إلى 3.
14. قم بتكرار هذا التمرين 10 مرات.
15. مجموعة التمارين هذه هي تمرين واحد.
16. وهذه التمارين تتطلب أن تُمارس وفق تدريب المتخصص في العلاج الطبيعي، ذلك أن الوصف الكلامي، مهما كان دقيقاً، لا يُمكنه توضيح الحركة الصحيحة والحركة المناسبة لعمر الإنسان وحال عضلاته وحال مفاصل جسمه. ولذا فإن البدء في أداء تمارين تقوية عضلات مساندة مفص الركبة يجب أن يتم تحت إشراف متخصص في العلاج الطبيعي، وأن يتم بالتدرج، وأن يستمر الإنسان بممارسة التمارين تلك وفق برنامج تدريبي محدد. وسيرى المرء تغيّرات واضحة في قدرات الحركة، وفي قوة العضلات وفي مرونة المفصل خلال أربعة إلى ستة أسابيع من المثابرة والصبر، في ممارسة البرنامج التدريبي السليم. والمهم أن يستمر المرء في تطوير ممارسته للتمارين، وألا يعود مطلقاً إلى الخلف، كي لا يفقد كل ما جناه وحققه لجسمه، أي لا يتوقف عن ممارسة تلك التمارين المفيدة.
17. وزن الجسم
18. يحتاج أحدنا إلى أن يفهم عميق العلاقة بين وزن الجسم والقوة الواقعة على مفصل الركبة، وذلك حال السكون وعدم الحركة، وحال المشي والهرولة والجلوس بثني الركبة. ثمة ما يُعرف في علوم الفيزياء الحركية "الميكانيكية الحيوية" Biomechanics ، وهي التي تبحث في تأثير الحركة والوضعية في القوة التي يتلقاها المفصل من مقدار وزن كتلة الجسم. بمعنى أن وزن الجسم له تأثير بمقدار من القوة التي تقع على المفصل الذي يقع تحت ذلك الوزن، وهذه القوة ليست ثابتة بل ترتفع بفعل حركة كتلة وزن الجسم.
19. ولو طبقنا هذا على مفصل الركبة، لعلمنا كم هو مقدار معاناته من زيادة وزن الجسم، وكم سيرتاح نتيجة خفض الوزن، فإن حال الوقوف يكون مقدار القوة الضاغطة على مفصل الركبة هو وزن الجسم، أي 1 وزن الجسم. ولكن عند مشي أحدنا تتغيّر القوة بفعل إضافة عامل سرعة الحركة، ولذا تصبح القوة على مفصل الركبة ثلاثة أضعاف وزن الجسم، وعند ارتقاء الدرج تمسي أربعة أضعاف. وعند اتخاذ وضع القرفصاء، تبلغ القوة الواقعة على المفصل سبعة أضعاف وزن الجسم، وحال نزول الدرج تبلغ القوة ضعفي وزن الجسم. ولذا نلحظ أن نزول الدرج أكثر راحة للجسم من صعوده. ولذا ثمة ضرر كبير يُصيب مفصل الركبة جراء جلوس القرفصاء، أو ما يُسمّى في منطقة الخليج بجلسة "التربيعة"، عند لعب الورق أو تناول الطعام على الأرض دون الجلوس على وسادة مرتفعة.
20. وعليه، نُدرك مقدار أهمية تخفيف وزن الجسم. ولو كان أحدهم وزنه 100 كيلوغرام، فإن القوة على المفصل أضعاف ذلك، حال الهرولة أو صعود الدرج. ولو كان أحدهم لديه 10 كيلوغرامات زيادة، فإن ذلك يعني إضافة قوة 40 كيلوغرام حال ارتقاء الدرج، وبالتالي نجاح فقد 10 كيلوغرامات، سيكون ذا تأثيرات كبيرة على راحة المفصل وتخفيف الضغط عنه.
21. وأفضل وسيلة لإنقاص الوزن هي تبنّي اتباع برنامج للغذاء اليومي، وفق إشراف متخصّص في التغذية، لوضعه البرنامج المطلوب ولإجابته عن الاستفسارات المتعلقة بأنواع الأطعمة التي يُمكن تناولها وكمية ذلك، والأهم تتبع نتائج اتباع تلك الحمية الغذائية.
22.
23.
24. عبارات مهمة :
25. إن معالجة إصابة إنسان ما بروماتزم الفصال العظمي، تتطلب إدراك المريض لحقيقة مفادها أنه هو سيكون اللاعب الأهم في حماية نفسه وصحته، وهو اللاعب الأهم في حفاظه على مفصل الركبة في جسمه من التعرض للمزيد من التدهور.
26. إن مفتاح حماية الركبتين من أي ألم أو إصابة، هو تقوية العضلات التي تدعم الركبة، ولذا ثمة ضرر كبير يُصيب مفصل الركبة جرّاء جلوس القرفصاء، أو ما يُسمّى في منطقة الخليج بجلسة "التربيعة" عند لعب الورق أو تناول الطعام على الأرض، دون الجلوس على وسادة مرتفعة.