المحامي سمير كنعان : لو عاد بي الزمن لاخترت مهنتي
الرجل-دبي:
بدأ المحامي سمير حليم كنعان ممارسة المحاماة في دبي بداية العام 1976 ، و ساهم بإعطاء المشورة القانونية لدى تجهيز قانون الوصايا المعتمد حالياً لدى محاكم المركز المالي ،وهو اليوم مُحكم معتمد لدى مركز دبي للتحكيم الدولي ومركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولدى جمعية التحكيم الأمريكية وهو يرأس "كنعان للمحاماة " المعروفة في الامارات .
عُين كنعان في العام 1975 قنصلاً فخرياً للبنان في دبي وقد بقي في هذا المنصب لغاية العام 1976 وقد شغل منصب نائب حاكم المنطقة الروترية 2452 التي تضم ثمانية دول وكان أيضاً رئيساً لمجلس العمل اللبناني في دبي ، الرجل حاورته من دبي:
- كيف تحب أن تعرفنا عن نفسك في البداية ؟
ج: لبناني، تخرجت في كلية الحقوق في لبنان عام 1969، وباشرت عملي المهني بعد التحاقي بنقابة بيروت عام 1970، وبسبب الأوضاع غير المستقرة في لبنان، آنذاك، حضرت إلى دبي عام 1975، ثم باشرت عملي المهني وفتحت مكتباً للمحاماة عام 1976، وما زلت أزاول هذه المهنة منذ ذلك الحين، وأتابع عملي اليومي فيها، بما فيها الحضور أمام محاكم دبي والترافع عن الموكلين.
- هل يمكن أن نقول إنك أقدم محام في الإمارات ؟
ج : إنني من الرعيل الأول للمحامين، إذ بدأت المهنة وكان عدد المحامين في حينه لا يتجاوز العشرة، من مواطنين ووافدين.
- بدأت قبل 40 عاماً، ما الذي تغيّر في مهنة المحاماة هنا؟
ج : مهنة المحاماة تطورت مع تطور دبي وتقدمها، اللذين أذهلا العالم، وعلى الأخص مع التطور القضائي لمحاكم دبي الذي ينافس محاكم الدول المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، من جهة التواصل الإلكتروني بين المحامين ومحاكم دبي، وكذلك بتميّز محاكم دبي بنوعية قضائها، وسرعة البتّ في النزاعات القضائية، إلا أن روحية دبي وتكيّفها مع الحداثة وتطورها بجهد قيادتها، هي ما أوصلت دبي إلى ما هي عليه الآن.
- أن تمتلك شركة للمحاماة وتحقق مكانة، فهذا بحاجة إلى قوة، من أين تستمد شركتك قوتهـــــــا ؟
ج : إن السمعة المهنية في أي مجال من الخدمات، هي نتاج عمل دؤوب ومستمر ومكثف، ويؤدي بالتالي إلى النتائج المرجوّة، ومهنة المحاماة من ضمن هذه الخدمات التي تحتاج إلى خبرة واختصاص متميّز، وأن تقدم إلى الموكلين الرأي القانوني الصادق والخبير، وهذا لا يأتي من فراغ، بل هو نتاج سنين من العمل والخبرة والمثابرة للّحاق بأفضل الممارسات المهنية التي تخرج أحياناً عن نطاق ما هو مكتوب في القوانين المرعيّة، وتحتاج إلى جهد خلّاق من الاجتهاد القانوني، لأن القوانين تبقى في حدود المبادئ القانونية المقررة، ويتعيّن على من يمارس مهنة المحاماة أن يدخل إلى ما بين السطور والكلمات، ويفصّلها، ما يؤدي إلى مساعدة القضاة على تطوير الاجتهاد القضائي، بما يخدم العدالة، ولهذا الغرض يقتضي الاستعانة المستمرة بالخبرات القانونية الجيدة والحديثة، ومتابعة التطور القانوني والقضائي، ليس على مستوى الدولة فقط، بل وعلى صعيد العلم والاجتهاد القضائي المقارن أيضاً؛ هذا من جهة، أما من الجهة المقابلة، فإن العمل القانوني لا يقتصر على الترافع أمام المحاكم وتجهيز الدعاوى والمذكرات، بل هنالك خدمات موازية يقتضي تقديمها إلى زبائن المكتب، ومنها الاستشارات القانونية والعقود على اختلاف أنواعها من واقع الخبرات المتراكمـة.
- هل هناك صعوبة في التعامل مع فريق العمل المؤلف من نخبة من القانونيين؟
ج : إن الأمر يحتاج إلى تواصل مستمرّ، وبناء الثقة والخبرات العلمية والاستعانة بأفضل وسائل التقنية، علماً أن مهنة المحاماة لا تزاول من خلال علاقة رب عمل بموظفين، وإنما تبقى علاقة زمالة متميّزة واحترام متبادل بين زملاء المهنة. أما بالنسبة للمحامين الزملاء، فالتعامل والتواصل معهم مبني على احترام الالتزام المهني لكل زميل، وحقه في ممارسة دوره القانوني والدفاع عن موكليه بالطريقة التي يراها مناسبة، وفي حال وجود نزاع قضائي، فإن ذلك لا يفسد للودّ قضية، وتبقى النزاعات القضائية جزءاً من عمل المحامي، ولا تؤثر على الإطلاق في علاقة الزمالة مع باقي المحامين والاحترام المتبادل بينهم.
