بن أفلك لـ الرجل هذا موقفي من الاسلاموفوبيا
بن أفلك
بن أفلك، ولد قبل 44 سنة، ونال أوسكاره الأول في سن يافعة، عندما كتب وصديقه مات دايمون سيناريو فيلم مستقل عنوانه «ول هانتينغ الطيب» Good Will Hunting وقاما ببطولته. حينها كان لا يزال في الخامسة والعشرين من العمر والمستقبل مفتوح أمامه، وقد قبض عليه بكل ما يملك من طموح وموهبة.
التمثيل هو حبه الأول مارسه منذ أن كان فتى في السادسة عشرة من العمر، لكنه لم يكن معروفاً للوسط الإعلامي ولا للسينمائيين أنفسهم، على الرغم من أنه أمضى سنوات عدّة في تمثيل الأدوار الثانوية والمساندة قبل ذلك. الحال اختلفت تماماً بعد ذلك، فأصبح مطلوباً من الجمهور ومثيراً لاهتمام النقاد وموضع رغبة المنتجين في التعامل معه. هذا ما نتج عنه أفلام مختلفة ومتنوعة في التسعينات؛ فهو في الفيلم الكوارثي «أرماغيدون» (1998) إلى جانب بروس ويليس، وفي الفيلم الأدبي «شكسبير في الحب» (1999)، ثم في الفيلم الحربي العاطفي «بيرل هاربور» (2001).
بعد ذلك الفيلم تحديداً شعر أفلك بأن المرحلة التي انقضت قد تكون أفضل مراحله. لقد أقبل على أعمال جيدة أو من تلك الإنتاجات الكبيرة المتوجهة الى الجمهور العريض، وهي أنجزت ما أريد له منها. لكن ما لم يكن واضحاً لديه هو ما الذي يستطيع فعله بعد ذلك، ليضمن الحفاظ على النجاح؟
هذه هي الفترة الحرجة التي كادت أن تودي بإنجازاته، فمن مطلع النصف الأول من العقد الأول من القرن الحالي، طاشت ضرباته واختياراته فشوهد في أفلام غير مميزة إلا بسوء إخراجها أو بسوء طالعها، من بينها «فتاة جيرسي» و«غيغلي» (بات مثالاً لإخفاقاته لدى النقاد) و«موظفون 2».
في عام 2007 قرر الوقوف على قدمية وفعل.
اتجه للإخراج، فأنجز فيلماً استقبل جيداً عنوانه Gone Baby Gone. بدا له ذلك البداية الثانية التي يرغب فيها، فأخرج بعده بثلاث سنوات The Town ثم Argo الذي نال به أوسكار أفضل، فيلم وأثار ما أثاره من وجهات نظر سياسية مختلفة، والآن يكاد ينجز فيلمه الرابع مخرجاً وهو «يعيشون ليلاً».
في الوقت ذاته أحسن اختيار أفلامه ممثلاً. إلى جانب أنه لعب في الأفلام التي أخرجها، ظهر في فيلم ترنس مالك «للعجب»، وقبله في الفيلم الرصين «رجال الشركة» (The Company Men)، وبعده في «فتاة مختفية»Gone Girl. ثم توّج أداءاته هذه مؤخراً، بفيلم «باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة» حيث لعب شخصية الرجل الوطواط.
أفلك شخصية لطيفة ومثقفة وملمّـة. له مواقف سياسية إيجابية تجاه المسلمين الذين يراهم مضطهدين بسبب موقف الوسط الإعلامي منهم، لمجرد أنهم مسلمون. عارض ذلك علانية وعلى شاشات التلفزيون، فاكتسب إعجاباً واسعاً وجديراً.
في أعماله الأخيرة ركّـز على القيمة والصورة التي أرادها لنفسه، بطلَ فيلم جلب إلى الآن نحو 700 مليون دولار من الإيرادات، هي عاكسة لشخصيته: متأملة، مسالمة وفي الوقت ذاته قوية.
