أيهما أهم لصحتك: اتباع النظام الغذائي أم ممارسة التمارين الرياضية؟
قد تتساءل: هل الأفضل أن تُرهِق نفسك في ممارسة التمارين؟ أم تواظِب على نظامٍ غذائي على مدار الأيام والأسابيع لتحسين صحتك وخسارة وزنك؟
ولكن الإجابة على هذا السؤال ليست بمثل سهولة طرحه، فقد تبدو الرياضة سهلة بالنسبة لبعض الناس، بينما لا تبدو كذلك لغيرهم، فيما يُفضّل البعض النظام الغذائي الصحي دون ممارسة أي تمارين، ربّما لكثرة المشاغل أو لأي سببٍ آخر، فهل يمكن الاكتفاء بالتمارين وحدها أو بالنظام الغذائي الصحي فقط؟ أم أنه لا خيار لتحسين الصحة سوى بالجمع بين الاثنين؟
لمعرفة الإجابة يجب أن نعرج على عدة نقاط في السطور التالية.
أهمية النظام الغذائي لصحة القلب
يُساعِد النظام الغذائي الصحي على تحسين صحة القلب، وتقليل خطر الإصابة بأمراضه، خاصةً مع تناول نظامٍ غذائي غني، مثل:
- الفواكه والخضراوات الطازجة.
- الحبوب الكاملة.
- الدهون الصحية.
- اللحوم الخالية من الدهون.
- البروتينات النباتية.
وحسب "Healthline"، فإنَّ "حمية البحر الأبيض المتوسط" تعزّز صحة القلب؛ إذ تحتوي على نسبة عالية من الدهون الصحية، مثل زيت الزيتون والمكسرات، بالإضافة إلى الألياف الغذائية من الحبوب الكاملة والخضراوات.
علاوةً على ذلك، فإنّها قليلة السكريات والأملاح، لأنّها تُركِّز على الأطعمة الطازجة، وتحدّ من تناول الأطعمة المُصنّعة.
كذلك تُعدّ "حمية داش" من الأنظمة الغذائية التي أثبتت فاعليتها بالأدلة، على الحفاظ على صحة القلب، والتي تعطي الأولوية أيضًا لتقليل أملاح الصوديوم في الطعام، بالإضافة إلى تناول الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، وتقليل تناول الأطعمة المُصنّعة، لذا فإنّ اختيار نظام غذائي صحي، يُساعِد على الحفاظ على صحة القلب.
أهمية التمارين الرياضية لصحة القلب
أظهرت عديد من الدراسات، ومنها دراسة نشرت عام 2019 في "Oxidative Medicine and Cellular Longevity"، أن الرياضة يمكن أن تساعِد على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب، بالإضافة إلى تقليل ضغط الدم ومستويات الكوليسترول السيئ، كما تُسهِم أيضًا في زيادة حجم القلب وقوته.
فمثلًا تُساعِد تمارين القلب (الكارديو) على تقوية قلبك، بما يجعله قادرًا على ضخّ كمية أكبر من الدم مع كل ضربة نبضة، مما يُقلِّل عبء العمل والضغط الواقع على القلب، ومِنْ ثَمّ ينخفض خطر إصابته بالأمراض.
فيما تقلل التمارين منخفضة الشدة، مثل المشي، خطر الإصابة بأمراض القلب، حسب دراسة نشرت عام 2019 في "Oxidative Medicine and Cellular Longevity".
أيهما أهم لخسارة الوزن: النظام الغذائي أم التمارين الرياضية؟
يتطلّب فقدان الوزن وجود عجز في السعرات الحرارية، بمعنى أن يكون ما يفقده الجسم من سعرات حرارية أكثر مما يحصل عليه، وهذا يتحقّق بطريقة من اثنتين، أو بكليهما معًا:
- حرق مزيد من السعرات الحرارية عبر ممارسة التمارين الرياضية.
- تقليل استهلاك السعرات الحرارية عبر نظامٍ غذائي مُخصّص.
ورغم أهمية النظام الغذائي وممارسة التمارين لخسارة الوزن، فإن تقليل استهلاك السعرات الحرارية عبر نظامٍ غذائي قد يكون أسهل، وأفضل في التحكّم في السعرات الحرارية مقارنةً بالتمارين الرياضية لحرق السعرات.
فمثلًا إذا كُنت تهدف إلى خلق عجز يومي يبلغ 500 سعر حراري، فيمكنك استهلاك عدد أقل من السعرات الحرارية بمقدار 400 (80%)، عبر تناول نظام غذائي منخفض السعرات، بحجم أصغر للوجبات ووجبات خفيفة أقل، بينما يمكن حرق 100 سعر حراري (20%) من ممارسة التمارين الرياضية.
ولبعض الناس، قد يكون حرق 500 سعر حراري يوميًا بممارسة التمارين الرياضية أسهل، لكن حرق هذه الكمية من السعرات الحرارية بالتمارين، يتطلّب نشاطًا بدنيًا مُكثّفًا، كما قد يستهلك بعض الوقت، وهو ما لا يناسب بعض الناس.
ومع ذلك تظلّ التمارين الرياضية مهمة إلى جانب النظام الغذائي لخسارة الوزن، فهي تساعد على:
- تقليل مستويات هرمونات الجوع، مما يمنع الإفراط في تناول الطعام.
- زيادة حرق السعرات الحرارية.
- الحفاظ على الوزن بعد خسارته ومنع زيادته.
