الملك تلمي بن هنأوس من العلا: سأروي لكم قصة حضارة لحيان المهيبة
استنهاض شخصية الملك تلمي بن هنأوس التاريخية التي عاشت قبل أكثر من ألفي عام، يبدو للوهلة الأولى ضربًا من الخيال، ومغامرة فيها من التهيّب بقدر ما فيها من احترام للحقيقة التاريخية، فكيف إن كانت المعلومات أجزاءً غير مكتملة، مبعثرة لم تجمعها حتى اللحظة روايةٌ تاريخية واحدة، ولم تنتهِ الحفريات الأثرية من كشف أحاجيها وسبر أبعادها، والمكتشف حتى اللحظة لا يتجاوز نسبة 10%!
لم يكن أمام فريق مجلة الرجل خيار آخر، كان لا بدّ لكتل الصخور والمقابر المهيبة والتماثيل الضخمة ومئات النقوش أن تخرج عن صمتها، لتقول إنها ليست مجرد مناظر بديعة ومنحوتات نقف بدهشة نتأمل جمالها، بل حكايات لبشر بنوا حضارة جديرة بأن تروى بحثًا عن المعنى وفتحًا لنافذة جديدة تطل على تاريخ المملكة العربية السعودية، في هذه البقعة الغنية من جغرافيا العالم.
في إنجاز غير مسبوق، حاول فريق الرجل إعادة "تكوين" شخصية الملك تلمي بن هنأوس، بصورة تقريبية، بملامحه وثيابه قبل 2500 سنة، إذ تقصّى عنه في كتب التاريخ والدراسات والبحوث، ووثّق معلوماته وعاد للمراجع وعلماء الآثار بمساعدة قيمة من الهيئة الملكية لمحافظة للعلا، واستعان بفنان عالمي متخصص في رسم الشخصيات التاريخية ولجأ لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليتمكن من عبور طبقات الزمن، لتكتمل الرواية وتتوج بإجراء حوار افتراضي مستند إلى قرائن وحفريات وشواهد ولقًى أثرية، أبرزتها معاول الآثاريين.
حوار «الرجل» مع الملك تلمي بن هنأوس
الملك تلمي بن هنأوس وبعد أن خرج من عباءة التاريخ، بعد أن نهض من بين صخور دادان، وقف وجهًا لوجه أمام فريق مجلة الرجل في حوار افتراضي ممتع، كما لو أنه يحيا بيننا، ليروي لنا أسرار المجد الذي عاشته مملكته، وليعبر عن رغباته وأمنياته التي نامت معه كل تلك السنين، في هذه المناظرة الفريدة.
فريق الرجل: من أنت أيها الرجل المهيب؟
الملك : أنا ملك لحيان، تلمي بن هنأوس، أطلق عليّ أهلي وقومي لقب الراعي، لأنني أرعاهم وأصونهم، يعرفني القاصي والدّاني.
ولدت على هذا السفح (يشير بيده لسفوح جبال العلا) وشربت من ينابيع دادان الثرة، واغتسلت في الوادي، واعتنيت ببساتين النخيل، وأكلت من ثمارها، اسمي واسم أبي الملك هنأوس بن تلمي، ملك الجبال، محفوران ها هنا على هذه الصخور،
هنا ولدت وهنا عشت.. ولكن من أنتم؟
فريق الرجل: نحن أهلك وعشيرتك، يا ملك ذاك الزمان، أتينا بعدك بنحو 2500 سنة، أتينا بشغف وحنين مَنْ يبحث عن مضارب أهله القدماء، نتقصى الأثر، ونحاول أن نعرف منك، أيّ ملكٍ أنت وأيّ مملكة عظيمة تلك التي لم يمحُها الزمان؟
الملك: لكنني مِتُّ… مت طويلاً …طويلاً، ولن يعيد أحد اختراعي..! لن يعيد أحد تكويني.. مت ودفنت في هذه الأرض، انظروا إلى تلك التلة، إلى مدافن الملوك التي تحرسها الأسود، أنا أرقد هناك قرب ضريح أبي هنأوس بن تلمي، لقد بكت دادان موتي حتى فاضت الوديان وجفت المقل.