استقبال حذر
• ذات مرّة إثر إخراجك فيلم «البلدة» (The Town) بدا عليك، في تلك المقابلة، أنك أكثر رغبة لمنح الإخراج أولوية في حياتك المهنية. بعد ذلك تعزز هذا الاعتقاد عندما قمت بإخراج «أرغو» سنة 2012، ثم حدث «باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة»، تسلّمت عرضاً لا يمكن رفضه. أليس هذا ما حدث؟
- تقريباً. ما حدث هو أنني في تلك الفترة كنت بالفعل راغباً في عدم التوقف عن الإخراج، مع التمثيل طبعاً والفيلمان اللذان ذكرتهما مثلتهما أيضاً. لكن المشاريع التي تستحوذ اهتمامي تأخذ وقتاً طويلاً لإنجازها. بعد «أرغو» مثلت في ثلاثة أفلام، ثم حدث «باتمان…» وحدث سريعاً. سمعت وقرأت شيئاً عن أنني من بين المرشّـحين للدور، ورغم ذلك فوجئت عندما اختاروني.
• ما سبب المفاجأة؟ هل يعود - وأنا أخمّـن هنا- إلى تجربتك السابقة في «العفريت» (Daredevil) كونه فيلم كوميكس وسوبرهيرو أيضاً؟
- لا أعتقد. ذلك الفيلم لم يترك أثراً يذكر ولا أراه مسؤولاً عن رغبة وورنر إسناد مهمة «باتمان» إليّ. وورنر أرادت أن أقوم بالدور بقناعتها الخاصة. رأت أنني أصلح للدور بل كانت أرادت مني أن أخرج بعض أفلام الكوميكس أساساً.
• أي فيلم بالتحديد؟
- «رجل من فولاذ» (Man of Steel)، لكني لم أوافق حينها، لأني كنت في وارد تحقيق أفلامي التي أريد تحقيقها. هذه عنت لي أكثر من الإقدام على تنفيذ فيلم أكبر حجماً مما كنت أنوي القيام به.
• أثار اختيارك الكثير من ردات الفعل السلبية. بالمجمل كان استقبل عشاق باتمان الخبر بحذر. كيف تعاملت مع ذلك؟
- هناك أسباب عدة لذلك، منها في رأيي أن جمهور باتمان أحب الممثلين السابقين الذين قاموا بالدور وآخرهم كرستيان بايل الذي كان رائعاً في دوره فعلاً، وجورج كلوني الذي منحه حضوراً مختلفاً أيضاً. لكن أعتقد أن الجمهور استقبل اختيار كل من بايل وكلوني بالنبرة نفسها في مطلع الأمر. ارتابوا في قدرتهما على إيفاء الشخصية حقها. الآن بعدما شاهدني الجمهور في الدور تأكد له، كما يبدو لي، أنني مناسب كالآخرين. سبب آخر هو أن أدواري الأخيرة السابقة لا تمهّد لتمثيل هذه الشخصية. ربما رأي الجمهور هنا تناقض لم أره أنا.
بين البراءة والواقع
• الآن تبدو أنك ستخرج أحد الأفلام المنتظرة من سينما الكوميكس، وهو «فريق العدالة الجزء الأول» كما يُـقال إنك صرحت بأنك لا تمانع في إخراج الجزء المقبل من «باتمان وسوبرمان»؛ فما الذي تغيّـر؟
- الاحتكاك بهذا النوع من الأفلام ممثلاً أو مخرجاً، ليس تماماً كالعمل في أفلام أخرى. رغبتي الخاصة في هذا الوضع، هي أن أرى إذا ما كنت أستطيع دمج العمل المنجز بأعلى قدرات المؤثرات والدجيتال غرافيكس، مع الناحية الشخصية، لينتمي الفيلم بالفعل - ولو إلى حد – إلى نظرتي له. أهتمامي بالموضوع هو تحدّ جميل وأعتقد أن تمثيلي لفيلم «باتمان ضد سوبرمان» كان له هذا الدفع الإيجابي صوب تبني الفكرة.