- عملت قنصلاً فخرياً للبنان في دبي، ما الذي يعنيه لك هذا النوع من العمل؟
ج – نعم عُيّنت قنصلاً فخرياً للبنان في دبي، من بداية عام 1975، وبعد حضوري مباشرة إلى هذا البلد المضياف، علماً أن هذه المهمة لا تتعلق بعمل مهني، بقدر ما هي خدمة لبلدي لبنان، إذ لم يكن قد تم افتتاح قنصلية عامة عادية في دبي، وفي حينه كانت الجالية اللبنانية ما زالت محدودة عددياً، وبما لا يتجاوز المئات. وقد حاولت جهدي في أثناء تلك الفترة التي استمرت بضعة أشهر، من تقديم الخدمات والتسهيلات إلى الجالية اللبنانية والتفاعل الإيجابي مع البلد المضيف.
- ما فلسفة النجاح والفشل بالنسبة إليك؟
ج – النجاح هو الوصول إلى تحقيق خدمة مميّزة، أما الفشل فهو بداية النجاح، لأنه يراكم الخبرات، ولكن بشرط أن يكون هذا الفشل دافعاً لتحسين العمل، على ضوء الأخطاء التي قد تقع، وبالمطلق فإن الإشكال يقع في حالة تكرر ذات الخطأ وليس الاستفادة منه .
- إذا طلبت منك أن تلخص لي دبي في 40 عاماً، فماذا ستكتب ( ما الذي تغيّر في الناس ) ؟
ج – دبي منذ أربعين عاماً، بقيت دبي الحرية المتوازنة والانفتاح الإيجابي على مختلف الثقافات، والتفاعل بين الشعوب، ما أنتج ثقافة جديدة ومميّزة ناتجة عن إيجابيات الثقافات المختلفة التي تفاعلت وما زالت تتفاعل في هذا البلد المعطاء، وعند حضوري إلى دبي منذ أكثر من أربعين عاماً، شعرت - وما زلت - أني أعيش في بلدي لبنان، أما التقدم في مسيرتي المهنية فما زال مستمراً. والآن فإن مشاغل الحياة اليومية زادت من صعوبة التواصل، وأذكر أن الكثير من شخصيات الجالية اللبنانية في السبعينات من القرن الماضي، كانت موجودة في مجلس المغفور له الشيخ راشد، حاكم دبي، طيّب الله ثراه، وتستفيد من حكمته ونظرته الثاقبة، فيما خص سعيه الدائم إلى تطوير دبي منذ أوائل السبعينات.
- هل تعتقد أن دبي بيئة مثالية لعمل المحامي؟ وهل لديك خطة للتوسع ؟
ج – كما سبق أن أوضحت، فإن التفاعل الحضاري في دبي، يعطي للمحامي العامل فرصة متميّزة للاطلاع على الثقافات المهنية في الدول المتقدمة، أما موضوع التوسّع، فلا أعتقد أنه التعبير الصحيح، بل إن الأمر يتعلق بالتطور المهني المستمر.
- هل تعتقد أن على المحامي أن يدافع عن موكله، حتى لو كان يعلم بأنه مذنب ؟
ج – أن يكون الموكل مذنبا أو غير مذنب، فهذا أمر نسبي، ولا يوجد في هذا المجال لونان أبيض وأسود ، أما واجب المحامي، فهو أن يقدم للمحكمة أدلة براءة المتهم، ليس من منطلق التعتيم على واقع القضية، بل من منطلق بيان أسباب البراءة في حال وجودها، وتكييفها من الناحية القانونية، أما كون الموكل مذنبا أو غير مذنب، فهذا من اختصاص القضاء، وإن واجب الدفاع عن أي شخص وبيان أدلة البراءة، هو واجب قانوني لا أكثر ولا أقل، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.
- لو عاد بك الزمن 30 عاماً، فما التغيير الذي كنت ستدخله إلى حياتك ؟
ج – لو عاد بي الزمن لأكثر من ثلاثين عاماً، ما كنت أتخذ غير هذه المهنة الشريفة .
- حدثنا عن العائلة الكريمة، وهل درس أبناؤك القانون ؟
ج – إن الذي اختار السير في المجال القانوني، هو ابني حليم، ويبدو أنه اختاره عن قناعة، وليس من باب الاستمرارية فقط، ولكن الأب دائماً يفخر بأن ابنه قد قرر السير على خطاه، لأن هذه المهنة التي عملت فيها منذ أكثر من أربعين عاماً، تحتاج إلى من يتابع مسيرتها، ويحقق نجاحات إضافية فيها. أما بخصوص زوجتي، فهي التي كان لها بالفعل دور مهم وأساسي في الاهتمام بشؤون الأسرة، ودفع أولادي الثلاثة إلى التخصص في المجالات التي اختاروها، وإعطائي راحة البال، وتمكيني بالتالي من التركيز على خدماتي المهنية.
- كيف تقضي أوقات فراغك ؟
ج –منذ شبابي وأنا أهتم بالخدمة الاجتماعية، وبالفعل وأثناء دراستي الجامعية، كنت عضواً فعالاً في النشاط الطلابي والرياضي، وبعد أن قدمت إلى دبي، عملت في الأمور الاجتماعية التطوعية، ومنها ترؤس نادي الروتاري في دبي، ومن ثمّ تولي مسؤولية نائب رئيس المنطقة الروتارية 2452، التي تضم دبي وعددا من الدول، وكذلك ترأست مجلس العمل اللبناني في دبي منذ أكثر من عشر سنوات.