اقرأ أيضًا: عرض تمثال "لحياني" من العلا في أروقة متحف اللوفر بباريس
كنت أطرب لصوت المطارق
فريق الرجل: من بنى هذه الأوابد لم يمُت.. من كتب سيرته على الصخر لم يمُت.. من كانت مملكته منارة الصحراء ودارًا للسلام لم يمُت..!
الملك: وما الفائدة أن أعود إلى الحياة، مملكتي عبث بها العابثون، هدمت حجارتها وتكسرت نقوشها... كل ما بنيناه عبرَ مئات السنين قد تهدم، وأصبح هباءً منثورًا، حتى البئر لم تسلم من الردم، هذه البئر التي وجدتم بها النقوش وحطام التماثيل، كانت تسقي أهل دادان، وقوافل التجار والحجاج القادمين من الصحراء.. انظروا حولكم، لم يبقَ شيء.. أين القصر؟ أين البيوت؟ أين أقنية الري التي كانت تسقي البساتين؟ أين النقوش؟ أين الساحات المكتظة بالحجاج والعباد والزوار؟ أين قوافل التجار يبيتون ليلهم تحت نخيل دادان ونزلها؟ أين المعابد؟ أين المجامر ورائحة البخور؟ أين أسوار دادان…؟ لقد أفنى المعماريون حياتهم، جيلاً إثر جيل، ينحتون مملكتي في الصخر… لم يبق منها بقايا.. ما الفائدة بأن أعود؟
فريق الرجل: تعود أيها الملك العظيم… حتى تروي لنا ما كان…التاريخ ليس عمارة فقط… إنما حكايات تروى، وبشر من لحم ودماء، صنعوا هذه الأمجاد!
الملك تلمي بن هنأوس: ولكنهم رحلوا..!!
فريق الرجل: النقوش تقول لنا إنك حكمت هذه المملكة العظيمة 44 عامًا، وحكم والدك هنأوس بن تلمي من قبلك 41 عامًا، نحن لم نخترعك من الفراغ، كنت حقيقة ماثلة، كنت هنا ذات صباح افتح صدرك لنا، أعطنا المفاتيح: أيّ أسرار تختبئ خلف هذه الصخور التي تركتها لنا؟
الملك: لو كان لهذه الصخور فم يتكلم، لكنتم عرفتم ماذا يعني أن تعيش على هذه الأرض الطيبة، كنت أمتطي جوادي في الصباح وأعبر غابات النخيل والأكاسيا، كان هواء الوادي يعبق برائحة أزهار الليمون والبرتقال، كنت أمر بعمال البساتين وهم يعملون في الأرض ويصلحون أقنية الري، كان رعاة الإبل يلوحون لموكبي بأيديهم ويحنون رؤوسهم للتحية، وهناك في أسفل الوادي، كنت أسقي حصاني، وأغمر وجهي في مائه البارد، ثم أتابع طريقي صعودًا إلى ذلك الجبل العظيم حيث مقالع الصخور، كنت أطرب لصوت رنين المطارق وقطاعات الحجارة والأزاميل، ما زالت أصواتها أجراسًا ترن في رأسي، ويتردد صداها في الوادي، هناك قضى نحاتون مهرة عمرهم يدقون الصخر… تعلّموا كتابة الحروف الدادانية(اللحيانية) الثماني والعشرين وأتقنوا الخطوط، وتوارثوا المهنة جيلاً إثر جيل..
أنواع متعددة من الخطوط
فريق الرجل: أكان لديكم مدارس تعلم الكتابة؟
الملك تلمي بن هنأوس: نعم وإلا كيف وجدتم عشرات الآلاف من النقوش فوق الحجارة والصخور… كان الطلب على الكتابة يزداد يومًا إثر يوم … قوافل الحجاج والتجار كانوا يتوافدون إلى دادان وخاصة إلى معبد كبير الآلهة (ذي غيبة)، مملكة لحيان كانت بالنسبة لهم أرضًا مقدسة، مكانًا للعبادة والتجارة، دادان مدينة الأحلام يستقر بها من أراد الحياة الكريمة، ويقدمون القرابين والنذور للآلهة، وكُتاب لحيان كانوا يوثقون لهم ما قدموه على الصخر، مقابل أجر.
