زها حديد الجانب الاخر من شغفها باليخوت
زها حديد
زها حديد، ربما لا يعرف كثُير ان المعمارية العراقية الراحلة زها حديد، كان لها نشاط آخر غير المعمار وهو تصميم اليخوت. وبلغت تصميماتها مرحلة التعاون لبناء مجموعة منها مع شركة المانية شهيرة في المجال اسمها "بلوم فوس".
وفي حوار جرى في لندن مع باتريك كونتي، مدير التسويق الدولي في الشركة الالمانية لصناعة اليخوت اعرب المسؤول عن اسفه لوفاة المعمارية زها حديد التي كانت تشارك الشركة مشروع يخوت جديدة من شأنه تغيير المفاهيم في هذا القطاع، كما سبق أن فعلت في مجال المعمار الارضي. وشدد كونتي على طموحات الشركة والشراكة المستمرة في مجال تصميم اليخوت مع مؤسسة زها حديد.
وقال إن تصميمات زها حديد هي افكار جديدة يمكن معها استعارة سمات معينة وتطبيقها في يخوت عملية. وعلى اساس افكار زها حديد قدمت الشركة مشروع "جاز" الذي يستعير عناصر التصميم من الشكل الاصلي ويضيف إليها ملامح عملية متجانسة. وهو يعتمد على التصميم الاصلي من زها حديد مع تعديلات عملية تنفذها الشركة بالتعاون مع العميل.
- هل دخل مشروع "جاز" حيّز الإنتاج بعد؟
- مشروع "جاز" مشروع كونسبت افتراضي مصمّم من أجل اثارة الاهتمام، وما ان يصل اهتمام العملاء الى درجة الرغبة في التعاقد لشراء اليخت، فسوف تبدأ عملية البناء. ونحن الآن في مناقشات مع عدد من العملاء المهتمين بالمشروع.
- كيف بدأت الشراكة مع زها حديد؟
- كان ذلك في أبريل من عام 2013 وأثناء جلسات التفكير في مستقبل التصميم والتسويق ليخوت "بلوم فوس". وكان الحديث مع زها التي قالت انها كانت تفكر في هذا الاتجاه بالفعل. وعبرت عن رغبتها في اختبار اسواق جديدة لأفكار التصميم لديها. وقدمت زها الفكرة الاساسية ليخت حجمه 120 متراً يمكن البناء عليه لتصميم مجموعة من اليخوت المعتمدة على التصميم الاصلي.
- اليخوت المنتشرة في عالم اليوم من الصانعين الآخرين تبدو كلاسيكية في الشكل العام، اليس كذلك؟
- هذا هو السبب في توجهنا لتغيير المعايير بعض الشيء في شكل جديد لا مثيل له ولن يتكرر، وهو يختلف عن شكل اليخوت الجديدة المتاحة في السوق. ونعتقد ان هذا التصميم وجد له مكاناً في السوق سوف تتميز به الشركة في المستقبل. ونحن نترك الاختيار للعميل ونقدم له البدائل المختلفة من الكلاسيكي الى الحديث. ومن اجل تقديم التصميم الحديث الى السوق يجب ان نتخذ المبادرة بالتعاون مع مصمّم متألق ولذلك كان التعاون مع زها حديد التي اختارتنا ايضاً للتعاون في هذا المشروع. ولكن اختيار التصميم العام يعود في نهاية الامر الى المشتري.
- هل الفكرة هي إنتاج عدد محدود من اليخوت التي تعتمد على تصميم زها حديد؟
- يمكن تخيل المسألة كدائرة تحيط باليخت الام وهو التصميم المجرد، وكل يخت من هذه الدائرة سوف يكون فريدا في تصميمه. وفي النهاية سوف يبدو الامر وكأن هذه المجموعة تمثل عائلة متجانسة من اليخوت.
- هناك انطباع بأن المشترين في هذا القطاع هم فئة من التقليديين الذين يصعب اقناعهم بالجديد والفريد والثوري في عالم اليخوت، فكيف ستحقق الشركة ذلك؟
- هذا انطباع صحيح. فلا يمكن اقناع احد يريد شكلاً تقليدياً باختيار تصميم حاد. ولكن هناك ايضا كثُر كانوا ينتظرون تصميماً ثورياً مثل الذي قدمته زها حديد. وانا اعتقد ان هذا يمكن ان يلبّي رغبة في السوق ولكن ليس للجميع. وهناك الكثير من التصميمات الغريبة غير التقليدية في السوق. ولكن في كل الاحوال لا بدّ من الالتزام بالقواعد الصحيحة لبناء اليخوت.
- هل تتوقع استمرارالتعاون في المستقبل مع شركة زها حديد؟
- لدينا اتفاق طويل الاجل. وعندما يتم الاتفاق مع عميل، فسوف يقرر العميل نفسه من يقوم بالتصميم الداخلي سواء كانت شركة زها او غيرها من المصممين. وفي الوقت الحاضر توفر النماذج المعروضة تصميما لزها لكل اليخت خارجياً وداخلياً.
