عصبية رمضان.. هكذا تمنعها من إفساد شهرك
عصبية رمضان شائعة.. وفي الواقع، ووفق التقارير الإخبارية وبعض الأخبار المتفرقة، فإن معدل الإصابات والقضايا الناجمة عن مشاجرات ترتفع وبشكل ملحوظ خلال شهر رمضان.
بطبيعة الحال، العصبية لها أسبابها البيولوجية ولكن الغالبية تستخدم هذه الأسباب كشماعة لتبرير العصبية الزائدة والتصرفات التي لا علاقة لها بشهر رمضان بصلة. حسناً.. هي ليس كذلك، فالأسباب البيولوجية تؤدي إلى عصبية محدودة يمكن التحكم بها، وبالتالي «تركها» لتتزايد وتتعاظم لتحولك إلى قنبلة موقوتة متجولة يعني أنك عمليًا تريد التصرف كذلك، ولا تمارس الحد الأدنى من ضبط النفس.
شهر رمضان هو شهر التقوى والتصرف بشكل إنساني وإظهار أجمل وأفضل الخصال التي نملكها وليس شهر الغضب والعصبية. التصرف بعصبية يعني أنك تجعل نفسك وبشكل متعمد تخسر كل الحسنات المرتبطة بالصيام. فكيف يمكنك منع العصبية من إفساد شهرك؟
التعامل مع الأسباب البيولوجية
بشكل عام، العصبية تزيد بسبب الجفاف، فالماء يشكِّل ٧٥٪ من الدماغ، وبالتالي حين لا تحصل على ما يكفي من الماء فإن نسبة العصبية ستزيد، بالإضافة إلى التوتر. وقد أكدت الدراسات أن الدماغ يفرز المواد كرد فعل على نقص الماء، وهذه المواد ترفع من منسوب التوتر والعصبية.
الحل هنا بسيط وسهل، وهو تناول ما يكفي من الماء والأطعمة الغنية بالسوائل بين الإفطار والسحور.
السبب الثاني يتعلق بنقص الغلوكوز، أي نسبة السكر في الدم، وهذا طبيعي خلال ساعات الصيام. ولكن عند البعض النسبة هذه تنخفض بشكل كبير؛ لأنها لا تتناول الأطعمة التي تساعدها على تثبت مستويات السكر في الدم. وأيضًا الحل هنا بنظام غذائي صحي ومعتدل.
السبب الثالث هو خاص بالمدخنين، إذ إن الانقطاع المفاجئ عن التدخين يؤدي إلى أعراض الانسحاب، وعليه التوتر يصبح واقعًا يوميًا. وفي الواقع لا مجال للتحايل على هذا الأمر؛ لأن انخفاض نسبة النيكوتين ستجعلك تغضب، ولكن يمكنك اللجوء إلى مكملات المغنيسوم التي لها تأثيرها السحري على الجهاز العصبي.
التعامل مع عصبية رمضان
بطبيعة الحال، كما قلنا، المسببات البيولوجية تلعب دورها الكبير، ولكن في المقابل، شهر رمضان يوفر للشخص كل الأسس والأدوات التي يحتاج إليها من أجل الدخول في مرحلة من السكينة والهدوء.. شهر رمضان عمليًا هو ٣٠ يوماً من العلاج النفسي المكثف الذي لا يخلص الجسد من السموم البدنية فحسب، بل من السموم النفسية.
العلم أثبت أن تأثير رمضان على مرضى الاكتئاب إيجابي، وذلك لأن تخلص الجسم من السموم يحسن الصحة النفسية.
ولكن في المقابل، القرب من الله وممارسة الشعائر الدينية وأداء الواجبات الاجتماعية، كلها تزود الشخص بجرعات دائمة من التفاؤل والإيجابية والسكينة والهدوء.
وفي حال لم تكن روحانية رمضان قد جعلتك أكثر قدرة على التحكم بطباعك، فيمكنك الاستعانة بالنصائح التالية لجعلها في حدها الأدنى، وللتحكم بها.
علاجك بالصلاة:
صلاة التروايح هي أفضل تمرين نفسي وبدني ممكن للصائم، لذلك عليك الحرص على أداء هذه الصلاة بشكل يومي. بشكل عام، فوائد الصلاة البدنية والنفسية معروفة وهي كلها تصب لصالح المسلم الصائم.
الصوم ليس انقطاعًا عن الطعام والشراب فقط:
شهر رمضان هو فترة لتعلم ضبط النفس والتحكم بالشهوات والصبر. نعم أنت تشعر بالتوتر والتعب والإنهاك والعصبية، وتريد أن تنفس عن غضبك وإحباطك، ويمكنك القيام بذلك من خلال طرق صحية، وليس من خلال التعامل مع الآخرين بطريقة سلبية. اعتمد تقنيات التنفس، أو قم بنزهة قصيرة، استمع إلى القرآن أو الأدعية الهادئة.
لا تكن خمولاً:
لا داع لاستعمال الصوم كعذر لعدم القيام بأي حركة تُذكر، الطفل الصائم يلعب طوال النهار، ويمكنه أن يكمل نهار صومه.. فلماذا أنت الناضج تتجنب القيام بأي نشاط وأنت تملك قدرة على التحمل أضعاف ما يملكها الطفل؟
خلال ساعات الصوم، حاول أن تقوم بنشاطات بدنية قائمة على التنقل سيرًا على الأقدام أو الحركة داخل المكتب وغيرها.. وبعد الإفطار، وفي حال كان بالإمكان يفضل ممارسة الرياضة، وفي حال لم يكن ذلك ممكنًا، فمن الأفضل الإكثار من النشاط البدني.
النبي أمرك بعدم الغضب:
في أحاديث مثبتة عن النبي أنه كرر في أكثر مرة أوامر مباشرة بعدم الغضب. فعن أبي الدرداء أنه قال «قلت يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة» قال «لا تغضب». وعن أبي هريرة أن «رجل قال للنبي أوصني، فقال «لا تغضب»، فردد مرارًا «لا تغضب». وعن عبد الله بن عمرو قال «قلت يا رسول الله، ما يمنعني من غضب الله؟ قال« لا تغضب».
غير وضعيتك:
غير وضعيتك بشكل كلي. النبي محمد تحدث عن نقطة مهمة أثبتها العلم بالدليل لاحقًا وهذا ما يثبت الإعجاز الطبي للسنة، حين قال «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع». القول النبوي هذا، في حال كنا سنتناوله من زواية علمية، فإن هرمون النور أدرينالين يزداد بنسبة ٢ إلى ٣ أضعاف لدى الوقوف بهدوء لمدة خمس دقائق، أما هرمون الأدرينالين فيرتفع ارتفاعًا بسيطًا في الوقوف، لكن الضغوط النفسية تزيد من نسبته في الدم، وعليه فإن العاملين معًا: الغضب والوقوف، يرفعان نسبة الهرمون بشكل كبير، وبالتالي الانتقال من الوقوف إلى الاستلقاء ستجعلك تهدأ.