فريق الرجل: وهل الكتابة كانت مهنة؟
الملك: نعم الكتابة على الصخر، كانت مهنة يعيش منها طبقة الكتبة وعائلاتهم، وضيوف لحيان كانوا يسعدون برؤية تقديماتهم وأسمائهم وقد نقشت ووضعت في بيوت المعابد، اذهبوا وابحثوا فيما تبقى من النقوش لقد دونّا تاريخنا على الصخر.
فريق الرجل: نحن نفعل أيها الملك.. نحن بدأنا ولن نتوقف قبل أن نعيد ما تحطم وما تهدم، فلولا عظمة ما قمتم به.. لم نتعلم الكتابة ولم تصل البشرية إلى ما وصلنا إليه، نحن مَدينون لكم بهذا العمل الجبار.
لقد أخذنا عنكم الكتابة والأحرف حتى إنَّ كثيرًا من الأسماء التي نتداولها اليوم وجدناها في نقوشكم.. زيد وهاني وأوس..
ولكن ما نبحث عنه اليوم هو كيف نعيد المعنى لهذه الأرض؟ كيف تتلألأ منارة الصخر والصحراء هذه من جديد..! اكشف لنا عن أسرار هذا المجد القديم؟
الملك: الأسرار حين تنام طويلاً تتغير..
ولكن اقرأوا النقوش جيدًا، فتشوا عن حجارة دادان في كل مكان، أعيدوا كل حجر وكل نقش إلى مكانه، أعيدوا بناء ما تهدم، وستعرفون كل شيء، وتصلون إلى ما تريدون.
فريق الرجل: بحثنا وما زلنا أيها الملك العظيم، لكن النقوش التي عثرنا عليها زادت في حيرتنا ودهشتنا، فهي لم تكتب بالخط الداداني (اللحيانية) وحده..! بل وجدنا العديد من أنواع من الخطوط..! فكيف تسنى لكم أن تعرفوا كل هذا العدد من الخطوط المختلفة؟
الملك: حين تعلموا أن لحيان كانت مملكة للتعايش ستزول دهشتكم، لم نكن بحاجة إلى أن نتعلم أنواع الخطوط لأن أصحابها كانوا يعيشون بيننا.
لحيان احتضنت جاليات من قبائل وممالك الجنوب، من معين وسبأ وبراقش وقتبان، لقد أتوا وجلبوا معهم ثقافاتهم وآلهتهم، فانتشر الخط المسند والخط الآرامي، جنبًا إلى جنب مع حروف الدادانية (اللحيانية)، وكان لدينا من يكتب بحروف الثمودية، والمعينية، والنبطية، واللاتينية بل الإغريقية.
مملكة للتعايش والعبادات
فريق الرجل: قرأنا في النقوش أنه كان بينكم وبين تلك الجاليات مصاهرة وأنهم تملّكوا الأرض والمقابر..!
الملك تلمي بن هنأوس: نعم لك أن تتخيل أن لحيان كانت مملكة للتعايش ورمزًا للانفتاح، كل قبائل هذه الأرض كانوا يقصدونها في رحلاتهم التجارية، يقيمون فيها أيامًا وليالي، يقدمون للآلهة القربان والنذور، وكل قبيلة تطلب من كتبة لحيان أن يدونوا لهم نقشهم بلغتهم.
إنَّ سكّاننا المحليين استقروا هنا بشكل دائم وتعايشوا مع العابرين من هنا على مر الزمان.