وقد وجدت مراجعة منهجية نشرت عام 2023 في "Diabetes & Metabolic Syndrome: Clinical Research & Reviews"، أنّ المُصابِين بالسمنة فقدوا أكبر قدرٍ من الوزن باستخدام:
- مزيجٍ من تمارين القوة والتحمل لمدة 175 دقيقة على الأقل كل أسبوع.
- نظام غذائي مُخصّص يتناولون فيه سعرات حرارية أقل مما يحرقونه كل يوم.
لذا فإنّ الدمج بين النظام الغذائي والتمارين الرياضية، يُعدّ أفضل خيار لخسارة الوزن، وعدم الاكتفاء بواحدٍ منهما فقط، إلّا إذا تعذّر الجمع بينهما.
اقرأ أيضًا: نقص البروتين في جسم الرجال.. سوء التغذية ليس السبب الوحيد
أيّ الخيارين أفضل لصحتك النفسية؟
يُساعِد النظام الغذائي الصحي وممارسة التمارين الرياضية على تحسين المزاج والصحة النفسية، فقد ارتبط نقص بعض العناصر الغذائية، مثل: "الزنك" أو "فيتامين د" أو "فيتامين ب12" أو أحماض "أوميجا 3" الدهنية بتدهور الصحة النفسية، حسب "Healthline".
لذا فإنّ تناول نظام غذائي صحي غني بالدهون الصحية والألياف والفواكه والخضراوات، يُساعِد على تحسين الصحة النفسية وتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق.
كذلك فإنّ ممارسة التمارين الرياضية تُعزِّز إطلاق "الإندروفينات" في جسمك، التي تُحسِّن بدورها المزاج، مثل: "الدوبامين" و"السيروتونين" و"النورادرينالين"، كما ارتبطت ممارسة التمارين الرياضية بانتظام بانخفاض مُعدّلات الإصابة بالاكتئاب والقلق، وغيرها من الاضطرابات النفسية، حسب "Healthline".
لذا فإنّ المواظبة على ممارسة الرياضة، إلى جانب تناول أطعمة صحية، يُسهِم في تعزيز الصحة النفسية بصورةٍ أفضل من الاقتصار على أيٍ منهما فحسب.
هل يمكن الحفاظ على الصحة بالنظام الغذائي فقط؟
نعم، يمكنك تعزيز صحتك والحفاظ عليها عبر نظامٍ غذائي صحي، حتى إذا لم تُمارِس الرياضة -وإن كان ذلك غير مُفضّل بالطبع- فمثلًا تُساعِد بعض الأنظمة الغذائية، مثل "حمية داش" و"حمية البحر الأبيض المتوسط" على تقليل الالتهابات وخفض مستويات السكر في الدم، وكذلك ضغط الدم، بالإضافة إلى تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
لكن عديدًا من دراسات التغذية التي ضمّت هذه الأنظمة الغذائية، سُمِح للمشاركين بممارسة الرياضة، لذا فقد يكون الأفضل دمج التمارين الرياضية مع نظامك الغذائي لضمان صحةٍ مثالية.
هل يمكن أن تكون صحتك جيدة بالتمارين الرياضية فقط؟
لا تُوجَد دراسات بحثت في هذا الأمر مباشرةً، ولكن وجدت مراجعة نشرت عام 2021 في "iScience"، أنَّ هناك فوائد لعيش الحياة نشيطًا بدنيًا دون فقدان الوزن، فقد قارنت بين التمارين الرياضية مقابل فقدان الوزن وليس التغذية مباشرةً.
ومع ذلك، فقد أشارت إلى التغذية، بأنّ فقدان الوزن الناجم عن الأنظمة الغذائية المُقيِّدة، لا يستمرّ طالما ليس هناك ممارسة لتمارين رياضية، فالتمارين تُقلِّل الالتهابات و"مقاومة الإنسولين"، مما قد يُوضِّح جانبًا من فوائدها في تعزيز الصحة وخسارة الوزن.
والحقيقة أنّه لا يمكن الاعتماد على ممارسة التمارين الرياضية، ثُمّ تناول نظامٍ غذائي غير صحي، وانتظار صحة جيدة أو فقدان للوزن، بل قد يؤدي تناول طعامٍ غير صحي إلى إلغاء فوائد ممارسة الرياضة.
اقرأ أيضًا: 10 نصائح طبية عامة لتحسين صحة الجسم والوقاية من الأمراض
أيهما أهم لصحتك: النظام الغذائي أم ممارسة التمارين؟
من الصعب الإجابة على هذا السؤال بدقة علمية، فقد نظرت بعض الدراسات في العلاقة بين النظام الغذائي والصحة بعيدًا عن التمارين، بينما نظرت دراسات أخرى في العلاقة بين التمارين والصحة، بغض النظر عن النظام الغذائي، لكن لا تُوجَد بيانات علمية قوية تُقارِن بين التمارين والتغذية من ناحية التأثير على الصحة.
وقد أشارت دراسة نشرت عام 2019 في "International Journal of Behavioral Nutrition and Physical Activity"، إلى أنّ ممارسة التمارين بانتظام، قد تساعِد على إطالة العُمر، بغض النظر عن تغيّر الوزن.
وبشكل عام، فإنّ لكلٍ من النظام الغذائي الصحي وممارسة التمارين الرياضية فوائد مُستقلة، ولكي تنعَم بحياةٍ صحية مع فرص قليلة للإصابة بالأمراض، فإنّ الجمع بين التمارين الرياضية والتغذية السليمة، إلى جانب النوم، وما يكفي من السعرات، والابتعاد عن التوتر قدر الإمكان، تُعد أفضل ما يمكن فعله لتعزيز صحتك وتجنّب الأمراض.