• هل كان تمثيل دور باتمان أو أي من أبطال شخصيات السوبر هيرو، حلماً لديك قبل أن تقوم به في هذا الفيلم؟
- طفلاً فقط. مثلنا جميعاً يرتسم في البال شخص جدير بالإعجاب نسميه البطل ونقلّده. كنت أشاهد حلقات سوبرمان كما مثلها جورج ريفز على التلفزيون في الستينات، وشاهدت الكثير من المسلسلات البطولية المماثلة والآن أعيد مشاهدتها، لأن ابني يهواها، فأشاهدها معه.
• ما الذي يستهويك في شخصية باتمان؟
- هناك شيء خاص يربط بين وجهي هذه الشخصية؛ فهو الثري بروس واين، والبطل الذي يحارب الجريمة باتمان. قليلة هي المرات التي سنحت للممثلين الذين تعاقبوا على الدور، مع إعجابي بهم جميعاً، فرصة سبر غور هذا الجانب. هذا الشيء قد يكون أنه في الوقت الذي يرمز فيه باتمان إلى البطولة، فإن شخصيته رجلاً عادياً، لا تخلو من الضعف الإنساني. هذا ما يجعله ناجحاً اليوم بين المشاهدين، كما كان ناجحاً دائماً في الروايات التي صدرت عنه.
• ما هو مثير حقاً، أن الحكايات الحاضرة التي تتعامل معها أفلام اليوم في سينما "السوبرهيروز" تنتمي إلى عالم اليوم، أكثر مما تنتمي إلى استخلاص النصوص من مجلات الكوميكس السابقة. هل توافق؟
- طبعاً؛ هناك شيء مهم في هذا النحو. في أفلام سوبرمان وأفلام باتمان التي تمّـت في السنوات السابقة كان الاعتماد على تلك الأفكار ضرورياً. تلك الأفلام لم تقتبس الشخصيات والعناصر العضوية التي تتألف منها فقط، بل الحبكات التي كُـتبت لها أيضاً. اليوم نحن في عصر كل ما نعيشه فيه جديد علينا والسينما تريد أن تواكبه. لذلك لا جدوى من اقتباس الحبكات السابقة، لأن هناك في عالمنا اليوم أكثر منها وأقرب إلى الواقع. كل ما يحدث في هذا العالم اليوم يشكل مادة تكمن في العقل الباطن ثم تتبلور إلى حبكات جديدة. شخصياً لا أمانع في مغامرات بريئة و«نوستالجية» تحن للماضي، لكن الحياة الحاضرة تفرض شروطها.
إسلاموفوبيا
• هناك مقاربة أو أكثر بين مشاهد في «باتمان ضد سوبرمان» وبين أحداث واقعية. أولها هو الذي ينطلق فيه سوبرمان لكي يقتل الإرهابي الإفريقي الذي كان يهدد سلامة زوجته. ألا يشتغل ذلك على فكرتين الأولى إثارة قدر من الشعور بالقوّة وتحقيق العدالة، والثانية إثارة الخوف من شخصيات بعينها؟
- هذا سؤال مهم وصحيح، لكن الغاية من الفيلم في رأيي هي تلبية توقعات الجمهور. هذا لا يعني أنها ليست مدروسة لكي تثير أرضاء المشاهدين وإشعارهم بأن البطل في هذا المشهد أنجز ما لا يستطيعون إنجازه. أما الخوف فهو سياسة ليست جديدة، وهي بالغة التأثير.