فريق الرجل: وماذا كنتم تفعلون في تلك التقديمات؟ من كان يتولى إدارة قطعان من الماشية والإبل وثمار النخيل والفاكهة والحبوب والطيب والبخور التي كان يقدمها الحجاج إلى المعابد؟
الملك: بتفويض مني، كان الكهنة يديرون أموال المعابد، يساعدهم على عملهم هذا المئات من خدم المعبد، من الرجال والنساء على السواء، وكانوا يسكنون في غرف تحيط بساحات المعابد، ينهضون قبل شروق الشمس، كل إلى عمله، منهم من يرعى الإبل والماشية ويهتم بإطعامها وسقايتها والعناية بها، وفريق يعمل في الأرض يحرثها ويزرعها ويجني ثمارها ويسقي أشجارها، وآخرون يتولون خدمات استقبال الحجاج والعباد والزوار والاهتمام بشؤونهم، كانوا كخلية النحل كل يعرف دوره وعمله.
لقد وهبوا حياتهم لهذا العمل المقدس.
فريق الرجل: يمكن أن نستنتج أن الطقوس الدينية كانت تدر عليكم أموالاً وأرزاقًا؟
الملك: نعم حتى هذه الصخور التي تراها في دادان كانت تجد من يشتريها ويدفع ثمنها غاليًا؟
فريق الرجل: وكيف هذا؟
الملك: لم تستطع المقالع تلبية الطلب الكبير على الحجارة المشذبة للكتابة عليها، وجرت مناقشة الأمر في مجلس (هجبل) الذي يمثّل علية القوم والكهنة في لحيان، وجرى الاتفاق أن تُخصص مساحات على الصخرة الشمالية، لمن يريد من الحجاج أن يدوّن نقشه واسمه عليها مقابل مال يدفعه للمعبد، وحين امتلأت انتقلنا إلى الصخرة الجنوبية ثم إلى الصخرة الوسطى… وها أنتم تجدون مكتبة مفتوحة تحمل أسماء كل من دفع ثمنها عبر مئات السنين.
فريق الرجل: وما وظيفة مجلس (هجبل) في إدارة المملكة؟
الملك: المجلس يمثل الشعب اللحياني الذي هو عون لنا في إدارة شؤون الدولة، وفي هذا المجلس يجري التداول والتشاور في كل ما تحتاج إليه مملكة لحيان من بناء وأقنية… وأي أمر طارئ أو خطر يحيق بالمملكة.
فريق الرجل: تحدثت بعض المراجع عن تهدم أصاب مجلس هجبل بينما كان منعقدًا وأن عددًا من الأعيان لقي حتفه؟ وأنكم أعدتم بناءه من جديد؟ هل تتذكر هذه الحادثة؟
الملك: كان عامة الناس يتداولون الحكايات عن هذه الحادثة، سمعتها حين كنت طفلاً، كان مجلس هجبل منعقدًا وفجأة رجفت الأرض وزلزلت وسقط سقف البناء على من فيه، كان غضبًا من الآلهة وأيامًا عصيبة عاشتها المملكة قبل أن تضمد الجراح وتعيد بناء المبنى وإصلاح أماكن العبادة.
طريق البخور وملتقى حضارات
فريق الرجل: ما يثير انتباهنا أيها الملك العظيم، أننا لم نجد في مملكة لحيان أثرًا لسلاح أو جيش أو حتى قلاع تحمي مملكتكم؟ ألم يكن هناك أخطار تهددكم؟
الملك تلمي بن هنأوس: الممالك لا تبنى بالسيف وحده، لحيان كانت منارة وسط الصحراء ودارًا للسلام، فكيف لعاقل أن يهدم منارة…!
دادان كانت ملتقى طرق القوافل التجارية القادمة من جنوب الجزيرة ومن العراق والشام، وأيضًا من مصر، عبر مواني البحر الأحمر، فهي لا تبعد سوى مسيرة خمسة أيام عنها، لهذا كان يقصدها التجار القادمون من الضفة الأخرى.
وأكثر من هذا، لحيان ليست فقط مركزًا تجاريًّا تجري فيه عمليات البيع والشراء، بل كانت أيضًا مركزًا حضاريًّا وملتقى للقادمين من مختلف المشارب والبلدان والحضارات.
