السياحة بعيون جديدة.. اتجاهات السفر الصاعدة في 2025
بدأت بعض ملامح عام 2025 تتضح في مجالات مختلفة، خصوصًا في مجالي السياحة والسفر، ووفقًا للتقارير والمعلومات التي تستند على الحجوزات والوجهات واستطلاعات الرأي لمختلف المواقع والشركات المعنية في مجالي السياحة والسفر، فإن العام الجديد سيكون عام التخصيص والأصالة، والروابط ذات المعنى، مع التركيز الكلي على الذات.
أفضل اتجاهات السياحة في 2025
العام الجديد بصورة عامة يبدو عام السعي المتزايد والتجارب العميقة التي تبتعد عن السطحية، وتهدف إلى إعادة عيش الذكريات العزيزة على القلوب واستدعائها من الماضي بل إعادة تشكيلها، فمستقبل السفر لم يعد يتعلق بزيارة الأماكن الجديدة فحسب، بل بعيش تجارب تخلق ذكريات، من خلال تفاعلات حقيقة أصيلة.
"النوستالجيا" وإعادة خلق الذكريات
التوجه الجديد المعتمد من المسافرين، يتمثل في التوجه إلى أماكن تعيد إحياء ذكريات جميلة من الماضي، ولعل ذلك يتضح جليًا إذا علمنا أن 58% من المسافرين العالميين يخططون في الفترة المقبلة لزيارة وجهات كانوا يترددون عليها خلال طفولتهم، وذلك وفق تقرير أجرته "هيلتون" لاتجاهات السفر، وتشمل هذه الأماكن المنتجعات العائلية الكلاسيكية، أو الأماكن التي تحمل قيمة شخصية للأفراد.
ولكن هذا الاتجاه لا يتوقف عند زيارة أماكن قضوا فيها إجازاتهم خلال طفولتهم، بل يرتبط بإعادة عيش التجارب التي تركت تأثيراً إيجابيًّا عليهم، وفق تقرير شركة "أماديوس Amadeus"، وهذا يمكن لمسه من خلال زيادة شعبية المعسكرات الصيفية للبالغين، وعطلات الكارافان (مقطورات السفر)، التي تسمح للمسافرين عيش إجازات خالية من الهموم، مع الانغماس الكلي في الهوايات والممارسات التي تذكرهم بشبابهم.
السفر الناعم
"السفر الناعم" من الاتجاهات التي شهدت شعبية مؤخرًا، والتي من المتوقع أن تهيمن على عام 2025، ويتميز هذا النوع من السفر بالتركيز على البساطة والرفاهية النفسية، ومن ثم يقوم على إيقاع بطيء، يؤدي إلى خلق روابط أعمق مع الوجهات التي يقصدها الأفراد، وهذا ما يجعلها ترتبط بشكل مباشر باتجاه آخر لعام 2025، وهو السفر البطيء، الذي سنتحدث عنه لاحقًا.
أكثر من 20% من المسافرين العالميين يخططون للقيام برحلات تركز على اكتشاف الذات والصحة العقلية والنفسية، وفق "هيلتون ترندز ريبورت"، ما يتماشى مع الرغبة المتزايدة في الحصول على تجارب ذات قيمة ومغزى.
السفر الناعم يقوم على مجموعة من الركائز الأساسية، التي تجعله يختلف عن غيره من الأنماط، وفي مقدمتها التجارب الذهنية، إذ يشجع هذا النوع من السفر على الانغماس الكلي في المحيط، من خلال نشاطات كالمشي في الطبيعة ودروس الطهي باستخدام مكونات محلية، أو بكل بساطة الاستمتاع بالهدوء.
يضاف إلى ذلك الرفاهية التي تعد نقطة مركزية وأساسية في هذا النوع من السفر، التي تتجلى في الإقامة في المنتجعات التي تقدم علاجات صحية وجلسات يوجا، وأنشطة أخرى تهدف إلى تجديد العقل والجسد، ولعل الفلسفة التي تجعله جذابًا تتلخص في أنه يقوم على الحد الأدنى من التخطيط، وذلك لتقليل الضغوطات النفسية المرتبطة بالسفر.
السفر البطيء
1 من كل 5 مسافرين يخطط لاستكشاف العالم والثقافات المحلية، مع التركيز على السفر البطيء في العام الجديد، وذلك وفق تقرير "هيلتون".
والسفر البطيء، يقوم على الانغماس في وجهة معينة لفترة طويلة، ورغم أنه قد يبدو للوهلة الأولى مشابهًا للسفر الناعم، فإنه في الواقع مختلف تمامًا.
فمفهوم السفر البطيء يركز على وتيرة مريحة، حيث يتم تشجيع المسافرين على قضاء فترات طويلة في موقع واحد، للانغماس في الثقافة المحلية، والتفاعل بعمق مع المجتمع، والاستمتاع بالتجارب عوضًا عن زيارة المعالم السياحة، والقيام بعدد كبير من النشاطات خلال فترة زمنية قصيرة.
