مكارم بترجي : النجاح وصفة هذه مكوناتها..
الرجل – الرياض:
الشاب مكارم صبحي بترجي، في مشوار حياته الحافل بالانجازات مثل يُحتذى للكثير من الشباب الطامحين، هذا الشاب وضع معظم اهتمامه في بناء العديد من الأندية الرياضية والصحية تحت مسمّى "جولدز جيم" ، ساعياً ليصل العدد إلى ٣٠ مركزاً، الى جانب إنشاء مراكز علاج طبيعي نسائية بالشراكة مع مجموعة مستشفيات "السعودي الألماني"، يشرف عليها كادر ضخم من الأطباء المتخصّصين، وخلال الحوار التالي، نتعرف إلى رجل الاعمال السعودي مكارم بترجي.
- حدثنا عن نشأتك.؟
وُلدت في عائلة من عوائل جدة القديمة "البترجي"، وفي الحقيقة والدي من عوائل الحجاز المعروفة، ووالدتي من عوائل نجد المعروفين وأنا وُلدت في مدينة جدة، ودخلت مدارس "دار الفكر" من الثالث الابتدائي إلى الثالث الثانوي، وكانت من أفضل المدارس، وتعرفت إلى الكثير من الزملاء من عوائل جدة والمملكة عموماً.
نحن خمسة إخوة: ثلاثة ذكور وبنتان، أنا أكبرهم، ثم أختي ريم، وأخواي سلطان وحمزة، ثم الصغيرة بسمة، وأنا أكبر أحفاد عائلة البترجي في جدة.
- هل كنت طفلاً مدللاً ، وفي فمك ملعقة ذهب ؟
ولدت في فمي ملعقة من "فضة"؛ فالوالد كان في بداية حياته العملية، علماً بأننا كنا من عائلة تجارية عريقة، وقد انقسمنا وقتها لعدد من الأطراف، بعد الشراكة، وقد استقل جدي وأبناؤه بتجارتهم، فوالدي رجل عصامي. وكانت الاسرة في بدايتها في مرحلة التأسيس الجديدة، وقد كافح والدي كثيراً، وفرض ذلك أن نكون اقتصاديين. وقد استمرت رحلة كفاحة إلى أن أصبح من أشهر رجال الأعمال على مستوى الشرق الأوسط، لذلك تقصّدت كلمة ملعقة من "فضة". لكن الوالد لم يبخل علينا في شيء، وقد كان لكل شخص متطلباته. أما أنا فقد كانت لديّ سيارة جيدة في ذلك الوقت، وكان الوالد يدعمنا بما نجتاج إليه من ماديات، ولكنه كان يخاف علينا؛ فكان ممنوعاً عليّ الخروج في الاجازة الاسبوعية، وكان يحرص على وجودي معه، وكوني الابن الأول، كان لي منه اهتمام خاص وبعض الخوف.
- التعليم في حياتك، من أين بدأ؟ وإلى أين وصل ؟
كما ذكرت مراحل تعليمي كانت في مدارس الفكر بجدة، وبعدها انتقلت للمرحلة الجامعية بجامعة تكسساس في أمريكا، وبعدها انجزت ماجستير الأعمال في جامعة London Business School لندن.
- ما نقطة انطلاقك وتحولك إلى المجال الاستثماري والتجاري ؟
بعد نهاية الدراسة التحقت بالعمل مع والدي، وكانت "الثقة" التي منحني إياها والدي الذي يعدّ مدرباً عالمياً، دافعاً قوياً للخوض في مجال العمل باهتمام بالغ، وبثقة كبيرة بنفسي.
وقد عملت في مستشفى السعودي الألماني، وكنت أشرف على الأعمال، وأراقب العمل، وكنت محل ثقته لإدراكه أنني اكتسبت منه الكثير.
بعدها انطلقت في التجارة، وجاءت فكرة "الجولدز جيم"، وقد وضعني والدي في مرحلة تحدٍّ بأنني لو نجحت فسوف يكون هناك مشاريع أخرى لباقي إخوتي، وإن فشلت فسوف يتوقف عن ذلك.
ولله الحمد حققت أعلى نجاحات وأرقام قياسية في تاريخ الجولد جيم، منذ عام 1965، وكانت في جدة. وهي من كبرى الشركات العالمية في الأندية الصحية، وقد بادرت بالحصول على هذا المجال، لأنه جديد وغير موجود، وقد تكامل مع عملنا في المجال الطبي، حيث إن الأندية الصحية هي نوع من الطب الوقائي، وهي التي تمكّن مرضى السمنة والسكري والضغط، من الوصول إلى جسم صحي خالٍ من الأمراض.
- كيف هو برنامجك اليومي؟ وهل حقاً أن رجال الأعمال لا يجيدون إدارة أوقاتهم؟
برنامجي اليومي متنوع، ففيه الدين، وفيه الأهل والأصدقاء، وهذا البرنامج توصلت إليه بعد أن جربت كل شيء، فكنت في العمل فقط طوال اليوم، وبعد الخبرات المتراكة، حيث الشغل والأصدقاء، وبعدها الأهل ثم الأصدقاء.. وجرّبت العمل وحده، ولكن وجدت أفضل برنامج هو جمعهم معاً في اليوم نفسه وكل يوم، فجميعهم لهم حق؛ فمثلا انا أبدأ يومي بالعمل، وبعد العمل أذهب إلى والدتي، وبعدها إلى النادي أو أصدقائي، ومن ثم أصبح يوم للأصدقاء، ويوم للنادي، وبعد ذلك أرجع إلى منزلي وأسرتى الصغيرة زوجتي وبناتي.
