مايكروسوفت تُبطئ توسّعها في الذكاء الاصطناعي: نضج استثماري أم انسحاب؟
في تحوّل مفاجئ نسبياً، أعلنت مايكروسوفت على لسان رئيسة عملياتها السحابية نوال والش أنها قد تُعيد جدولة خططها التوسعية في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. هذه التصريحات، التي جاءت عبر منشور على "لينكدإن"، تشير إلى مرحلة جديدة في استثمار عملاق التقنية في الذكاء الاصطناعي، تتسم بـ"المرونة والضبط" بعد موجة توسع غير مسبوقة.
إلغاء وتأجيل عقود.. ولكن ضمن سياق محسوب
بحسب تقارير من محللي TD Cowen، ألغت مايكروسوفت أو أجّلت استثمارات تتجاوز 2 جيجاوات من سعة الحوسبة السحابية في الولايات المتحدة وأوروبا خلال الأشهر الستة الماضية. ويبدو أن أحد دوافع هذه الخطوة هو تراجع الشركة عن دعم بعض أعمال تدريب النماذج الخاصة بشريكها الاستراتيجي OpenAI، الذي أصبح حرًا الآن في التعاون مع مزودين آخرين للخدمات السحابية.
اقرأ أيضًا: مايكروسوفت تطور مراكز بيانات تحت الماء عبر مشروع ناتيك
من تدريب النماذج إلى التشغيل الفعلي (Inference)
المرحلة الحالية في سوق الذكاء الاصطناعي لم تعد تركز فقط على تدريب النماذج الضخمة، بل على تشغيلها بكفاءة. وبحسب مصطفى سليمان، رئيس قطاع الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، فإن استهلاك الحوسبة لا يزال "ضخمًا"، لكن التركيز تحول إلى مراحل أكثر استقرارًا، مثل دعم الخدمات والأنظمة الذكية الفعلية، بدلًا من بناء نماذج جديدة مكلفة باستمرار.
التحوّل لا يعني التراجع.. بل إدارة أكثر نضجًا
يرى المحللون أن خطوة مايكروسوفت لا تعبّر عن انسحاب من سباق الذكاء الاصطناعي، بل عن مرحلة نضج تعكس الحاجة إلى موازنة الاستثمارات مع الطلب الفعلي. فبعد أن استحوذت الشركة على مساحات كبيرة من الأراضي لتطوير مراكز بيانات ضخمة، يبدو أنها باتت تُعيد النظر في وتيرة الإنفاق، وتحوّل تركيزها إلى العتاد التقني (مثل وحدات المعالجة الرسومية GPUs) لتشغيل النماذج الحالية بكفاءة.
المنافسة لا تزال محتدمة
رغم التراجع النسبي لمايكروسوفت، استغلّ كل من غوغل وميتا هذا الفراغ، حيث قاما بملء الفجوات التي خلفها انسحاب مايكروسوفت من بعض عقود السعة في السوقين الأمريكي والأوروبي. هذا يدل على أن المنافسة على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي لا تزال في أوجها.
اقرأ أيضًا: مايكروسوفت تُحذر: ملايين أجهزة الكمبيوتر مهددة بالتوقف الكامل في أكتوبر المقبل!
ما الذي يعنيه ذلك لمستقبل الذكاء الاصطناعي؟
المؤشرات الحالية تشير إلى أن السوق بدأ ينتقل من مرحلة التوسع المتسارع إلى مرحلة الكفاءة التشغيلية والاستدامة. ولم تعد الأفضلية لمن ينفق أكثر، بل لمن يستثمر بذكاء في البنى التحتية والبرمجيات الأكثر جدوى وفاعلية.