النمط هذا يعطي الأولوية للجودة، ويركز على فهم أعمق للوجهة، بينما السفر الناعم يركز على الراحة والاسترخاء والرفاهية النفسية، ومن ثم الوجهات تكون منتجعات صحية أو أماكن استكشاف الذات، وغيرها.
وقد برز السفر البطيء بعد جائحة كورونا، ولكنه ترسخ خلال الفترة الماضية، وذلك لأن الغالبية لم تعد تجد إرهاق السفر أو ما يعرف بـ"إرهاق السياح" جذابًا، ففكرة ضرورة الحصول على إجازة لاستعادة النشاط بسبب الإجازة لم تعد تجدي نفعًا!
فالغاية من السفر هي العودة إلى الواقع بمشاعر الانتعاش والتجدد والاستعداد للتعامل مع مشكلات الحياة اليومية، وهذا يمكن تحقيقه من خلال هذا النوع من السياحة.
التوجه نحو آسيا
عام 2025 سيعيد الاهتمام بآسيا، وذلك وفق تقرير "جلوبال ترندر Global Trender".
الأسباب التي جعلت الاهتمام العالمي يتركز على آسيا جاءت كنتيجة لعدة عوامل، لعل في مقدمتها تأثير الثقافة الشعبية، وخصوصًا المسلسلات التلفزيونية الناجحة كمسلسل"ذا وايت لوتس The White Lotus"، على سبيل المثال، الذي تم تصويره في تايلاند، و"سكويد جيم Squid Game" الذي تدور أحداثه في كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى ذلك اكتسبت الروايات التاريخية لليابان شعبية كبيرة، بسبب برامج مثل "شوجن Shogun"، ما زاد الفضول حول التراث الثقافي للبلاد.
ولكن الاهتمام ليس فقط نتيجة لهذه العوامل فحسب، إذ أسهمت التسهيلات التي تقدمها عديد من الدول الآسيوية في جذب السياح، يضاف إلى ذلك كون آسيا جذابة بشكل خاص للذين يعتمدون السفر البطيء أو الناعم، فالقارة غنية ثقافيًّا، كما أن عديدًا من الدول فيها باتت وجهات معروفة لعلاجات السبا وجلسات اليوجا.
اقرأ أيضًا: السياحة الحصرية الفاخرة.. كيف تبدلت أذواق الأثرياء في تجارب السفر؟
السفر الفردي
زيادة ملحوظة في الراغبين في السفر بمفردهم خلال 2025، إذ عبر 62% من المسافرين عن نيتهم السفر بشكل منفرد وفق تقرير "هيلتون ترندز ريبورت".
شعبية السفر الفردي جاءت كنتيجة لسعي المسافرين إلى الاستمتاع بالحرية التي تترافق معه، وهذا يتيح لهم تخطيط مساراتهم الخاصة، وعدم التضحية بما يريدون القيام به لتلبية تفضيلات الآخرين.
هذا النوع من الاستقلالية يجذب جيل الألفية وجيل Z، الذين يقدرون استقلاليتهم بشكل كبير، وهذا النمط في الواقع يُعد جزءًا مكملًا للأنماط الأخرى، سواء السفر البطيء أو الناعم، لكونه يسمح باكتشاف الذات، ويركز على التنمية الشخصية والاستمتاع بالرحلات.
فيما يأتي السفر الفردي بسبب تغير الديناميات الاجتماعية كنتيجة لوباء "كورونا"، الذي جعل العديد من الأشخاص يعيدون تقييم تفضيلاتهم في السفر، ومن ثم عوضًا عن انتظار الأصدقاء أو الشركاء كي يتحمسوا بما يكفي للسفر، فإن الشخص يخطط ويقرر وينفذ.
كما أن لهذا النوع من السفر نكهته الخاصة التي تروق لكثيرين في عصرنا الحالي، فالمسارات المرنة التي يمكن اعتمادها، والتجارب الفريدة، وفرصة دفع الذات خارج منطقة الراحة الخاصة بها، من العوامل التي تجذب الكثيرين، خصوصًا الجيل الجديد.
الفنادق كوجهات سفر
تبرز "فنادق الرواد Trailbalozer Hotels" كاتجاه في السفر خلال عام 2025، وهذه الفنادق هي تلك التي تذهب أبعد من مجرد توفير أماكن للإقامة، وتتحول إلى تجربة شاملة، توفر كل ما من شأنه أن يرضي الضيوف، ومن ثم يصبح الفندق ذاته هو الوجهة، وليس فقط مكانًا مختارًا للنوم والراحة.
ووفق تقرير شركة "أماديوس" فإن الأنظار في عام 2025 تتجه إلى الفنادق، التي تمكن الضيوف من الانغماس في الثقافة المحلية والتاريخ والجمال الطبيعي للمناطق المحيطة.
