ترافيس كالانيك امبراطور التكسي الملياردير الغاضب
ترافيس كالانيك
ترافيس كالانيك، يُعرف الرئيس التنفيذي لـ"أوبر" ومؤسسها ترافيس كالانيك، الذي يبلغ 38 عاماً، بطبعه الحاد والمتقلّب وبنوبات الغضب، فضلاً عن لسانه الذي يطلق الشتائم. إنما، في المقابل، يشتهر هذا الرجل بثقته العالية بالنفس وروحه التنافسية، وهذا ما يجعله رجل أعمال لامعاً ومتألقاً. إذ، قبل نحو عامين، تم تقدير حجم شركته، التي تقدم خدمات نقل في 128 مدينة على امتداد 45 دولة، بـ18 مليار دولار.
قبل ان يذيع صيته في منطقة سيليكون فالي التي تقع في جنوب سان فرانسيسكو، وتشكل موئلاً لأهم شركات التكنولوجيا في العالم، منها "فيسبوك" و"غوغل"، كان كالانيك شاباً مندهشاً بكل ما حوله ويعمل بلا كلل و جهد كبير حتى انه بالكاد كان يتسنّى له الوقت ليلتقط أنفاسه.
حين كان لا يزال طالباً في جامعة كاليفورنيا (UCLA)، انضمّ كالانيك الى كل من مايكل تود وفينس بوزام، اللذين كانا يعملان على إعداد مشروعهما المشترك "سكور" (Scour) وهو خدمة لمشاركة الملفات، كانت قد سبقت منصة "نابستر"(Napster) المتخصصة أيضاً في مشاركة المعلومات. ترك كالانيك الجامعة في عام 1998 ليصبح موظفاً بدوام كامل، وانطلقت بعد ذلك شركة "سكور".
لدى انطلاقها، تمكنت "سكور" من اجتذاب ملايين المستخدمين، لكنها في المقابل، لفتت انتباه لاعبين كبار في صناعة الترفيه. هؤلاء، مجتمعين، لاحقوا الشركة الحديثة النشأة، أمام السلطات القضائية وطالبوها بتسديد تعويضات بقيمة 250 مليار دولار. هذه الخطوة كانت كفيلة بقطع الطريق وإيقاف العمليات التشغيلية. إذ إن الفريق-المؤسس أخذ التهديدات على محمل الجد، وسرعان ما أعلن افلاس الشركة في عام 2000، من أجل تفادي الغوص في سلسلة من الدعاوى والملاحقات القضائية.
أطلق تود وكالانيك معاً شركة أخرى لتشارك الملفات والمعلومات، تحت اسم "ريد سووش" "Red Swoosh"، وقد انضمّ اليها الفريق السابق من مهندسي "سكور". باشرت الشركة الجديدة تقديم خدمات بشكل شرعي وقانوني، لكن بعضاً من ممارساتها لم تكن كذلك. فقد اكتشفت مصلحة الضرائب ان "ريد سووش" كانت تتهرب من تسديد الضرائب من رواتب الموظفين. وهذا ما نفاه كالانيك بحجة انه لم يكن على علم مسبق بضرورة تسديد الضرائب. على أي حال، توجّب على مؤسسي الشركة ان يسددوا مبلغ 110 آلاف دولار لمصلحة الضرائب وإلا فالسجن مصيرهم.
تمكن كالانيك من جمع المبلغ المطلوب، لكن سرعان ما نشب شجار بينه وبين تود. فأخذ كالانيك الشركة على عاتقه الى حين استحوذ عليها العملاق "أكاماي" (Akamai) في عام 2007، مقابل 19 مليون دولار.
لم يهدر المليونير الجديد وقته وثروته على الرحلات المترفة او شراء الفلل الفخمة او حتى على القيام باستثمارات في شركات ناشئة. بل عزم على القيام بلقاءات حذقة، فبدأ يصادق موظفاً سابقاً في "غوغل"، هو كريس ساكا، الذي صار اليوم مليونيراً وأحد مؤسسي "أوبر". كما صادق أصدقاء كريس أيضاً، ومن بينهم طوني هزيه وهو الرئيس التنفيذي لـ"زابوس"، الى جانب احد مؤسسي "تويتر" إيف ويليامز.
ثم في عام 2008 وعلى هامش مؤتمر "لوويب" (LeWeb) المتخصّص في التكنولوجيا، التقى كالانيك غاريت كامب وهو احد مؤسسي StumbleUpon وهو محرك بحث يعمل على إيجاد المحتوى-موضوع البحث، كما يوصي مستخدميه به. كذلك يسمح لمستخدميه بإيجاد صفحات الويب وتقويمها، وكذلك الامر بالنسبة الى الصور وأفلام الفيديو، تبعاً لذوق المستخدم الشخصي.
على اي حال، على هامش المؤتمر، جرت محادثة قيّمة ومشوّقة جداً بين كالانيك وكامب. إذ أخبر الاخير كالانيك بفكرته الرامية الى إطلاق خدمة لتوفير السيارات الفخمة بأسعار معقولة، لا تصل الى 800 دولار للرحلة الواحدة، وهي التكلفة التي دفعها مرة كامب لدى استئجاره سيارة فخمة. سرعان ما راقت الفكرة لكالانيك، وهكذا باشر الرجلان العمل على مفهوم UberCab في العام التالي.
مع الوقت تبلورت فكرتهما، فغيّرا المفهوم من توفير سيارات ليموزين الى خدمة توفير سيارات أجرة تحت الطلب وذلك عبر استخدام تطبيق يكون متوافرا على الهواتف الذكية. تمكن الرجلان من جمع تمويل بقيمة 1،25 مليون دولار للانطلاق بالمشروع الجديد. فأطلقا "أوبر" في سان فرانسيسكو في العام 2010. وفي ديسمبر (كانون الاول) من العام نفسه، صار كالانيك الرئيس التنفيذي للشركة المولودة حديثاً.
إن عزم كالانيك وشخصيته الدؤوبة، جعلتاه يمضي بـ"أوبر" قدُماً، ليدخلها مدينة تلو مدينة، وذلك رغم الاعتراضات الكثيفة التي واجهها من جانب شركات سيارات الاجرة وسواها. كذلك، خلال الأعوام القليلة الفائتة، واجهت "أوبر" دعاوى قضائية وإضرابات واحتجاجات أخرى، فضلاً عن مواجهة بعض الخلافات مع بعضٍ من سائقيها الذين تربطهم بها عقود خاصة، إذ ليسوا موظفين بدوام كامل. وليكتمل المشهد، انضمت الى لائحة العقبات والصعاب، فئة جديدة من المنافسين منهم Lyft، وهي شركة نقل اميركية تقدم خدمات مماثلة لتلك التي تقدمها "اوبر"، عبر تطبيقات الهواتف الذكية.
إزاء هذا الواقع الذي لا ينفك يفرض مزيداً من التحديات، يقف كالانيك صامداً ومواجهاً. أما النتيجة، فمزيد من التوسع والانتشار لمصلحة "أوبر".
يقول مارك كوبن وهو احد مموّلي "أوبر" والداعمين لها، إن "ترافيس كالانيك متقد الذكاء. اما حينما تشتد المواجهة، فتبرز شخصية المبادر الحقيقية وروحه التي تقبل التحدي وتتطلع الى افق اوسع".