هل تحولت المعاكسات في السعودية الى ظاهرة؟
انتشرت الجرائم الأخلاقية عبر عدة وسائل مختلفة، ما يؤكد وجود خلل قيمي وأخلاقي كبيرين لدى بعض فئات المجتمع، ففي الوقت الذي يؤكد البعض عدم اعتبارها ظاهرة؛ بسبب عدم وجود الإحصائيات الدقيقة، إلاّ أنه يبدو بما لا يقبل مجالاً للشك أن هناك شيوعاً كبيراً للانحراف الأخلاقي، ولم يعد يطال فئة الشباب فقط، بل تعدد إلى مستويات عمرية متفاوتة وبين الجنسين من الرجال والنساء.
"الفارق هائل" متوسط الأجور في الدول العربية.. فما ترتيب بلدك؟
فلم يعد الانحراف حصراً على البيئات الفقيرة المعدمة التي يسودها الجهل والتخلف العلمي، بل إنه أصبح متشعباً وممتداً يدخل في مختلف شرائح المجتمع، بدءاً من الطالب الفقير إلى الشاب الغني، وصولاً إلى الرجل المسؤول، بل إنه متشتت وسائح في مجمل الظروف الاجتماعية والنفسية والأمنية والدينية، والتي تنبثق من ضعف الجوهر الروحي لدى الإنسان.
ومع ضعف الأمن الأخلاقي وتكاثر أنواع المساس بأعراض الناس، أصبحت هناك الخلوة المحرمة والمعاكسات وغيرهما من الممارسات السلبية، وهنا تبرز عدة أسئلة: ما الذي حدث لتتفاقم الجرائم الأخلاقية في المجتمع بهذا الشكل الكبير؟ وهل يمكننا أن نجزم أن العصر الحديث بتقنياته وانفتاح قنواته وخلط المفاهيم الاجتماعية بداخله هي من حولت الجريمة الأخلاقية إلى خبر دائم ومتكرر يقرأ عبر وسائل الإعلام المختلفة؟ أم أن هناك حقيقة غائبة في أسباب الانحراف الأخلاقي تختبئ خلف الخليط المتشابك بين المنزل والشارع والمؤسسة التعليمية والدينية؟ أم أنه الجنون الذي طال بعض الأفراد ممن عاش البطالة في الحياة ليس فقط في محتواها الضمني الشكلي المعروف بل إنها البطالة الداخلية والروحية التي عمرت القلب بفراغ القيم الأخلاقية التي ينادي بها الإسلام.
يبدو بما لا يقبل مجالاً للشك أن الأسئلة في ذلك كثيرة وكبيرة بحجم الجرائم الأخلاقية التي أصبحت موجودة بهذا الشكل المخيف.
وحول ما يحدث في المملكة العربية السعودية من بعض المضايقات التى يقوم بها الشباب تجاه الفتيات، دشن نشطاء موقع التواصل الاجتماعى تويتر، هاشتاج بعنوان: #العيال_تلوث_الدنيا، وذلك لإنتقاد ما يقوم به الشباب تجاه الفتيات، ورسالة لمن يهمهم الأمر، أن ينظرون إلي المشكلة من قريب، ويحاولون حلها.
وعلقت شهد، احدى رواد موقع تويتر، على الهاشتاج مؤكدة ان بعض الشباب افضل بكثير من البنات، ووصفة الفتيات بأن معظم يكن الضغينة لبعضهم البعض، قائلة: "والله انهم فله ووناسه ويجننو مو زي البنات النفسيات على التكه يزعلو خلو عنكم بس #العيال_تلوث_الدنيا.
والله انهم فله ووناسه ويجننو مو زي البنات النفسيات على التكه يزعلو خلو عنكم بس#العيال_تلوث_الدنيا
&mdash شهد (@shvxu) ١٩ يوليو، ٢٠١٧
فيما عبرت "رهف العتيبي" احدى رواد تويتر، عن شكرها للفتاة التى دشنت الهاشتاج، حتى يتم ايصال رسائلهم لمن يهمه الأمر، حتى يتم حله، قائلة: ابوسها االي سوت ذا التاق".
