سباق عالمي لتطوير طائرات تفوق سرعة الصوت بخمس مرات
من نيويورك إلى لندن في أقل من 60 دقيقة، أو من لوس أنجلوس إلى طوكيو في ثلاث ساعات. حلم ظلّ جزءًا من الخيال العلمي لعقود، لكنه اليوم بات على أعتاب التحول إلى واقع ملموس بفضل طفرة تقنية في مجال الطيران فائق السرعة، تقودها شركات مثل "هيرميوس Hermeus" و"فينوس أيروسبيس Venus Aerospace".
وقد كانت البداية منذ عام 1949، عندما اخترق صاروخ غير مأهول من طراز Bumper السماء بسرعة 8,300 كيلومتر في الساعة. وبعد 12 عامًا، سجّلت طائرة X-15 التابعة لسلاح الجو الأمريكي أول تحليق مأهول بسرعة تفوق "ماخ 5" أي؛ خمسة أضعاف سرعة الصوت.
الجيل الجديد من المحركات يتخطى حدود الممكن
رغم أن تقنيات الطيران الأسرع من الصوت كانت معروفة منذ خمسينيات القرن الماضي، فإن التطورات في المواد الهندسية والتصميمات الحديثة جعلت الفكرة أقرب إلى التطبيق التجاري.
شركة "ستراتولونش Stratolaunch"، ومقرها كاليفورنيا، طوّرت مركبة "Talon-A" القابلة لإعادة الاستخدام، والتي بلغت سرعة "ماخ 5" خلال اختبارات الطيران عام 2023، انطلاقًا من طائرتها الأم Roc، الأكبر في العالم.
وفي الوقت ذاته، كشفت شركة "هيرميوس" عن طائرتها "Halcyon"، المزوّدة بهيكل من التيتانيوم وسبيكة النيكل-كروم، لمقاومة درجات الحرارة التي قد تصل إلى 980 درجة مئوية نتيجة الاحتكاك الهوائي أثناء الطيران. كما طوّرت الشركة محركًا هجينًا يعمل بتقنية مزدوجة، تبدأ بتوربين تقليدي قبل أن تنتقل إلى "رامجت" بسرعة عالية.
تقنيات جديدة في السباق العالمي
من أستراليا، تطوّر شركة "هايبرسونيكس Hypersonix" طائرة اختبارية باسم Dart، ستخضع لتجربة مشتركة مع وكالة الفضاء الأمريكية NASA، مزوّدة بمحرك Scramjet مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد. أما "فينوس أيروسبيس" ومقرها تكساس، فتعمل على طائرة "Stargazer" بقدرة استيعابية لـ12 راكبًا، تعتمد على محرك تفجير دوّار ينطلق بعد تجاوز سرعة الصوت.
رغم هذه القفزات، تظل العوائق التمويلية قائمة. فقد أوقفت شركة "ديستينوس Destinus" السويسرية برنامجها الموجه للمستهلكين، معلنةً تركيزها على المشاريع الدفاعية بعد تعثر التمويل اللازم لتسويق طائراتها.
اقرأ أيضأً: نظرة على طائرة Gulfstream G550 الخاصة التي يستخدمها بيتر ثيل
أنواع الدفع الثلاثة: من الفضاء إلى الغلاف الجوي
تعتمد الطائرات الأسرع من الصوت على ثلاث تقنيات رئيسية للدفع:
· محركات الصواريخ: تحمل الوقود والمؤكسد معًا، ما يجعلها مثالية للفضاء، لكنها ثقيلة داخل الغلاف الجوي.
· الرامجت Ramjet: تستخدم ضغط الهواء الداخل لإشعال الوقود، فعالة بين "ماخ 2" و"ماخ 4"، لكنها لا تعمل بسرعات منخفضة أو خارج الغلاف الجوي.
·السكرامجت Scramjet: تتعامل مع سرعات أعلى من "ماخ 5"، لكنها تحتاج إلى دفعة صاروخية مبدئية، ولا تعمل إلا بسرعات فرط صوتية.
التحليق التجاري لا يزال بعيدًا
رغم الاندفاعة التقنية، فإن التحدي الأكبر يظل في التمويل واستدامة التطوير. يتوقع قادة القطاع أن يصبح الطيران فائق السرعة واقعًا تجاريًا بحلول ثلاثينيات هذا القرن، لكن دون تدفق استثماري ثابت، قد تبقى هذه الطائرات حبيسة المختبرات.