دراسة: الجسد لا ينسى الصدمة حتى بعد الشفاء النفسي
كشفت دراسة علمية حديثة أجرتها جامعة أوكلاهوما أن الناجين من تفجير أوكلاهوما الشهير عام 1995 لا يزالون يحملون بصمات بيولوجية خفية للصدمة، رغم مرور نحو 30 عامًا على الحادث، ورغم عدم ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أو الاكتئاب عليهم.
البحث الذي قادته البروفيسورة فيبي تاكر، أستاذة الطب النفسي الفخريّة، أظهر وجود تغيّرات ملحوظة في مؤشرات التوتر البيولوجية، أبرزها:
انخفاض مستويات الكورتيزول، وهو الهرمون الأساسي في استجابة الجسم للتوتر.
ارتفاع ضغط الدم، ما يشير إلى حالة تأهب مزمنة.
تغيّرات في معدل ضربات القلب كرد فعل لمحفزات تذكّر بالصدمة.
ارتفاع الإنترلوكين 1B، وهو مؤشر للالتهاب.
انخفاض الإنترلوكين 2R، الذي يلعب دورًا وقائيًا في المناعة.
العقل يتعافى.. لكن الجسد لا ينسى
رغم أن المشاركين في الدراسة – وعددهم 60 شخصًا من الناجين المباشرين – أظهروا درجات منخفضة في اختبارات اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب، فإن أجسادهم لا تزال تعاني من استجابات توترية غير مرئية، مما يعكس انفصالًا واضحًا بين ما يشعر به العقل وما تسجله العمليات الحيوية في الجسم.
وقالت د. تاكر: "العقل قد ينجو من الصدمة ويستعيد توازنه، لكن الجسد يبقى في حالة ترقب، وكأن شيئًا آخر على وشك الحدوث".
اقرأ أيضاً اضطراب الأعراض الجسدية.. الأسباب وطرق العلاج
آثار صحية محتملة على المدى الطويل
وما يثير القلق أكثر هو أن التغيّرات في المؤشرات البيولوجية تشبه تلك المرتبطة بالأمراض المزمنة والالتهابات، ما يفتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت هذه التغيّرات قد تؤدي إلى مشكلات صحية مستقبلية، حتى لدى أشخاص لا يُظهرون أعراضًا نفسية حالية.
وأكّدت الباحثة المشاركة د. راشيل زيتل من كلية الطب في جامعة أوكلاهوما: "التجربة الصادمة لا تغيّر فقط حالتك النفسية، بل تعيد تشكيل بيولوجيا جسدك بالكامل".
اقرأ أيضاً اضطراب ما بعد الصدمة "الكرب".. الأنواع والأعراض وطرق العلاج
أبعاد أوسع لفهم تأثيرات الإرهاب
تأتي أهمية هذه الدراسة في ظل ازدياد الهجمات الإرهابية عالميًا، ما يجعل فهم الآثار البيولوجية طويلة الأمد على الناجين أمرًا حيويًا في صياغة برامج دعم شاملة تتجاوز العلاج النفسي التقليدي، وتشمل الرعاية الجسدية والبيولوجية المتكاملة.