• لك موقف واضح في هذا الصدد…
- طبعاً؛ لأنه من الأسهل إثارة الناس لتفرقتهم على العمل لإلهامهم. أقصد أنه من السهل أن تحرك الناس لكي يرتابوا في الآخرين ويعادوهم، على أن يشجّعوا على التواصل ونبذ العداوة والالتقاء على أسس إنسانية. في الفيلم نجد باتمان في كهفه يراجع الطرق الكفيلة بتحقيق هذا الهدف، بينما سوبرمان ينطلق لتحقيق العدالة الجاهزة. لاحقاً يتعاونان معاً لدرء الخطر، ضمن مفهوم أكثر قبولاً لدى الذين يرفضون أن يُحارب الشر بالتخويف وإثارة الضغائن؛ هذا ما أحبه في الفيلم.
• موقفك من الإسلاموفوبيا يشهد بأنك تتعامل مع الموضوع بواقعية وشجاعة.
- لا يمكن لي أن أجد أننا نحن البشر غير مطالبين بالتفرقة بين قلّـة تمارس الإرهاب، وأغلبية لا علاقة لها به، حتى لو كان كلاهما من جنس واحد أو عنصر واحد أو دين واحد. هذا ما أتحدث عنه عندما أقول إن البعض يثير الخوف للتفرقة بين الناس، ولجعل الأغلبية ترى الأقلية مصدر خطر جسيم، وعليها أن تبادر بمحاربته لمجرد أنهم مسلمون أو ذوو بشرة داكنة، أو لأي سبب كان.
• هل وجدت نفسك وحيداً في هذا التوجه؟
- لا على الإطلاق. كثير من الممثلين والسينمائيين عموماً، وأنا لا أريد أن أذكر أسماء، يرون ما أراه ويتفقون معي في هذا الموضوع.
• في مسيرتك الطويلة ممثلاً، متى شعرت بأنك بدأت بإنجاز النجاح الذي تطلبه لنفسك؟
- لأول مرّة؟ عندما فزت بالأوسكار أنا وصديقي مات دامون، عن سيناريو «ول هانتينغ الطيب» (Good Will Hunting).
• هل شعرت بأنك ستخسر النجاح بعد ذلك، بسبب فيلم آخر؟
- كانت هناك مرحلة انتقدني فيها الإعلام على تمثيلي أفلاماً لم تنل إعجاب النقاد؛ هناك أفلام مشهودة لم تكن تستحق الإعجاب بالفعل.
البقاء على القمّة
• مثل Gigli؟
- هذا واحد؛ للأسف لا يرى الممثل دائماً نتيجة ما يقدم عليه. يفاجأ بأن النتيجة تختلف عما توخّاه من الفيلم. لكن في تلك الآونة (في العشرية الأولى من القرن الحالي)، كان بن أفلك هو المسؤول عن كل شيء. الأمر غريب بعض الشيء، لأن الممثل ليس سوى جانب واحد من العمل وليس كل الفيلم. لكن هذا النقد أيقظني كثيراً، ساعدني في الحقيقة، لأنّني بدأت بعد ذلك أبحث بجهد أكبر عن فاعلية ما أقوم بتمثيله من أدوار.
• هل وجدت راحتك في الأفلام التي قمت أنت بإخراجها وبطولتها؟
- قبل ذلك؛ يكمن السرّ في المخرج، وكيف يستطيع أن يحوّل ممثله من مؤدّ إلى ممثل جيد. عندما مثلت «العفريت» لم يكن وارداً عندي أنني سأكرر هذا الدور. وتأكد لي ذلك عندما فشل الفيلم في تحقيق النجاح المأمول منه. أعتقد أنها الفترة التي أخذت أفكر في كيفية الحفاظ على مكتسباتي الفنية، لكن معرفة الجواب عن هذ الموضوع لم تكن سهلة، ومررت بعدد آخر من الأفلام التي مثلتها وأنا لست راضياً عن النتائج التي أثمرت عنها.
