اغرب 4 فقاعات اقتصادية اجتاحت العالم
فقاعات اقتصادية
فقاعات اقتصادية، تُعرّف بأنها حالة تحدث عندما تتسبب المضاربة على سلعة ما، في تزايد سعرها، ومع استمرار المضاربة يرتفع سعر السلعة إلى مستويات خيالية، حيث يشبه هذا الارتفاع، انتفاخ الفقاعة ويُتبع عادة بانهيار وهبوط حاد ومفاجئ لسعر هذه السلعة، بما يشبه انفجار الفقاعة.
وقد مرّت الكثير من الفقاعات الاقتصادية تاريخياً على الاقتصاد العالمي، وكان لها أثر جسيم في اقتصادات الدول والثروات الفردية، حيث أدت في كثير من الحالات إلى ركود اقتصادي واختفاء للثروات الفردية. وتتأثر الفقاعات الاقتصادية بعاملين أساسيين، وهما الجشع البشري والرغبة في الربح السريع ومن دون بذل أي جهد، ما يغذي هذه الفقاعة ويزيد حجمها, ثم الذعر الجماعي (غريزة القطيع) من الخسارة، ومحاولة تقليل الخسائر، عبر البيع الجماعي غير المدروس، ما يؤي إلى انفجار الفقاعة وانهيار الأسعار سريعاً والنتائج الكارثية التي تتبع الانفجار ، ومن أشهر هذه الفقاعات الاقتصادي:
جنون التوليب
اجتاحت هذه الظاهرة هولندا، مع ارتفاع شعبية أزهار التوليب، بعد قدوم بصيلاتها من تركيا في القرن السابع عشر، وتهجينها لتلائم مناخ هولندا, وأصبحت الزهرة موضوعاً للتفاخر وإظهار الحالة الاجتماعية، حيث لا يمتلكها سوى علية القوم.
وقد تعاظم سعر هذه البصيلات، حيث أصبحت المقايضة عليها تتمّ بالأراضي والبيوت والمواشي، وقد استبدلت بصيلة واحدة باثني عشر رأساً من الخراف.
وفي مطلع عام 1636 وصل سعر بصلة شهيرة باسم سمبر أوغسطين 6000 فلورينة وهو ما يعادل دخل عامل عادي في هولندا لنحو 40 سنة من العمل.
كما ادخلت أبصال التوليب في السوق المالي في مطلع العام نفسه، ما شجع كل فئات المجتمع للدخول للمضاربة وتحقيق ربح سريع وعال ومضمون، حيث كانت الأسعار تتجه للارتفاع فقط, كما كان البعض يبيعون أبصالاً زرعوها للتوّ أو ابصالاً ينوون زراعتها، بما يشبه العقود الآجلة بتسليم مستقبلي، وسُمّيت هذه الظاهرة بـ"تداول الهواء".
و في 3 فبراير 1637 لم يعد متداولو بصيلات التوليب يحصلون على أي أسعار أعلى لشراء بصيلاتهم، ما جعل الشك يراود المستثمرين، ما ولد ذعراً عارماً، فابتدأ الانهيار الكبير للاسعار، وانفجرت الفقاعة وأصبح الكثير يملكون عقوداً آجلة لا تساوي قيمتها عُشر ما دفعوه، وآخرون يحملون بصيلات تساوي قيمتها أعشار ما دفعوه مقابلها. وقد أدت هذه الفقاعة إلى إفلاس الآلاف من الهولنديين من رجال أعمال وأثرياء، وحتى من عامة الشعب.
شركة البحر الجنوبي
وهي شركة مساهمة إنكليزية أنشئت في عام 1711، بمشاركة القطاعين العام والخاص، لخفض الدين العام الإنكليزي, وفي عام 1720 ضمنت الشركة سداد نحو 60% من سندات الدين العام الإنكليزي، مقابل تسهيلات حكومية تتضمن الاتجار والنقل الحصري لكل البحار الجنوبية، ويعني بذلك خاصة العالم الجديد وأمريكا اللاتينية. وتم الحصول على هذه الصفقة الحصرية عبر رشوة وزير الخزينة وعدد من اللوردات المهمين، ووزراء آخرين.
ونتيجة لذلك طرحت الشركة أسهمها ضامنة مرابح مضمونة بقيمة 5% للمستثمرين، مع طرح أسهمها بقيمة 150 باوند انكليزي، ما أدى إلى حالة من التدافع العشوائي لشراء أسهم الشركة التي ارتفعت إلى 1050 باوند، مع استمرار الشركة لطرح أسهم وهمية لتغطي الطلب الشديد على أسهمها، ما استدعى تدخل الحكومة لقمع مخطط رفع الأسعار وإصدار الأسهم الوهمية، ما أدى في أغسطس إلى انهيار الأسعار بشكل سريع، مع عملية البيع العشوائي الذي رافق الانهيار، حتى وصل في أيام معدودة إلى 150 باوند، مكلفا الكثير ثرواتهم كاملة، وأدى إلى إفلاسهم.