- هل اضطررتم لاستخدام مواد جديدة لتنفيذ هذا التصميم؟
- نعتمد على الصلب او الالومنيوم، ولكننا نفضل الصلب من اجل الصلابة والتحمل، وخلفيتنا هي بناء السفن القوية. والصلب له مزايا اخرى هي خفض الذبذبة والضوضاء.
- ماذا عن محركات اليخت الجديد، هل ستكون نقليدية او هايبرد؟
- العميل سوف يقرر ذلك. اعتقد انها سوف تكون محركات ديزل ولكن من السهل تحويلها الى ديزل وكهرباء، وهناك الكثير من الحلول لتقديم نظم هايبرد كما فعلنا في اليخت ايكلبس.
- ماذا عن السرعة البحرية، هل يمكن لهذا اليخت بلوغ سرعة 30 عقدة؟
- لا. هذا اليخت مصمم لسرعات اقل لا تزيد على 16 عقدة. ولا حاجة لهذه اليخوت للسرعة، ومضاعفة السرعة قد يعني مضاعفة استهلاك الوقود ايضا، وإن كانت تكلفة الوقود ليست من هموم اصحاب هذه اليخوت. وهم يهتمون بالابحار من اجل الترفيه.
- هل هناك تقدير لثمن هذا اليخت بحجم 90 متراً؟
- من الصعب تقدير ثمن اليخوت قبل تحديد المواصفات، ولكن بوجه خاص سوف يكون هذا اليخت اغلى من مثيله التقليدي خصوصاً في التصميم الداخلي. ولكنه اغلى من 100 مليون دولار على اي حال. ولكننا لا نعطي اسعاراً محددة، ونعرف ان الزبائن في هذا القطاع يركزون على المواصفات التي يريدونها وليس على الاسعار. وما استطيع ان اقوله هو ان هوامش الارباح ضئيلة جداً، لأن هذا السوق عالي المنافسة. وما نسعى اليه هو سعر عادل لليخت نعرف انه من نوعية متفوقة.
- ما تصنيف "بلوم فوس" بين شركات تصنيع اليخوت الالمانية قياساً بالحجم؟
- من الصعب المقارنة لأن لنا مجالاً صناعياً اوسع داخل المانيا وخارجها، ولنا اهتمامات بالنفط والغاز وصناعة سفن الكروز. وبين الشركات الالمانية التي تصنع اليخوت اقول اننا ضمن الثلاث الاكبر حجما.
تأسست شركة "بلوم فوس" (Blohm + Voss) الالمانية لصناعة اليخوت في عام 1877 بين شريكين يحملان اسم الشركة "هيرمان بلوم" و"ايرنست فوس" في هامبورغ. واستمرت الشركة في بناء السفن واليخوت لأكثر من قرن وربع القرن. وهي تتخصص الان في بناء السفن الحربية للاسطول الالماني والتصدير، فضلاً عن اليخوت الفاخرة.
وكانت السفينة الحربية الالمانية بيسمارك هي اشهر السفن التي انتجتها الشركة في تاريخها. ولدى الشركة الان اقسام اخرى لصيانة واصلاح السفن بأنواعها من سفن الكروز الى الناقلات ثم اليخوت الفاخرة. وتستخدم الشركة حاليا نحو 1100 فني بدوام كامل.
وبنت الشركة نحو عشرة يخوت سوبر خلال القرن الماضي، كل منها فريد من نوعه ومصمم وفقاً لرغبة العميل. وتحولت هذه اليخوت مع مرّ الزمن الى نماذج كلاسيكية في الصناعة. وكان اول يخت سوبر اسمه "فيكتوريا لويز" في عام 1900، ولكنها كانت سفينة كروز اكثر منها يختاً خاصاً. ثم توالت اليخوت بعد ذلك بسندريلا في عام 1931، التي مازالت تبحر الى اليوم. وهناك ايضا "ليدي مورا" الموجودة معظم الوقت في موناكو امام نادي اليخت.
ثم جاء احد اشهر اليخوت في العالم وهو "أيكو" الذي حمل معه الكثير من التقنيات الجديدة ليخت في حجم 75 متراً. من التقنيات التي طبقت كانت النوافذ الزجاجية المحدبة وتوربينات الغاز لدفع اليخت بسرعة 30 عقدة. وبنت الشركة كذلك اليخت "أيه" بشكله المميز، ثم "بالاديوم" المتعدد الطوابق، ثم "ايكلبس" الذي حمل لقب اكبر يخت في العالم حتى انتزعه اليخت "عزام" الذي بنته شركة "لورسن" في العام الماضي. وفي نهاية العام الماضي دشنت الشركة اليخت "غريسفول" الذي تم تسليمه.