• ماذا يمنحك إخراج أفلامك؟ الحرية مثلاً؟
- الحرية نسبية في كل شيء. وما يمنحني إياه القيام بالإخراج، هو التعرّف إلى الصورة الأخرى للشخصية التي أقوم بها. أمام الكاميرا أنا ماكراي في «البلدة» أو توني في «أرغو». وراء الكاميرا أضع هاتين الشخصيتين في العالم المرسوم حولهما. إنها تجربة رائعة ولو أنها تتطلب جهداً وتركيزاً كبيرين.
• إمن العادي القول إن الحفاظ على المكانة صعب والأصعب من ذلك النجاح فيما يقوم به الممثل. بكلمة واحدة: ليس سهلاً البقاء عند القمّـة. لكنك فعلت ذلك. كيف تسنى لك هذا؟
- أحب عملي وأتفانى به، وأخلص له كثيراً. لكن هذا لا يكفي من دون وجود أناس موهوبين عملت معهم. النجاح عندي هو أن تكون جاداً ومحترفاً، وأن تجد من يناسب جديتك وحرفيتك أيضاً. كلاهما يخلق النجاح.
• عندما يُـقال لك إنك ممثل نجم، بدأت مشوارك من الأوسكار، إذاً بدأته من القمّـة، كيف تشعر؟
- لا أعتقد أنني بدأت من القمّـة. أعتقد أنني بدأت موزع بيتزا (يضحك). لقد عملت موزع بيتزا قبل أن أدخل التمثيل محترفاً. لكني كذلك لا أشجع نفسي على التفكير بالنجاح. هناك الكثير مما نعدّه مهماً، وهو ربما كذلك، لكننا لا نستطيع أن نحمّـله أكثر من طاقته. النجاح عندي هو أن أستمر في إنجاز مشاريع جيدة، وأن أجد المناسبات التي أستطيع من خلالها تحقيق ما أريده لفني ممثلاً أو مخرجاً.
• من هذه الزاوية إذاً، أين موقع أفلامك الأخيرة، مثل «فتاة مختفية» و«باتمان ضد سوبرمان»؟
- كل منهما يختلف عن الآخر اختلافاً كلياً، لكني محظوظ أنني موجود في كليهما. «فتاة مختفية» ينتمي إلى أعمالي ممثلاً التي تريد أن تنجز للمشاهدين ما يريدونه من فيلم يطرح قضية أو يوفر ترجمة بصرية للرواية التي استهوتهم. إنه دراما اجتماعية نجحت لعوامل مختلفة، من بينها بالطبع أنها حكاية مقتبسة من الواقع ومن كتاب جرى تأليفه بناء على ذلك الواقع. «باتمان ضد سوبرمان» مختلف في كل معطياته. إنه فيلم للجمهور السائد ونجاحه بطبيعة الحال أكبر.
يعيشون ليلاً
• الأفلام التي على شاكلة «فتاة مختفية» أو «البلدة»، عليها أن تجهد كثيراً لكي تنجح وبعض السبب يعود إلى أن الجمهور الشاب أكثر اهتماماً بمشاهدة أفلام من نوع «باتمان وسوبرمان» من مشاهدة أفلام درامية جادة. هل تجد هذا صحيحاً؟
- هذا هو الوضع منذ أعوام كثيرة. الأفلام التي تختلف عن السائد عليها أن تكون جيدة جداً لكي تنال حظها بين الجمهور، لذلك يعمد الكثير من السينمائيين إلى تحويلها إلى احتفالات خاصّـة تعرض غالباً في موسم الأوسكار.
• بعد «باتمان ضد سوبرمان»، انتقلت مباشرة إلى تحقيق فيلم جديد مخرجاً، هو «العيش ليلاً»؛ هل انتهيت من تصويره؟
- نعم؛ هو في مرحلة التوليف (المونتاج) حالياً. في الحقيقة سأعود إلى غرفة المونتاج حال انتهاء هذه المقابلة.