شركة المسيسيبي
في فرنسا وبعد أن أنهكتها الحروب التي قادها لويس الرابع عشر ظهر جون لو، وهو اقتصادي اسكوتلندي الأصل، اعتقد أن أساس المشكلة الاقتصادية التي تتعرض لها فرنسا، هو عدم الاستقرار في عرض الذهب والفضة، وليس تردي الأحوال الاقتصادية وثقل الدين العام.
ولذلك أسّس جون ما سُمّي بالبنك الملكي، وأعطي حقوق إصدار صكوك أو بنكنوت قابلة للاستبدال بقيمتها ذهباً, وقد جرى الإقبال على هذه الفكرة بشدة، وزاد إيداع العملات المعدنية الذهبية والفضية، ومع ازدياد الإيداع ازدادت أعباء دفع الفوائد لهذه الأموال المُودَعة، ما أدى إلى أن ينشئ البنك الملكي، شركة المسيسيبي، وعُيّن جون مديراً عاماً لها، وأعطيت الحقوق الحصرية للبحث عن الذهب غير الموجود أصلاً في صحراء لويزيانا في الولايات المتحدة, وهذا مكّن جون من افتتاح الاكتتاب على اسهم الشركة، بغية سداد ديون الخزينة الفرنسية، ولقيت الفكرة رواجاً شديداً وازداد شراء أسهم الشركة عبر شراء البنكنوت المطبوع بالأصل في البنك الملكي, ما أدى إلى تضخّم قيمة السهم بسرعة وبدون أي قيمة حقيقية له, إلا أن الفقاعة لم تحتج إلى وقت طويل لتنفجر في عام 1720، عند رفض استبدال البنكنوت البنكي بقيمته من الذهب، ما أدى إلى موجة ذعر عارمة وبيع عشوائي للسهم، ثم فقدان السهم لقيمته كلياً.
وطبعاً أفلس البنك الملكي بعدها تماماً، مطيحاً بثروات واستثمارات الآلاف، مدخلاً فرنسا في حالة من الكساد الاقتصادي، وهرب جون خارج فرنسا، ليقضي حياته ويموت فقيراً في عام 1729. وتُعرف هذه الفقاعة بأنها من كبرى عمليات النصب والاحتيال في التاريخ.
أراضي فلوريدا
مرّت الولايات المتحدة، في بداية القرن الماضي وخاصة في العشرينات في حالة رخاء، ووفرة اقتصادية, حيث انخفضت البطالة وازدادت الأجور وارتفعت أسهم سوق المال وتكونت الثروات, ما أدى إلى حالة غير مسبوقة من البذخ وإظهار الثروة لدى الأغنياء, ولعل أحد مظاهر إظهار الثروة، كان شراء عقار مميّز أو أرض واسعة في فلوريدا، حيث أصبح يروّج لفلوريدا كأرض الأحلام الدافئة في شتاء الولايات المتحدة البارد, كما أن توفير البنية التحتية من جسور وطرق وفنادق وملاعب وحدائق، أسهم في تحسين صورة فلوريدا كأرض الميعاد.
كما واكب ذلك انتقالها، لتصبح الوجهة الأولى للعطلات في الولايات المتحدة، فضلاً عن اهتمام المزارعين باستصلاح الأراضي واستثمارها الزراعي.
كل هذا أسهم في ارتفاع قيمة الأراضي بشكل غير مسبوق، بلغ نحو أربعة أضعاف، وفي أقل من سنة، حيث اندفع المستثمرون ومن جميع أنحاء الولايات المتحدة، لشراء الأراضي والعقارات في فلوريدا، للكسب السريع المضمون، كما لو أن الأسعار سوف تستمر في الارتفاع على هذا النحو الجنوني إلى الأبد. وأصبح جميع سكان الولاية، إما تجاراً عقاريين أو وسطاء أو مستثمرين في السوق العقاري.
واستمرت الأسعار في الاشتعال حتى عام 1925، حيث ابتدأت الكتابات التشاؤمية تظهر عن المبالغة في أسعار العقارات، وانعدم المشترون الجدد للأراضي والعقارات المعروضة بأسعار فلكية.
وما ساعد في انفجار الفقاعة، هبوب إعصار شديد دمّر الكثير من المباني والمنازل والمرافق الحيوية، ما دفع الاسعار إلى الهبوط بطريقة جنونية، نتيجة البيع العشوائي وهروب المستثمرين، حتى عادت الاسعار إلى ما كانت عليه، مخلفة ركوداً اقتصادية وديوناً كبيرة للمستتثمرين الذين فقدوا أغلب اصولهم في هذه المغامرة.
والجدير بالذكر ان فلوريدا، وفي السنين التي تلت، لم تتأثر بالكساد العظيم الذي ضرب الولايات المتحدة، لأنها بعد انفجار فقاعة أسعار الأراضي، لم يعد لديها ما تخسره.