يُرجى من مدمني "التشات" عدم قراءة هذا الموضوع
الرجل: دبي
أصبح جليّاً التأثير الهائل للهواتف الذكية على المجتمعات المعاصرة، لأنها أصبحت الرفيق الشخصي لجميع الأشخاص وتؤثّر في كلّ جانب من جوانب الحياة الشخصية والعائلية والمهنية لمستخدميها، خصوصاً مع التطوّر والانتشار الواسع الذي شهده قطاع التواصل الإجتماعي والدردشة الإلكترونية.تنتشر برامج الدردشة على جميع الهواتف، وتُستَخدَم للتواصل بين الأشخاص كبديل عن رسائل الـ«SMS» وحتى عن الإتصالات الهاتفية عبر تسجيل الرسائل الصوتية. ولعلّ أبرز ما ساهم في زيادة استخدام برامج الدردشة، وأشهرها «واتساب»، هو مجانية هذه البرامج وتعدّد استخداماتها، إذ إنها تمكّننا من إرسال النصوص والصوَر والتسجيلات الصوتية والتعابير الرسومية.
وحتى الآن يبدو كل شيء طبيعياً ومنطقياً، لكن إذا نظرنا للأمر من الجهة المعاكسة، نجد أنّ هذه البرامج أصبحت تشكّل عائقاً كبيراً للتواصل الفعلي والحقيقي بين الأشخاص، حتى بين أفراد الأسرة الواحدة.
وكلّ ذلك ينضوي تحت أعراض إدمان الهاتف الذكي التي تتظهّر في عدم استطاعة المستخدم من الاستغناء عن جهازه أبداً، وحتى خلال ذهابه إلى الحمام، والشعور بالقلق وعدم الأمان عندما يفقد الشحن. كذلك، إنّ دفع فاتورة الهاتف على حساب باقي الضروريات التي توجد في حياتك تعتبر من أهم هذه العلامات.
قلّة أدب أو سوء استخدام
قد تبدو عادات الدردشة التي يمارسها الناس على التطبيقات المختلفة مضيعة للوقت في كثير من الأحيان، ولكنّها من جانب آخر تمثّل نوعاً من الحوار المختلف بين الأشخاص على رغم أنها في بعض الأحيان تتخطّى القوانين والأعراف، وتتنافى مع التقاليد والعادات الإجتماعية.
ومن منّا لم يلاحظ عند دخوله مطعماً أو عند قيادة سيارته أو خلال زيارة صديق أو تواجده في الأماكن العامة إنشغال معظم الأشخاص بهواتفهم، وتحديداً بمواقع التواصل الإجتماعي أو ببرامج الدردشة، غير آبهين أنّ عدم التحدّث إلى صديق أثناء تناول الغداء معه بحجة أنهم يريدون كتابة رسالة على «فيسبوك» أو الردّ على رسالة «واتساب»، لا يعتبر سلوكاً سليماً ولائقاً على الإطلاق.
وهذا الأمر أصبح يندرج تحت عنوان سوء استخدام التكنولوجيا، إذا لم نرد القول تحت عنوان قلّة الأدب. فتخيّل أنك ذهبت لزيارة أحد ما، وإذ به يمضي وقته مُمسكاً بهاتفه ولا يركّز على ما تقوله.
وهذه الظاهرة ليست غريبة، وهي منتشرة لدى المراهقين بشكل هستيري، مع الإشارة الى أنّ هؤلاء سيشكّلون نواة المجتمع في المستقبل. ناهيك عن استخدام برامج الدردشة أثناء القيادة وإزعاج الآخرين على الطريق وزيادة عامل الخطر على الحركة المرورية.
تقرّب البعيد وتُبعد القريب
من جهة أخرى، أصبحت الواجبات الإجتماعية كالمعايدات والتعازي والتهاني في المناسبات وغيرها من الأمور، التي كانت تشكّل الرابط الأساسي بين الأسر والأصدقاء، أمراً من الماضي بعدما حلّت مكانها الرسائل الإلكترونية التي ألغت التخاطب المباشر الذي يُشعر الإنسان بحرارة اللقاء.
ففي السابق كانت العلاقات الإجتماعية أقوى بكثير ممّا هي عليه الآن، سواء على مستوى العائلة أو الأصدقاء أو الجيران، وذلك عندما كانت المعايدات حيّة، بينما تشهد العلاقات الاجتماعية اليوم تراجعاً كبيراً بسبب الوسائل التقنية والإتصال التي ساعدت، بسبب سوء استخدامها، على تقريب البعيد وإبعاد القريب، بحيث يكفي كبس زرّ واحد وإرسال رسالة معايدة لجميع القائمة المسجَّلة في الهاتف من دون حتى تكبّد عناء إرسال رسالة مخصَّصة لشخص ما.
نظام رقمي سليم
يعترف كثير من المستخدمين أنه حان الوقت ربما للحصول على نظام رقمي صحّي وسليم، لا يفصلك عن العالم ولا يجعلك مدمناً للتكنولوجيا، وذلك عبر جدولة وتقليل فترة استخدام الهاتف الذكي، وإعطاء وقت أكثر للجلوس والتحدّث مع العائلة والأصدقاء. وعلى رغم أنّ هذا الأمر يتطلّب جهداً وإرادة، إلّا أنّه يُبقي على الترابط بين الأشخاص
ويحافظ نوعاً ما على تقاليد المجتمع اللبناني.
لذلك، تبقى أفضل طريقة الدمج بشكل سليم بين التكنولوجيا والعلاقات الإجتماعية، وإعطاء كلّ واحدة حقّها ووقتها، كي لا تسبقنا التكنولوجيا من جهة، ونخسر أصدقاءنا وأحبّاءنا من جهة أخرى.