• التوليف مرحلة دقيقة.
- جداً، لأنها محمّـلة بالفرص. تستطيع أن تمنح المشاهد أكثر من أسلوب وأكثر من حياة. في "المونتاج" يبدأ الفيلم اتخاذ شكل فعلي، وهي مرحلة غريبة، لأنها مرحلة عاطفية وملأى بالقرارات الحاسمة أيضاً.
• عمَّ يدور الفيلم؟
- لا يمكن تلخيصه من دون الإساءة إليه، لكنه فيلم عصابات تقع أحداثه في العشرينات والثلاثينات، مأخوذ عن رواية لدنيس ليهان…
• كتب Shutter Island وMystic River ؟
- صحيح. سكوت إيستوود إبن إيستوود الذي أخرج «ميستيك ريفر» كما تعلم معي في الفيلم.
وجه اخر
• من هم أبطال حياتك؟ هل تحب السوبرهيرو؟
- أعتقد أنني أحب الأبطال. كوني ممثلاً لا بدّ، كشأن الكثيرين، أنني هضمت وقبلت بمفهوم البطولة. أول ما يشدنا إلى العالم حكايات المغامرة وكل حكاية لها بطلها بالفعل. لكن هذا المفهوم ليس حكراً على شخصيات من نوع باتمان، بل تشمل كذلك، وبالضرورة - في رأيي - شخصيات واقعية، مثل مارتن لوثر كينغ ونلسون مانديلا وغاندي. مثل هذه الشخصيات التي عانت كثيراً لأجل إيصال رسائلها السلمية إلى العالم بأسره.
• كيف تمضي أوقاتك الخاصّـة؟
- حين يكون لديك ثلاثة أولاد، يكون لديك أكثر من سبيل لتمضية الوقت. هناك أشياء كثيرة يمكن لك أن تقوم بها، بعضها لا يتجاوز حد الرعاية المباشرة، كالاهتمام بطعامهم أو ملابسهم. نذهب في رحلات بعيدة للاستجمام. أحاول أن أمارس ما يمارسه كل أب في العالم، وهو الرعاية. بالنسبة للتلفزيون بدأت، كما ذكرت، إعادة مشاهدة البرامج القديمة غالباً، وبعض الجديدة.
• أين تمضي، حين تريد أن تكون وحدك؟
- عندي غرفة مكتب كبيرة في البيت، وهذه تتيح لي الاسترخاء. وحتى حين لا أعمل، أدخلها لكي أجلس وأتأمل أو أكتب. مكان كهذا مهم لكل واحد، لكن ليس مهرباً من الحياة، لأن علينا أن نكون على تواصل مع محيطنا، وعلى فهم كامل بما يحدث في حياتنا الاجتماعية وما يحدث لعالمنا أيضاً.
• ما نقاط ضعفك؟
- الهمبرغر (يضحك). أعرف إنه ليس مفيداً لك، وكل ما قيل ويقال عنه صحيح، ولا أريد أن أموت وأنا آكله، لكنّي ضعيف حياله.
• هل تضايقك الشهرة، كونها تضعك دائماً أمام حكم الرأي العام وفضوله، أو تحت مجهر وسائل الإعلام؟
- ليس لدي ما أخفيه في حياتي عن العيان، لذلك لا أهتم كثيراً بتدابير احترازية أو أي شيء من هذا القبيل. أعدّ نفسي محظوظاً وأن إعجاب الناس أو تقديرهم لي هو جزء من هذه الميزة، لذلك لا أكوّن وجهة نظر سلبية ولا أشكو مطلقاً من كثرة الاهتمام بي (يضحك).
• بعد نجاح «باتمان ضد سوبرمان» ليس لديك أي ندم بالطبع لظهورك في دور باتمان.
- أتمزح؟ طبعاً لا. لم أندم مطلقاً بل كنت سأندم لو لم أشترك في هذا الفيلم.