بالنسبة لإدارة الوقت، أؤكد أن رجال الأعمال الناجحين هم أكثر الناس إدارة للوقت، فكلما زادت المهام زاد التنسيق ، وكل ما كبر رجل الأعمال الناجح، زاد التنسيق وإدارة الوقت.
- ألم يؤثر عملك وسفرك في حياتك الأسرية، خصوصاً في وجود الأبناء؟
أنا مؤمن أن في السفر سبع فوائد، وخاصة السعادة الزوجية، وهناك مثل يقول" الزائد أخو الناقص" لكن خير الأمور الوسط، فالحضور أمام الزوجة طوال الوقت يؤدي إلى الطلاق، والسفر لا بدّ أن يكون مقنناً، فالبعد الوسطي يزيد المحبة والشوق، ويبعدك عن المشكلات.
وأتمنّى على الزوجات ان يتفهمن ذلك الأمر، فوضعهنّ الزوج في قفص من ذهب يؤدي إلى أمور سلبية. والسفر مهم جداً لرجل الأعمال لاكتساب الخبرات وتعرف الجديد ليطوّر أعماله.
حدثنا عن الأبناء؟
لديّ بنتان أسميتهما على اسمَيْ جدّتيهما الأولى دلال على اسم والدتي والثانية ميرفت على اسم حماتي.
هل ترى أنك وصلت إلى ما تريده من نجاح؟
النجاح ليس له نهاية، ولكن لا بدّ أن يكون للإنسان هدف في مشاريعه، من ناحية خدمة المجتمع وليست مادية فقط، بل يكون فيها نوع من التنمية والمشاركة في بناء الوطن، وهذا هو النجاح الحقيقي.
- خلف كل شخصية ناجحة أشخاص أسهموا في ذلك النجاح، ماذا عن هذه الشخصيات؟
أول معلم شاركني النجاح ووجّهني للطريق الصحيح، خاصة في "الجولدز جيم". وكان قدوة عظيمة في حياتي، هو والدي المهندس صبحي بترجي، إذ كان يحرص على أن أكون معه في كل مكان، حيث مقابلاته مع رجال الأعمال، فهو أبي وصديقي في الوقت نفسه.
ومن المعلمين الذين أثروا بشكل كبير في دراستي، وفي حياتي أستاذي محمود عاطف وهو مصري، إذ كان يشجعني في مادة الرياضيات وأسماني "ملك الرياضات"، وقد منحني الثقة الكبرى خلال حياتي، فقد كان من أقوى مدرّسي المدرسة. فالثقة التي منحني إياها كانت جميلاً لا ينسى.
وكذلك دعاء والدتي الذي كان يمنحني الخير، وجدّي الشيخ عبدالوهاب الفضل، والد أمّي يرحمه الله، كان يقول لي دائماً "ستكون مميّزاً"، وكذلك زوجتي المتفهّمه لطبيعة عملي، يعود لها الفضل في مسيرتي العلمية، وخلال الماجستير.
هذه هي مشكلة الشباب
معظم الشباب لا يقرأون وهذ هي مشكلتهم، فلو قرأوا كانوا أكثر فهماً، حتى عندما يسافرون، فمعظم سفرهم يكون للترفيه وليس لاكتساب ثقافات، لذلك تجدهم يواجهون متاعب كثيرة في حياتهم، وخاصة بالقطاع الخاص
- ما نقطة ضعفك ؟
نقطة ضعفي أعدّها ميزة، ولن أتنازل عنها، وهي "التفكير الإيجابي" نحو الجميع، بحيث إنني أفكر دائماً في من أتعامل معه لأول مرة بحسن النية، ولن اتنازل عن ذلك وأتلمّس الجانب المضيء في هؤلاء الأشخاص، وبالتالي لو فكر الجميع بالطريقة نفسها، فسوف تنتهي المشاكل؛" فتفاءلوا بالخير تجدوه".
- نحن من أغنى الدول، ولكن ما الذي ينقصنا برأيك؟
ينقصنا الإبداع؛ وقد كتبت عن ذلك في مقالي "وزارة الإبداع"، فهي مطلب مُلحّ، وسنظل نتحث عنه حتى يتحقق ونجده في كل البلدان العربية، وهي "وزارة الإبداع" التي من خلالها سيتحقق الحلم، ونضع أيدينا على"ثرواتنا" التي لا تنضب ولا تجفّ.
- مكارم بترجي الإنسان، ما الذي يتمناه؟
أتمنّى ان تكون السعودية دولة رائدة على مستوى العالم، وتتحول من دولة بترولية إلى دولة "مبدعة"، وأن تكون الوجهة الجاذبة للعالم أجمع والإقبال عليها، وأن تنشر تعاليم الإسلام بشكل دائم، والتعريف بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتوضيح صورته الصحيحة.
وفي المجال الشخصي أتمنّى لعائلة البترجي أن تكون الرقم واحد في المجال الطبي على مستوى العالم، وهذا من أحلامي التي أسعى لها مع عائلتي.
- ما هي استثمارتك ؟
الرئيسة في أندية "الجولدز جيم" على مستوى السعودية وتركيا. والآن ندخل مجال التطوير العمراني، ولنا مشاريع كبيرة قريباً سوف تسهم في نهضة البلاد، وكذلك لدينا وكالة نظافة عالمية، وهي توكيل شركة "Jan proo" في الشرق الوسط، وبدأنا في السعودية، وقريباً في تركيا ومصر. وبالنسبة للمجال الطبي، فإنني أساعد والدي فيه على مستوى مستشفياته بالشرق الأوسط، وهذا هو شغلي الشاغل.