فريق الرجل: وماذا عن طريق البخور والبضائع والمبادلات التجارية؟
الملك: طريق البخور كان يمر من مملكة لحيان، تأتي قوافل التجار من جنوب الجزيرة العربية، من سبأ، وقتبان، ومعين وبراقش… محمّلين باللبان والبخور والعطور والتوابل، يحطون رحالهم في دادان أيامًا وليالي يستريحون في ظلال شجر النخيل، ويجدون لدينا الماء والمأوى والهواء النقي بعد رحلة شاقة في الصحراء، يقدمون النذور والقربان والهدايا إلى معابد لحيان، ويتبادلون مع أهل المدينة البضائع يتزودون بالطعام والماء قبل أن يستأنفوا طريقهم إلى الشام وفلسطين، وممالك الشمال وصولاً إلى العراق، ومنهم من يقصد مصر عن طريق مواني البحر الأحمر القريبة من دادان.
فريق الرجل: تذكر المراجع أن كان لكم السيطرة على خليج العقبة وكان يسمى خليج لحيان؟ إلى أين وصلت حدود مملكتكم؟
الملك: حدودنا هي محبة سراة القوافل تحت ضوء القمر، واسم دادان من ددن أي الفرح والسعادة، وهذا ما دفع عددًا من جاليات القبائل العربية ليستقروا في مملكتنا.
حدودنا هي محبة مملكة لحيان ومكانتها في قلوب كل من عاش في هذه الصحراء.
في مرحلة ما كنا نسيطر على تيماء وبدر وعلى جزء مهم من شمال غرب الجزيرة العربية، كانت تربطنا علاقة جيدة مع مصر (في زمن البطالمة) وكان يتسع نفوذنا أو يتقلص وفقًا لعلاقات الممالك وتحالفاتها.
النساء تقود القوافل
فريق الرجل: قرأنا في بعض النقوش أسماء نساء أتين لتقديم القرابين والزكاة للآلهة.. كيف يمكن لامرأة أن تقود قافلة وتقطع الصحراء؟
الملك: المرأة التي تأتي بقافلة وتقطع هذه المسافات، كانت صاحبة تجارة وأرزاق تديرها وتقدم منها للآلهة وينقش اسمها.. كنا نرى أن العديد من الحجاج الذكور كانوا يقدمون الزكاة عن أمهاتهم أو زوجاتهم.. وهذا دليل على مكانة المرأة في قومها وقبيلتها، وربما تستغربون أن هناك نساء كن يأتين لأداء الحج عن آخرين مقابل أجر..
وفي مملكة لحيان كانت النساء يملكن البساتين والإبل ويشاركن في خدمة المعبد، بل إن بعضهن وهبن حياتهن لخدمة المعابد، كان يجري إرسالهن لجمع المكوس والضرائب من المدن والقبائل التي تتبع لمملكتي.
نساء لحيان كن بلسمًا لجراحنا ونسيم صباحاتنا، حصلن على أفضل المراتب في خدمة وإدارة المعابد، وحضورهن في حياة المملكة كان لا يقدر بثمن.
فريق الرجل: ما هي أمنياتك؟
الملك تلمي بن هنأوس: الأماني لا تموت، كنا ندرك أن الزمن سيطوينا، وأن أحدًا ما سيأتي باحثًا عنّا، أعيدوا كل نقش وكل حجر إلى مكانه… لقد تعرضت مملكة لحيان للعبث والتخريب عبر مئات السنين، وآن الأوان كي يستقر كل شيء مكانه، أعيدوا بناء ما تهدم، أعيدوا لهذه المنارة شعلتها.
سأفرح لرؤية الظبي، وغزال الريم، والمها العربي، والوعل الجبلي وقد عادوا إلى وادي دادان، حتى النمور التي تتربص في أسفل الوادي بحثًا عن طريدة، كان لها نصيب للعيش في هذا المكان، أعيدوا كل شيء إلى ما كان عليه.. واتركوا قلبي ينام قريرًا تحت ظل نخلة في دادان.