فوائد الصيام للرجل.. يُهذب الروح والنفس ويمنحك الصحة
الصيام ليس امتناعًا عن الطعام والشراب، بل ركن من أركان الإسلام الخمسة، يهدف إلى تهذيب النفس وضبط السلوكيات، فمع كل يوم من أيام الشهر الفضيل يصبر الإنسان، ويتحكم في غرائزه، ويطور قدرته على ضبط النفس، ويهذبها بينما نرتقى بسلوكياته على المستويين النفسي والعقلي.
كما يساهم الصيام في تحسين التفكير والتركيز، حيث يمنح العقل فرصة للهدوء والتأمل، بعيدًا عن المشتتات اليومية، ومن خلال تعزيز قيم الانضباط والوعي الذاتي، يساعد الصيام الرجل على تطوير مهارات اتخاذ القرار وتقوية إرادته، مما ينعكس إيجابيًا على مختلف جوانب حياته الشخصية والمهنية.
فوائد الصيام للرجل
يساعد الصيام الرجل في تحسين الصحة الجسدية والعقلية، من خلال تعزيز عملية التمثيل الغذائي، وتقوية الجهاز المناعي، وأبرز فوائده تتمثل في الآتي:
1. يحسن التعلم ويعزز الذاكرة:
أثبتت عديد من الدراسات النفسية والسلوكية أن الصيام يؤثر إيجابيًا على السلوك البشري، ويعزز القيم الأخلاقية، مثل الصبر والتسامح وضبط الانفعالات، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الصيام بشكل عام له تأثيره إيجابي على الجهاز العصبي، وقد ذكرت دراسة نشرت على موقع مجلة "نيتشر" العلمية، أن الصيام المتقطع "يعد تدخلاً بيئياً يُعرف بتأثيراته الوقائية العصبية"، فيما ثبت أنه "يُحسن التعلم، ويعزز الذاكرة والإدراك"، ومن ثم فإنه يُمكن أن يؤدي إلى "تحفيز الجهاز العصبي المركزي".
كما أظهرت دراسة علمية نُشرت على موقع "معهد النشر الرقمي متعدد التخصصات" في سويسرا، أن الصيام والامتناع عن تناول السعرات الحرارية، أو الحد منها بشدة، لمدة تتراوح بين 12 إلى 48 ساعة، بالتناوب مع فترات من تناول الطعام بشكل منتظم، "أدّى إلى تأثيرات إيجابية واعدة، على الصحة العصبية".
2. يحافظ على صحة القلب:
كشفت دراسة حديثة أن الصيام العلاجي له تأثير إيجابي على صحة الإنسان، وقد يقي الجسم من أمراض القلب والأوعية الدموية والتهاب المفاصل وأمراض الجهاز الهضمي، وخلال دراسة نشرت مؤخرًا في مجلة "بلوس وان" العلمية، قام الباحثون بدراسة التأثيرات الصحية للصوم العلاجي تحت إشراف البروفيسورة "فراسنواز فيلهالمي دي توليدو" من "عيادة بوخينغر فيلهالمي" جنوبي ألمانيا، بالتعاون مع البروفيسور "أندرياس ميكالسن" من "مستشفى شاريتيه برلين الجامعي".
وخلال الدراسة قام 1422 شخصا باتباع برنامج للصيام العلاجي لمدة سنة واحدة، لفترات تتراوح بين 4 و21 يوما، فيما قام الباحثون بإجراء فحوصات الدم قبل نهاية فترة الصيام وأيضًا بعدها، وبناءً على البيانات، لاحظ العلماء انخفاضًا كبيرًا في الوزن ومحيط البطن وضغط الدم، كما تبين أن الصيام ساهم في تعديل نسبة الدهون والجلوكوز في الدم، وأشارت الدراسة إلى أن الصيام عزز شعور الرفاهية العاطفية والجسدية لدى المشاركين.
اقرأ أيضًا: كيف يؤثر الصيام في صحة عينيك؟
3. يحسن الصحة النفسية:
أظهرت النتائج، التي نشرتها مجلة "ذا إيجيبشان جورنال أوف نيورولوجي"، أن درجات المشاركين في مقياس حساسية العلاقات الشخصية، وكذلك في مقياس القلق الرهابي، انخفضت بشكل ملحوظ بعد رمضان، مقارنة بالفترة التي سبقت الشهر الكريم، كما تم ملاحظة انخفاض ملحوظ في شدة الأعراض النفسية الإيجابية بعد رمضان.
