الجهل بالقانون لا يَعفي من العقوبة
على الرغم من أن الجميع يكاد يثق ببراءته بمن فيهم رجال الشرطة المكلفين بحراسته، إلا أن احدا لايملك أن يقطع بذلك، أو يفك أسره ويحرره من المكوث الطويل خلف القضبان، والذي قد يمتد إلى عدة أشهر قبل أن تنطق محكمة مختصة بالحكم النهائي في قضيته، وتلك هي حبال القانون الطويلة التي يخشى الجميع أن يعلق بها ذات يوم ..
و(س. ع) ، وهذان هما الحرفان الأولان من اسمه قد علق منذ مدة طويلة في حبال القانون ، ليس لأنه ارتكب جرما، أو اقترف خطيئة، أو حتى سجل مخالفة .. بل أن كل مافعله هو تصرف غير حكيم ، وتعامل غير حذر مع موقف، قد يصادف كل إنسان في حالته، إلا أن خبرة الحياة علمت الكثيرين كيف يتصرفون في مثل هذه الحالة، دون أن يوقعوا أنفسهم تحت طائلة المساءلة القانونية، وربما العقاب ..
بدأت القصة عندما كان (س. ع( يحزم حقائبه استعداداً للسفر قادما من بلده إلى دولة الإمارات بعد أن وعده صديق بالحصول على فرصة عمل بإحدى الشركات .. تردد على بيته الكثيرون من الأصدقاء والمعارف والجيران عندما علموا انه سوف يغادر وان غيابه سوف يطول، بعضهم جاء مهنئاً بحصوله على العمل، وبعضهم جاء مودعاً ومعبرا عن حزنه لفراق صديق عزيز عرف عنه دماثة الأخلاق والشهامة والكرم رغم ضيق ذات اليد، وبعضهن جئن يشاطرن والدته وأخواته الشعور المختلط بين الفرح والحزن تسبقهن الدعوات له بالتوفيق والنجاح في مهمته وبنت الحلال التي تحمل معه همومه ..
كان (ط.ر) من بين المعارف الذين استقبلهم في غرفة الضيوف، وعلى الرغم من عدم صلته الوثيقة به، إلا أنها عادة أهل الأحياء الصغيرة في التواصل والمجاملات، هنأه بمستقبله الجديد متمنيا له النجاح والتوفيق ، وفي لمحة تشجيعية أخذ يحدثه عن الإمارات وكيف أنها بلد الفرص والحياة الطيبة، ثم دلف إلى الحديث عن شقيقته التي تقيم مع زوجها في الإمارات منذ وقت طويل، والتي كانت سعيدة بحياتها قبل ان يداهمها مرض عضال تعثرت خطوات علاجه بسبب تعثر ظروف زوجها حيث ترقد الآن طريحة الفراش بانتظار أقراص الدواء التي اعتاد أن يبعث بها إليها من حين لآخر مع أحد المسافرين، قال ذلك وهو يمد إليه باللفافة المغطاة بورق الصحف والمحكمة بشريط لاصق، وهو يطلب إليه تسليمها لشخص سوف يقابله في المطار حتى لا يتكبد عناء الذهاب إلى حيث تقيم شقيقته ..
في شهامة واريحية تسلم (س.ع) اللفافة ليضعها داخل إحدى حقائبه، التي أعدها للسفر .. قبل أن يتابع الاستماع إلى عبارات الشكر والتمنيات بالسلامة من ضيفه وهو يودعه عند عتبة الباب ..حسب البيان.
أمام وقوفه عند قسم جوازت المطار أخرج أوراقه وهو ينتظر بلهفة وضع خاتم الدخول كي يلحق بمن سبقوه من ركاب الطائرة إلى صالة القادمين ، وبعدها يعانق الحلم على أرض الفرص والحياة الطيبة كما وصفها آخر ضيوفه المحترمين ..
وعند مروره على جهاز التفتيش كانت المفاجأة، عندما طلبوا منه فتح الحقيبة أمامهم !! رغم دهشته إلا أنه لم يتردد في ذلك وبسرعة قام بفتح الحقيبة واثقا من انها لا تحتوى سوى اغراضه الخاصة وبعض ملابسه ،، ولكنه فوجيء بأنهم يخرجون لفافة الأدوية التي تسلمها من ضيفه سائلين عن محتوياتها؟
أجابهم أنها بعض الأدوية التي كلف بتسليمها لشخص خارج المطار .. هل تعلم ما هذه الأدوية ؟ لا أعلم سوى أنها لمريضة في الإمارات مرسلة من شقيقها في بلدي .. هل لديك وصفة طبية تسمح باستخدام هذه الأدوية؟ أجاب بالنفي ..
خارج المطار ألقي القبض على الشخص الذي كان بانتظاره .. تم اقتيادهما معا للتحقيق .. أسئلة كثيرة ومكثفة لم يستطع الإجابة عنها سوى نفي علاقته بالأدوية وعدم معرفته بحقيقتها .. إنتابه الذهول عندما بأ الموقوف برفقته يدلي بإجاباته .. كانت في الواقع إعترافات تفصيلية بمخطط الترويج، ونقلها بواسطة مسافرين حسني النية ..
ويقول العميد عبد السلام بن فارس مدير إدارة المنافذ والمطارات بشرطة الشارقة الذي كشف أن هذه لم تكن الواقعة الأولى التي يتورط خلالها أحد المسافرين بحمل ممنوعات وأشياء محظورة، ويُستغل دون وعي منه في تهريبها، وعلى الرغم من قلتها، إلا أنه وجب التنبيه.
ويستطرد العميد بن فارس: رغم تنبيهاتنا المتكررة على المسافرين بعدم حمل امتعة او اغراض يجهلون حقيقتها مما يعرضهم للمساءة القانونية، إلا ان البعض بكل أسف لا يستجيب لهذه التنبيهات.
ومن المشاهد المتكررة التى نلحظها باستمرار ويلحظها موظفوا المطار ؛ هو أن يطلب مسافراً من آخر حمل حقيبته بحجة الوزن الزائد، أو يطلب منه بأن يمررها له حتى صعوده إلى الطائرة ..
وهنا نؤكد بأن الجهل بالقانون لا يعفى من العقوبه إذا ما تورط في حمل ممنوعات .. لذا ندعوا أفراد الجمهور والمسافرين بعدم الانسياق وراء العاطفة المغلفة بالشهامه، فلربما في هذا الموقف تكون انت الضحية.