على سبيل المثال فنادق مثل "كابيلا أبود Capella Ubud" في "بالي" توفر خيمًا فاخرة في الغابة، أما أماكن الإقامة في "تشنغدو Chengdu" فتدمج بين أساليب العمارة من سلالة "تشينج" والتصاميم الحديثة.
الانغماس الثقافي ليس السبب الوحيد الذي يجعل الفنادق تصبح وجهات أساسية، إذ يبرز أيضًا الجانب التاريخي، ولهذا السبب نرى القصور التاريخية التي تحولت لفنادق، باتت من عوامل الجذب الرئيسة في دول عديدة كفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وفي الواقع كلما كانت التجربة أصيلة، زادت رغبة المسافرين بالإقامة في هذه الفنادق.
التواصل الفعلي في الحياة الواقعية
الرغبة بالتواصل الفعلي في الحياة الواقعية والابتعاد قدر الإمكان عن التكنولوجيا، نمط يفرض نفسه مع تزايد الإنهاك التقني، وذلك وفق تقريري "هيلتون ترندز" و"أماديوس"، إذ عبر 24% من المسافرين عن نيتهم الانقطاع عن وسائل التواصل، والابتعاد عن التكنولوجيا قدر الإمكان خلال العطلات.
الاتجاه هذا يعكس رغبة المسافرين في إعطاء الأولوية للتفاعلات الحقيقة وجهًا لوجه، كبديل عن التفاعلات الرقمية، وقد برز بسبب الإرهاق الرقمي والرغبة في تجارب أصيلة، تقوم على تفاعل حقيقي، يخلق روابط حقيقة بين الناس والأماكن.
ومن ناحية الفلسفة والتطبيق، فإن الاتجاه هذا يكمل ويعد جزءًا من أنماط السفر الأخرى، التي ستفرض نفسها خلال العام الجديد، سواء السفر المنفرد أو البطيء أو الناعم، فالوقت والمساحة والبعد عن القيود المرتبطة بالحياة اليومية، تمهد الطريق نحو الانغماس في الثقافة المحيطة والتواصل الحقيقي والتفاعل مع المحليين، أو مع المجموعة المرافقة في الرحلة.
فيما يقوم ها الاتجاه بشكل عام على الجولات الجماعية، والتجارب التي تتضمن تواصلاً اجتماعيًّا، سواء الجولات مع محليين أو المشاركة في فعاليات محلية أو نشاطات وفعاليات ثقافية، وهذا في الواقع جعل الفعاليات الاجتماعية أو الثقافية، تتحول لتصبح وجهات سياحية وخصوصًا المهرجانات.
وهذا النمط يمثل تحولاً جذريًّا في كيفية مقاربة المسافرين لرحلاتهم. ولهذا السبب نجد العديد من المؤسسات بدأت بالتأقلم مع المتغيرات، والاستجابة من خلال توفير تجارب مخصصة، وخيارات متنوعة ترضي الفئات التي تريد هذا النوع من السياحة.
السفر المخصص
مقابل الراغبين بالانفصال عن الواقع الافتراضي، هناك فئة تريد التكنولوجيا والراحة التي توفرها في كل مكان، ووفق تقرير "أماديوس" و"هيلتون"، فإن المسافرين في العام 2025 يريدون المزيد من الخيارات التقنية، خصوصًا التكنولوجيا المتقدمة، خلال رحلاتهم إلى وجهاتهم على متن الطائرة، بالإضافة إلى السفر المخصص المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
العديد من المسافرين باتوا يعتمدون على الذكاء الاصطناعي لتخطيط رحلاتهم، أو حتى لاختيار وجهاتهم القادمة وفق تفضيلاتهم، وهذا ما جعل المسافرين يتوقعون مستوى جديدًا من الخدمات من قبل شركات الطيران والفنادق، خصوصًا أن التقنيات المتقدمة باتت جزءًا من حياتهم.
السفر المخصص يوفر ترفيهًا متقدمًا خلال الرحلات، وهذا ما يبرز من خلال تبني شركات الطيران بشكل متزايد أنظمة ترقية تعتمد على الخوارزميات، التي تقدم للركاب المحتوى المبني على تفضيلاتهم الشخصية، وفق اختياراتهم السابقة، من خلال تحليل بيانات برامج الولاء وخيارات الرحلات السابقة، ما يمكن شركات الطيران من تنسيق تجربة ترفيه فريدة لكل مسافر.
في المقابل، فإن المسافرين يريدون إنترنت سريعًا، يمكنهم من البقاء متصلين بحياتهم الرقمية خلال تواجدهم في الجو، بالإضافة إلى ترفيه يعتمد على أذواقهم وتفضيلات وتستند كما ذكرنا على الذكاء الاصطناعي.
وفي استجابة لهذا الاتجاه، فإن العديد من شركات الطيران تعمل على تعزيز الخدمات، من خلال الذكاء الاصطناعي، سواء لناحية الترفيه أو التسوق، وقد يشمل ذلك حتى وجبات مخصصة بناءً على التفضيلات الغذائية.