علاجات سرية للخلود.. كيف أصبحت جزيرة رواتان وجهة الأثرياء؟
تحولت جزيرة "رواتان"، الواقعة على بعد 40 ميلاً من الساحل الشمالي لهندوراس، إلى مركز جذب للأثرياء والمشاهير الذين يسعون إلى تجربة علاجات جينية تجريبية غير معتمدة رسميًا، وذلك بفضل غياب القوانين التنظيمية التي تحكم الممارسات الطبية المتطورة في هذه الجزيرة الكاريبية.
ووفقًا لصحيفة ديلي ميل البريطانية، تضم الجزيرة مدينة خاصة تعرف باسم "بروسبيرا"، والتي تتميز بغياب أي قيود تنظيمية على الممارسات الطبية الحديثة، وهذا الوضع يسمح للشركات والعيادات بتقديم علاجات وتقنيات طبية مبتكرة دون الحاجة إلى الحصول على موافقة من هيئات تنظيمية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA".
وبالتالي فإن هذه العلاجات قد تكون غير مثبتة علميًا بالكامل أو لم تخضع لاختبارات صارمة تؤكد سلامتها وفاعليتها.
علاجات جينية واعدة أم مخاطر محتملة؟
وإحدى العيادات البارزة في بروسبيرا هي "Minicircle"، التي تقدم علاجًا جينيًّا يعتمد على بروتين الفوليستاتين "Follistatin"، وهو بروتين يساعد على تنظيم التمثيل الغذائي ويلعب دورًا في نمو العضلات وصحة العظام والجهاز التناسلي.
وقد تم اختبار هذا العلاج من قبل عالم البيولوجيا التطبيقية براين جونسون، الذي اشتهر بمحاولاته لإبطاء الشيخوخة عبر إنفاق ملايين الدولارات على تقنيات مكافحة الشيخوخة.
اقرأ أيضًا: بلاك روك تحذر: ندرة البيتكوين قد تعيق وصول الأثرياء إليه
ويعتبر هذا العلاج، الذي يكلف 25 ألف دولار، غير قانوني في الولايات المتحدة ولم تتم الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، ويتضمن العلاج حقن جزيئات الحمض النووي التي تحفز الجسم على إصلاح نفسه، ويقال إن آثاره تدوم من عام إلى عامين.
وعلى الرغم من أن الشركة أكملت فقط المرحلة الأولى من التجارب السريرية، فإنها تدعي أن العلاج أظهر "نتائج واعدة".
نتائج مذهلة ومخاوف صحية
وفي دراسات أجريت على الحيوانات، أظهر العلاج الجيني بالفوليستاتين زيادة في عمر الفئران بنسبة 32.5%، وتصف شركة Minicircle العلاج بأنه "مدروس جيدًا، وآمن، وفعال بشكل استثنائي".
ومع ذلك، يحمل العلاج مخاطر محتملة، بما في ذلك احتمالية التسبب في السرطان بسبب طفرات الخلايا الجذعية الدموية، ولكن الشركة تؤكد أن العلاج قابل للعكس في حالة حدوث أي مشكلات، حيث يمكن إيقاف نشاط الجينات المحقونة باستخدام مضاد حيوي يسمى تتراسيكلين.
براين جونسون الذي خضع للعلاج في أوائل عام 2024، أعرب عن إعجابه بالنتائج، وأظهرت الاختبارات التي أجريت بعد ستة أشهر من العلاج انخفاضًا في سرعة شيخوخته إلى 0.64، وفي فيديو تم تصويره خلال زيارته للعيادة، ظهر جونسون وهو يحقن بجين ينتج الفوليستاتين في معدته وأردافه.
ثورة طبية بتكلفة باهظة
وبالإضافة إلى العلاج الجيني، تقدم عيادات بروسبيرا علاجات بالخلايا الجذعية، والتي تعد أحدث تقنيات الطب التجديدي، وتستخدم هذه العلاجات لإصلاح الأنسجة التالفة، وقد أحدثت ثورة في مجالات علاج السرطان وأمراض المناعة الذاتية والاضطرابات العصبية.
اقرأ أيضًا: ارتفاع عدد الأثرياء عالميًا بفضل مكاسب الأسهم والبيتكوين
ومع ذلك فإن تكلفة العلاج بالخلايا الجذعية مرتفعة جدًا، حيث تصل إلى 20 ألف دولار لكل جلسة، مما يحد من قدرة معظم الناس على الخضوع لها أكثر من مرتين أو ثلاث مرات في السنة.
خلافات أخلاقية وقانونية
ويثير انتشار هذه العلاجات التجريبية في جزيرة رواتان جدلاً واسعًا حول الأخلاقيات الطبية والمخاطر الصحية المحتملة، فغياب الرقابة التنظيمية يسمح بتقديم علاجات قد تكون غير آمنة أو غير مثبتة علميًا، مما يعرض حياة المرضى للخطر.
ومع ذلك يرى البعض أن هذه الجزيرة أصبحت مختبرًا حقيقيًا للابتكارات الطبية التي قد تغير مستقبل الطب البشري.
وبينما تستمر جزيرة رواتان في جذب الأثرياء الباحثين عن "الخلود"، تبقى الأسئلة حول فعالية وسلامة هذه العلاجات التجريبية دون إجابات قاطعة، ما يفتح الباب أمام نقاشات مستمرة حول مستقبل الطب والحدود الأخلاقية للعلاجات الجينية.