هل يتحمل "شات جي بي تي" المسؤولية عن حرائق كاليفورنيا؟
مع نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص وتدمير آلاف الأبنية، بسبب حرائق كاليفورنيا، طرح مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات حول ما إذا كان هناك جهة غير متوقعة وراء تفاقم هذه الكارثة البيئية.
ووجهت أصابع الاتهام إلى روبوت الدردشة "شات جي بي تي" ونماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، التي أصبحت جزءًا من النقاش الدائر حول التغير المناخي وتأثيراتها.
البصمة الكربونية للذكاء الاصطناعي
وتعتبر نماذج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" مسؤولة عن بصمة كربونية ضخمة، وهي تسهم في ظاهرة تغير المناخ الذي يزيد من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى خلق بيئة مثالية لحرائق الغابات.
ووفقًا لتقرير نشره موقع "Mashable" المتخصص في أخبار التكنولوجيا، يرى البعض أن "شات جي بي تي" قد يكون جزءًا من مشكلة لوس أنجلوس بشكل غير مباشر، من خلال دوره في دفع التغير المناخي الذي يسهم في اندلاع هذه الحرائق.
أزمة المياه في لوس أنجلوس
وتأتي هذه الاتهامات في وقت تعيش فيه لوس أنجلوس أزمة في نظام المياه، فقد أشار مارتن أدامز، المدير العام السابق لإدارة المياه والطاقة في المدينة، في تصريح لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" إلى أن نظام المياه في المدينة لم يتم تصميمه للتعامل مع حرائق الغابات التي قد تنشب.
اقرأ أيضًا: حرائق "لوس أنجلوس" تلتهم منازل وقصور فاخرة لمشاهير هوليوود (فيديو)
ونتيجة لذلك، عانى رجال الإطفاء من نقص المياه، ليس بسبب سرقة المياه من قبل مراكز البيانات، بل بسبب عجز النظام عن ضخ المياه بكميات كافية لفترات زمنية طويلة لمكافحة الحرائق.
تأثير مراكز البيانات على البيئة
الجدير بالذكر أن الربط بين "شات جي بي تي" وحرائق لوس أنجلوس لا يعني اتهام الذكاء الاصطناعي بإشعال الحرائق بشكل مباشر، بل هو تسليط الضوء على قضية بيئية متنامية، فعلى الرغم من أن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "غوغل" و"مايكروسوفت" و"OpenAI" تتجنب الحديث بشكل صريح عن استهلاكها للطاقة، فإن بعض التحقيقات كشفت عن أرقام مثيرة.
وفي عام 2023، أجرى فريق وكالة "أسوشيتد برس" تحقيقًا كشف أن مراكز بيانات "مايكروسوفت" في مدينة دي موين بولاية آيوا الأمريكية، التي تستخدم لتدريب نموذج "GPT-4" من "OpenAI"، تحتاج إلى 11.5 مليون غالون من المياه لتبريد خوادمها، ويشكل هذا الرقم 6% من إجمالي إمدادات المياه في المنطقة.
استهلاك المياه الكبير للذكاء الاصطناعي
وكشفت دراسة حديثة أجرتها صحيفة "واشنطن بوست" وجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد أن رسالة بريد إلكتروني مكونة من 100 كلمة تم إنشاؤها بواسطة "شات جي بي تي" تحتاج إلى ما يعادل زجاجة ماء واحدة، أي 519 ملليلترًا.
وفي حال تم استخدام "شات جي بي تي" مرة واحدة أسبوعيًا من قبل 16 مليون شخص لمدة عام كامل، سيستهلك ما يعادل 435 مليون لتر من الماء، وهي كمية ضخمة من المياه، ما يثير تساؤلات حول استدامة استخدام الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضًا: الأمير هاري وميغان يستضيفان أصدقاءهما النازحين من حرائق كاليفورنيا في قصرهما الفاخر
وفي دراسة أخرى أجرتها جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، تم تقدير أن الذكاء الاصطناعي قد يستهلك ما بين 4.2 و6.6 مليار متر مكعب من المياه بحلول عام 2027، وهو ما يعادل سحب المياه السنوي لنصف المملكة المتحدة.
التكاليف البيئية لاستخدام الذكاء الاصطناعي
وبينما لا يمكن تحميل "شات جي بي تي" المسؤولية المباشرة عن حرائق لوس أنجلوس، إلا أن الدمار الذي خلفته هذه الحرائق يسلط الضوء على تكلفة بيئية حقيقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، فقد أصبح من الواضح أن استهلاك الطاقة والمياه الذي يرافق نماذج الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا بيئيًّا متزايدًا، حيث يسهم في تفاقم القضايا المناخية التي تؤثر بشكل مباشر على المجتمعات والبيئة.
وهذه القضية تفتح النقاش حول دور التكنولوجيا في التصدي للتحديات البيئية، وتدعو إلى التفكير في كيفية تحقيق توازن بين التطور التكنولوجي والحفاظ على البيئة.