الصيد بالصقور في الخليج العربي.. من التراث إلى التكنولوجيا
الصقارة أو الصيد بالصقور والتي تعرف بالبيرزة رياضة وهواية التي تمارس على نطاق واسع في منطقة الخليج العربي.
هي رياضة تراثية قديمة تمارس منذ آلاف السنين وكان البدو سابقاً يمارسونها لإصطياد الأرانب البرية وغيرها وذلك لتوفير الغذاء. لاحقاً ومع تطور وسائل الحياة وتوفر الغذاء خرجت من إطار الحاجة وباتت متعة وهواية ورياضة.
بداية الترويض.. رحلة تتطلب الصبر
الصقور التي يتم إستخدامها هي الحر والشاهين والباشق بأنوعها المختلفة ولكل نوع منها فريسة معينة خصوصاً وأن سرعة الصقور تختلف كما أن إرتفاع تحليقها يختلف.
عملية ترويض الصقر تتطلب الكثير من الصبر والوقت والجهد. البداية تكون بالأساسيات مثل تعويده على الوقوف على اليد مع تغطية عيونه يتم رفعه تدريجياً كي يعتاد على وجود البشر ومعدل حمل الصقار للصقر على يد الصقار يتراوح بين ٤ و٥ ساعات يومياً!
ثم يتم القيام بما يسمى التهديل وهو وضع اليد على وجه الصقر وسحبها للصدر بحركة خفيفة وغير مفاجئة.
هنا الصقر يرفض تناول الطعام من دون تغطية عيونه، ولكن خلال مرحلة التدريب يصل الصقار الى مرحلة يتمكن من خلالها جعل الصقر يتناول طعامه من دون الغطاء و يحرص على إستخدام بعض الأصوات أثناء تناول الصقر لطعامه.
لاحقاً تنطلق مرحلة «التنكيس» وتطبق في الخلاء حيث يتم ربط سبوق الصقر بحبل محبوك يسمى سبب يترواح طوله بين ١٠ و٢٠ متراً.
التدريب هنا هو الصوت والأوامر مقابل الجائزة، فيتم توزيع الطعام على شخصين ويقوم الاول بمناداة الصقر بنفس العبارات التي إستخدمت خلال الترويض، فيذهب الصقر لتناول الطعام حيث يتم رفع الغطاء عن عينيه ثم يحجب عنه الطعام عند الأول ثم يناديه الثاني فيذهب اليه.
نهاية هذه المرحلة تكون حين يتأكد الصقار بان الصقر إطمئن الى صاحبه وبانه بات يقف من دون تحريك جناحيه والأكل دون النظر في عيني الصقار. العملية هذه تستمر بين يومين و ٤ ايام وبعدها يتم الاستغناء عن الحبل .
الخطوة الاخيرة هي التعليم، حيث يتم تدريب الصقر على عملية القنص وهي إصطياد الفريسة وعادة تكون طائر الحبارى المفضل للصقور.
في حالات التدريب العادية يعلم الصقار شاهين أو حر كل موسم ولكن البعض بات يملك خبرة وحنكة تمكنهم من تدريب صقرين في الوقت عينه. هذان النوعان يحتاجان الى تدريب يستمر بين ٣٠ و ٤٠ يوماً ولكن كل صقر وان كان من النوعية نفسها يملك شخصية خاصة به وعليه المدرب يحتاج لفهم الشخصيات ومعرفة كيفية التعامل معها وترويضها.
هذه المرحلة وخصوصاً مرحلة الترويض لا يمكن إدخال التكنولوجيا عليها لانها قائمة على خلق العلاقة وجعل الطير يطمئن لصاحبه وعليه فهي ما تزال تتم بشكلها كما ذكرنا عند الغالبية.
التكنولوجيا.. تطبيقات وطائرات بلا طيار
التكنولوجيا عدلت في مراحل التدريب أي بعد أن يقوم الصقار بترويض صقره.
سابقاً وقبل التكنولوجيا والتطور كانت العملية برمتها منهكة.. الصيادون يجوبون الصحراء ومع جمالهم وخيمهم وأدوات يحتاجون اليها للبقاء على قيد الحياة، لكن الصورة تبدلت كلياً اليوم، فهناك سيارات رباعية الدفع ومولودات الكهرباء والمخيمات الصحراوية التي يمكن تكيفيها.
لكن دخول التكنولوجيا لا يقتصر على «رفاهية» الإقامة، إذ أنها طالت عملية الصيد نفسها. فاليوم يتم الإستعانة بأجهزة لاسلكية تحدد أماكن الطيور خصوصاً تلك لم تتلق التدريب الكافي. كما أن الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تسمح لهم بتلقي ما يحتاجون اليه من معلومات عبر الاقمار الصناعية من خلال تقنية الـ «جي بي أس».
طائرات بلا طيار
تدريب الطائر على الصيد بات رقمياً وسهلاً اذ يتم إستخدام الطائرات الشراعية الإلكترونية لتدريب الصقر على المراوغة والسرعة. كما يتم إستخدام بالوناً من الهليوم لتدريبه على الإرتفاع. الألية بسيطة وسهلة، يتم ربط قطعة من اللحم بطائرة من دون طيار ويقوم الصقار بالتحكم بتلك الطائرة لناحية السرعة أو الإرتفاع أو المراوغة.
أحياناً يتم اللجوء الى طيور إصطناعية يتم التحكم بها عن بعد والتي تتعقب وتراقب سير التدريب وتتحكم بسرعة تحليقه وإرتفاعه.
التطبيقات
ثمن الصقور يترواج بين ٨ الاف و٣٠ الفاً وبالتالي حين يتوه ويجده أحدهم قد يتصل بالرقم الهاتفي الموجود على الحلقة المعدنية الموجودة على ساقه وقد لا يتصل. لذلك تم الإستعانة بجهاز رسيفر مهمته تحديد مكان وجود الصقر وبالتالي تقليص حجم الخسائر المحتملة.
لكن التطبيق هذا لا يلبي كل الاحتياجات فقررت المهندسة الإماراتية علياء الشامسي العمل على تطبيق هو الاول من نوعه لتتبع وتدريب الصقور.
تطبيق أيروفزين يمكن الصقار من مراقبة مسار الصقر بشكل تفصيلي وقياس سرعته وارتفاعه وتسجيل الوزن وحتى تسجيل الرحلة كاملة ليتمكن لاحقاً من مشاهدتها ومقارنتها بغيرها من التسجيلات لمعرفة مدى تطور الصقر.
مؤيدون ومعارضون
بطبيعة الحال كما هو حال أي مجال يتم إدخال تقنيات جديدة عليه فإن المجتمعات تنقسم بين مؤيد ومعارض. المعارضون ينتقدون «مخالب التكنولوجيا» التي أفسدت هواية تراثية قائمة على الصبر وخلق علاقة مميزة مع الصقر ويرفضون الصقارة الرقمية الحالية بكل أشكالها.
في المقابل هناك فئة تعتبر أن تسخير التكنولوجيا لتطوير هذه الرياضة والهواية التراثية حال دون إنقراضها. فهي بشكلها الحالي ما تزال تسير جنباً الى جنب مع ما يرضي الجيل الحالي.. وعليه التكنولوجيا حافظت عليها ولم تدمرها.