هل يقبل الرجل العربي أن تعيله زوجته؟ إليك الإجابة
المرأة المعيلة ليس بالظاهرة الجديدة على المجتمعات، فعلى مر العصور وجدت المرأة نفسها في مواقف تفرض عليها تولي زمام الأمور وتأمين لقمة العيش لنفسها ولعائلتها.
المرأة المعيلة تعرف بأنها التي تتولى رعاية شؤون أسرتها مادية بسبب مرض الزوج أو بسبب عوامل أخرى كعدم قدرته على العثور على وظيفة أو لانه خمول ولا يريد العمل. لكن هناك حالات أخرى تكون فيه الزوجة هي المهيمنة مادياً أي انها تجني أضعاف ما يجنيه الزوج وبالتالي يكون الاعتماد على راتبها .
السؤال المطروح هنا هو هل يقبل الرجل العربي ان تعيله زوجته ؟ الإجابة معقدة قليلاً فهناك الشق النظري وهناك ما هو واقع ملموس.
من الناحية النظرية.. لا يقبل
الرجل العربي يفتخر بقدرته على إعالة إسرته فهي الجزء الأساسي من صورته كرجل، كما أنه يعتبر أن إعالة المرأة له ينتقص من قيمته كرجل ويمس بكرامته ويشوه صورته أمام المجتمع. نظرياً الرجل يرفض ذلك لأن موازين القوى ستنقلب، فمن يملك «القوة المادية» هو الآمر الناهي، وبالتالي ستصبح هي «رجل البيت» وهو «ست البيت». الرفض هذا، من الناحية النظرية طبعاً، لا يرتبط فقط في حال كانت هي الطرف الوحيد الذي يجني المال بل أيضاً في حال كانت تجني أكثر منه.
السؤال عن قبول الرجل من عدمه مطروح على عدد كبير جداً من المنتديات العربية والاجابات بغالبيتها الساحقة تسير بإتجاه واحد.. الرفض. فوفق المشاركين بالنقاش الرجل الحقيقي لا يقبل أن تعيله إمرأة حتى ولو كان سيموت جوعاً، ومن يقبل بذلك فاقد للكرامة وعزة النفس. الفئة نفسها لا تمانع في الوقت عينه «الإستعانة» براتب الزوجة بل تعتبر بأنه يندرج في خانة «الواجبات».
الواقع يدحض النظرية.. نعم يقبل
الأرقام يمكنها وبسهولة دحض هذا الرفض القاطع من الرجل العربي خصوصاً في حالات المرأة المعيلة والتي تكون هي مصدر الدخل الوحيد للعائلة.
نسبة النساء المعيلات في مصر تبلغ أكثر من ٣٤٪ أما في المغرب فإن النسبة هي أكثر من ٢٠٪. في لبنان النسبة تقدر بأكثر من ١٥٪ وإن كانت غير دقيقة لان الدراسات التي اجريت تعود للعام ٢٠٠٩. في العراق النسبة هي ٧٠٪، أما في الأردن فلا توجد إحصائية رسمية توضح العدد الفعلي للنساء المعيلات لكن نسبة النساء المتزوجات العاملات هي ٥٦،٤٪. في اليمن نسبة المرأة المعيلة هي ١٢،٦٪ و٩،٨٪ في البحرين من إجمالي قوة عاملة نسائية تقدر بـ ٣١،٨٪.
فيما يتعلق بالإمارات فلا توجد إحصائيات دقيقة حول الامر بإسثناء تقرير لمجلس التعاون الخليجي صدر قبل عشرات السنوات. النسبة المذكورة في التقرير هي ٢،٦٪ كحد أدنى مع الاشارة الى ان نسبة النساء العاملات في الامارات تتجاوز الـ ٤٦،٤٪ وذلك وفق احصائية عام ٢٠١٦ . في السعودية ووفق بحث غير رسمي نشرته صحيفة الرياض عام ٢٠٠٥ فإن عدد اللواتي يتحملن اعباء الأسرة المالية يبلغن ٣٢،٢٪.
الأرقام أعلاه تتحدث عن المرأة التي تشكل مصدر الدخل الوحيد للعائلة، لكن في المقابل هناك الفئة التي تساهم براتبها، طوعاً أو إكراهاً. الواقع يؤكد بشكل لا لبس فيه أن الغالبية الساحقة من الرجال العرب لا يمانعون الإعتماد على راتب الزوجة ولكن تحت مسمى «التعاون».
التعاون هذا لا يكون دائماً عادلاً وقد كثر الحديث والجدل خلال السنوات الماضية حول الذمة المالية للمرأة وإستقلاليتها عن زوجها، خصوصاً وأن الخلافات الزوجية حول هذه النقاط تفاقمت . فمع نهاية كل شهر تتجدد المعارك فهي ترى بأنه يستأثر براتبها وينفق ما جنته بعرق جبينها، بينما وجهة نظره مختلفة كلياً فهو يرى بأن راتبها مساهمة في الأعباء. وفي بعض الحالات المتطرفة يستولي الزوج كلياً على الراتب رغم عدم رضى الزوجة أو يقوم بتجاهل مسؤولياته تجاه منزله مطالباً إياها بالتكفل بالإنفاق على الأولاد ومتطلبات المنزل بينما يتولى هو المسؤوليات«الأساسية»، كدفع الإيجار والفواتير وغيرها.
الرجل في هذه الحالة يتعامل مع راتب الزوجة وكأنه ملك له، فهو لم يفقد رجولته بل بات يمارسها بتطرف لانه يجني المال أيضاً. حالات الطلاق بسبب الخلافات على راتب الزوجة عديدة جداً في مختلف الدول العربية وهي تؤكد بأن الغالبية الساحقة من الرجال لا تمانع أن تعيلهم المرأة شرط عدم إختلال موازين القوى، وميزان قوته في هذه الحالة هو انه يجني المال أيضاً. اما في الحالات التي لا يجني فيها الزوج المال فالأمر مقبول طالما هو غير معلن وطالما هو الرجل وهي المرأة.
من الناحية الدينية .. عليه ألا يقبل
الإسلام جعل مسؤولية النفقة في البيت على الزوج.. استنادًا إلى قوله تعالى«الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم» فقوامة الرجل على البيت تأتي بدواعي النفقة ولهذا إذا لم ينفق الرجل على زوجته وأولاده قلّت قوامته وضعفت.
في المقابل ووفق أراء علماء الدين فإن لا شيء يلزم الزوجة التخلي عن راتبها أو الانفاق على زوجها ما لم تكن راضية بذلك كما لا يحق للزوج أن يأخذ منه شيئاً الا في حال كان قد إشترط عليها إعطاءه جزءاً من الراتب مقابل السماح لها بالعمل.