4. يحد من التوتر:
كما أثبتت دراسة أجرتها "جامعة هارفارد الطبية"، أن الصيام يمكن أن يقلل من مستويات التوتر والغضب، حيث يؤدي انخفاض نسبة الجلوكوز في الدم إلى تهدئة الأعصاب، وتعزيز القدرة على التفكير بهدوء قبل التصرف، كما أن الصيام يعزز إفراز "هرمون السيروتونين"، المعروف بدوره في تحسين المزاج وتقليل العدوانية.
كذلك أظهرت دراسة تركية حديثة فوائد نفسية عديدة لصيام شهر رمضان، حيث تم التأكيد على دور الهرمونات في التأثير على الحالة المزاجية والنفسية للأفراد الأصحاء، ووجدت الدراسة أن الصيام يمكن أن يؤثر على بعض الآليات العصبية، مما يعزز الصحة النفسية بشكل عام.

اقرأ أيضًا: كيف تتجنب الغضب والعصبية مع زوجتك في رمضان؟
5. يقي من السرطان:
في دراسة أجراها فريقٌ من الباحثين بكلية "بايلور للطب" بالولايات المتحدة، لفهم تأثير الصوم، باعتباره أحد أنواع الصيام المتقطع، على صحة الإنسان، أشارت إلى أن الصيام من الفجر إلى غروب الشمس، يمكن أن يكون عاملًا وقائيًّا وعلاجًا مساعدًا في أمراض السرطان ومتلازمة التمثيل الغذائي.
وافترض الباحثون، في الدراسة التي نشرتها دورية "جورنال أوف بروتيومكس" Journal of Proteomics"، أن الصيام المتقطع لعدة أيام متتالية دون تحديد عدد السعرات التي يتناولها الشخص، له تأثيرات إيجابية على صحة البشر.
وتقول "أيس ليلي مينديكأوجلو"، الأستاذ المشارك في الطب والجراحة في كلية بايلور للطب، والباحث الرئيسي في الدراسة: "إن الدراسات التي سبق إجراؤها على مجموعة من فئران التجارب، أظهرت أن التغذية المقيدة بوقت يحدد ساعات الامتناع عن الطعام والشراب، تساعد على ضبط اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية، الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان ومتلازمة التمثيل الغذائي".
فالصيام المتقطع لعدة أيام متتالية دون تقييد السعرات الحرارية في البشر، من شأنه أن يحفز البروتينات المضادة للسرطان والبروتينات المنظمة للجلوكوز واستقلاب الدهون، والبروتينات المقاوِمة للسمنة والسكري، والبروتينات المرتبطة بإصلاح الحمض النووي وتقوية جهاز المناعة، إضافةً إلى المساعدة في علاج بعض الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية مثل ألزهايمر، والأهم من ذلك أن هذه النتائج حدثت في غياب أي تقييد للسعرات الحرارية أو فقدان كبير للوزن.

كيف يؤثر الصيام على نفسية الرجل؟
من جانبها، أكدت الدكتورة "صابرين جابر"، استشاري علم النفس، أن الصيام يُهذب من سلوكيات الرجل من الناحية النفسية، لأنه يساعد على تعلم الصبر والبعد عن التوتر، لافتة إلى أن رمضان شهر ديني وليس شهر حرمان وامتناع عن الأكل والشرب، فقط بل امتناع عن العادات والسلوكيات الخاطئة.
وأضافت استشاري علم النفس لـ"الرجل" قائلة: في شهر رمضان، من الضروري أن يحرص الرجل على تعديل سلوكياته النفسية، لتعزيز صحته العقلية والجسدية، ويبدأ ذلك بالحرص على تناول وجبة إفطار متوازنة وصحية، تمنحه الطاقة اللازمة طوال اليوم، مع الحصول على فترات راحة منتظمة لضمان النشاط والحيوية، كما يُفضل تجنب الكافيين في وجبة السحور، لتفادي الشعور بالجفاف والتعب خلال ساعات الصيام.
وأضافت: عند الشعور بالضغط أو التوتر، يمكن اللجوء إلى تمارين الاسترخاء البسيطة، التي تساعد على تهدئة الذهن وتقليل التوتر والصداع، ومن الأفضل ممارستها بعد الإفطار لتجنب الإرهاق، بينما يمكن خلال النهار التركيز على تمارين التنفس والتأمل، لتعزيز الشعور بالهدوء والسكينة.
وقبل الإفطار، يُنصح بالجلوس في مكان هادئ بعيدًا عن الضوضاء والشاشات، وإغماض العينين لبضع دقائق لتصفية الذهن والتخلص من التوتر اليومي، مما يساعد على مواجهة تحديات اليوم بهدوء واتزان، كما يمكن الاستفادة من المشروبات العشبية المهدئة مثل اليانسون والنعناع والشمر، التي تساهم في تعزيز الاسترخاء وتحسين جودة النوم.