#العيال_تلوث_الدنيا
— رهـف العتـيبي. (@llccxll) ١٩ يوليو، ٢٠١٧
ابوسها االي سوت ذا التاق.
اما مشعل، أحد رواد تويتر، فعلق على الهاشتاج، بأنه لولا العيال ما كانت الفتيات، مطالبا من أقدمت على تدشين الهاشتاج بتذكر ابيها الذى كان سببا في وجودها فى الدنيا، مذكرا اياها بعدم الجمع فى الهاشتاج على جميع الرجال، قائلا: "لولا العيال ماطلعتوا على الدنيا ابوك وين راح ؟ اخوك ؟ خالك ؟ عمك ؟ عاد اذا ابوك واخوانك ملوثين هذا شي يخصك لا تجمعين".
#العيال_تلوث_الدنيا
لولا العيال ماطلعتوا على الدنيا ابوك وين راح ؟ اخوك ؟ خالك ؟ عمك ؟ عاد اذا ابوك واخوانك ملوثين هذا شي يخصك لاتجمعين&mdash مشـعل (@mesh3_4) ١٩ يوليو، ٢٠١٧
وحول استحداث اساليب جديدة للمعاكسة في السعودية، ادرك الشباب انه لم يعد أسلوب الترقيم «العادي» يرضيهم فكان لا بد من التفنن، وضع رقم الهاتف على السيارة أو في حقيبة فتاة خلسة بات من الأساليب «البدائية» وعليه تم ابتكار أساليب «هوليودية»، مثلاً يسرق لص ما حقيبة يد فتاة ما في مجمع تجاري، يلاحق شابين اللص ويعيدان الحقيبة للفتاة التي تشكرهما على شهامتهما، وحين تعود للمنزل تجد في حقيبة يدها صورتين لكل واحد منهما مع رقم هاتفيهما لتختار من يعجبها.
المعاكسة الهاتفية أيضاً باتت تعتمد على الحيل، يتصل شاب ما برقم عشوائي، تجيبه إحداهن فيعتذر منها لأنه اتصل بها عن طريق الخطأ، بعد ذلك بلحظات يرسل لها رسالة نصية يعبر فيها عن قلقه من الحزن الذي لمسه في صوتها وعن استعداده ليكون صديقها الذي يستمع إلى معاناتها.
وعبرت "منال الزهراني" احدى رواد تويتر، عن غضبها من المعاكسات التى يقوم بها الشباب، مطالبة الفتيات بأن يكونوا يدا بيد معها حتى يتم التخلص من مضايقات العيال، قائلة: "#العيال_تلوث_الدنيا يداً بيد لتخلص من العيال والشيلات".
#العيال_تلوث_الدنيا يداً بيد لتخلص من العيال و الشيلات &mdash منال الزهراني (@Nalzhi) ١٩ يوليو، ٢٠١٧
يأتي هذا فيما حذر باحث متخصص في دراسات علم النفس من ارتفاع نسبة المعاكسات في المملكة إلى 215%، مؤكداً أن الإحصاءات الرسمية المتعلقة بظاهرة التحرّش بالنساء والمعاكسات تسجل ارتفاعاً ملحوظاً، مطالباً الجهات المختصة المبادرة بسرعة معالجة الظاهرة بعد دراستها والخلوص إلى توصيات علمية تساعد في التصدي للظاهرة والحد من آثارها وفقاً لصحيفة "الشرق" السعودية.
وشدّد الباحث في الوقت ذاته على عدم إلصاق تهمة المعاكسات بالشاب، واصفاً ذلك بالأمر الخاطئ الذي يولّد ضغطاً نفسياً يلقي بثقله على الشاب بشكل سلبي، خاصة عندما يتم منعهم من دخول المجمعات والمراكز التجارية بحجة منع معاكسات النساء أو التحرش بهن.