لماذا لا تصيب صواعق البرق طائرات الركاب بأذى
صواعق البرق
صواعق البرق، كريس بارانيوك- بي بي سي.. تمكن أحد العمال في مطار في آيسلندا من التقاط صورة لمشهد رائع يظهر طائرة ركاب تضربها إحدى صواعق البرق. فكيف إذن ينجو ركاب الطائرة من مثل هذه الصواعق؟
عندما شاهد هالدور غودموندسون لتوه وميض البرق بالقرب من مقر عمله الواقع شمال غربي مطار كيفلافيك الدولي في آيسلندا، سارع بتشغيل كاميرا هاتفه الجوال، وبدأ في تسجيل هذا المشهد لعلّه ينجح في التقاط صورة لإحدى تلك الصعقات الكهربائية الخاطفة للبرق في قلب السماء. لكن فجأة ظهرت طائرة في الأفق كانت تغادر المطار، لتضربها إحدى صواعق البرق في الحال.
كان المشهد غريبا من نوعه، بيد أن الطائرة استمرت في الارتفاع وسط الأمطار الغزيرة. وقد علّق غودموندسون، والذي رصدت صوره التي التقطها ذلك المشهد الاستثنائي، على ذلك قائلا: “لقد كان الأمر طريفا بالنسبة لي، لكنه بدا مخيفا أيضا”.
وقد وصلت تلك الرحلة، التابعة لشركة الطيران الآيسلندية “دابليو أو دابليو”، والتي غادرت العاصمة الآيسلندية ريكيافيك، إلى وجهتها في باريس بسلام، وتأكدت “بي بي سي” من أن تلك الطائرة لم تصب بأي تلف على الإطلاق.
وكما أوضحت المتحدثة الرسمية باسم شركة الطيران “دابليو أو دابليو”، فإنه من الشائع أن تتعرض طائرة لإحدى صواعق البرق. إذن، كيف نجت تلك الطائرة من صدمة تصل قوتها إلى مليار جول من الطاقة، أي ما يعادل ربع طن من مادة “تي إن تي” المدمرة.
وبحسب ما ذكره كريس هاموند، وهو طيار متقاعد، وعضو رابطة الطيارين البريطانيين، فإن “الهيكل” الخارجي للطائرة المحيط بالمقصورة، وبحجرات الاحتراق الداخلية يتم تصميمه بطريقة خاصة بحيث يكون موصلا للكهرباء، لكنه في نفس الوقت يكون معزولا كهربائيا بشكل جيد عن مركز قيادة الطائرة، وعن منطقة مقاعد الركاب، وعن المعدات الالكترونية الداخلية.
وأضاف هاموند: “هناك جدار شبكي معدني يغلف باطن الطائرة، وهو نسيج معدني رقيق يغطي كل الجدار، وهذا ما يمكّن من توصيل التيار الكهربي.”
ليس هذا فحسب، بل إن الأجهزة الإلكترونية وأجهزة التوصيل إلى خزان الوقود مثلا تكون مغطاة بدرع يمنع وصول تأثير أي انفجارات كهربية خارجية إليها. وقد تم فحص كل تلك المعدات بعناية قبل بدء استخدام الطائرة، من خلال عملية محاكاة لصواعق البرق تلك التي يتعرض لها سطح الطائرة، وأيضا مكوناتها الداخلية.
كما يشير هاموند إلى أن الصورة التي التقطها غودموندسون تبين أن كل المعدات كانت تعمل بكفاءة كما ينبغي. وتظهر الصورة أيضا دخول الصاعقة البرقية من مقدمة الطائرة وخروجها من ذيلها، وأيضا من جزء من جناحها.
وبذلك يحظى كل من على متن الطائرة بالحماية، تماما كما لو أنها كانت “قفص فاراداي”، والذي يشير إلى قفص مصنوع من مواد جيدة التوصيل للكهرباء لكنه يعزل ما بداخله عن التعرض لأي موجات كهربائية خارجية.
وبالرغم من ذلك، يكاد الأشخاص المسافرون على متن الطائرة يشعرون بتلك الصواعق التي يحدثها البرق. فعلى سبيل المثال، روى مسافرون في رحلتين تعرضتا لصواعق برقية غربي لندن في شهر أبريل/نيسان أنهم سمعوا صوت ضجيج واضح في الطائرة.
منذ سنوات مضت، لم تكن الطائرات معزولة عن الصواعق الكهربية بهذا الشكل. ويتذكر هاموند أثناء تحليقه بإحدى الطائرات حينما كان في انتظار الهبوط في ولاية سان فرانسيسكو، أنه فوجيء بوميض شديد يضرب الطائرة.
ثم يذكر بعدها أن “كل الشاشات أصبحت بيضاء”. ولحسن الحظ، فقد كانت الطائرات آنذاك مزودة بأجهزة قياس أخرى. وبمجرد أن عادت أجهزة الكمبيوتر للعمل تدريجيا، تمكنت الطائرة من الهبوط بسلام.