كيف تُدار الطائرات الخاصة؟.. من القبطان إلى المضيفة
عالم الطيران الخاص مرادف للفخامة والخصوصية والراحة، فهو عالم كل تفصيل فيه يتمحور حول توفير تجربة سفر لا مثيل لها. وخلف هذه الرفاهية يبرز فريق عمل من المحترفين، من أصحاب المهارات العالية، الذين يكرسون كل خبراتهم لتوفير خدمة تليق بك، وبعالم النخبة الذي تنتمي إليه.
طاقم الطائرات الخاصة هو العمود الفقري، الذي يضمن سير الأمور بسلاسة، فهؤلاء ليسوا مجرد موظفين يقومون بوظيفة روتينية، بل هم الجهة التي تتولى نقلك بأمان، والمحافظة على سلامتك وسلامة الركاب الآخرين، وتوفير كل وسائل الراحة بمهنية عالية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا يدور حول حجم الطاقم الذي تحتاج إليه فعلاً لتشغيل الطائرة. وبطبيعة الحال فإن القبطان أساسي ولا يمكن الاستغناء عنه، وفي نهاية المطاف، فإن الطائرة لن تقود نفسها بنفسها!
ولكن عدد العاملين الآخرين يختلف باختلاف عوامل متنوعة. وعليه فإن حجم الطاقم والأدوار المسندة إليهم تختلف باختلاف حجم ونوع الطائرة وحتى طول الرحلة، وهذه الأمور بعضها محدد قانوناً، وبعضها متروك لمالك الطائرة، سواء لناحية عدد أفراد الطاقم أو نوعية العقود، فإن كان نمط حياة مالك الطائرة يتطلب جهوزية تامة للطاقم، بسبب الرحلات العديدة المفاجئة، حينها سيحتاج حتمًا إلى طاقم خاص به يعمل معه بشكل حصري، ما يعني عقود توظيف دائمة، خلافًا للعقود وفق الساعة أو وفق الرحلة لمن لا يحتاج إلى فريق دائم الجهوزية.
من الطيارين إلى المضيفين الجويين، وصولاً إلى الطهاة الخاصين، فإن هؤلاء المحترفين لا يديرون الجوانب التقنية للطيران فحسب، بل يعملون لضمان راحتك وسلامتك بتكتم مفروض عليهم قانونيًّا وأخلاقيًّا.
الطاقم وفق حجم الطائرة
كما سبق أن ذكرنا، فإن الطائرة الخاصة تحتاج إلى قبطان لقيادتها، ولكن حجم الطائرة قد يتطلب وجود آخرين، كالطيارين المساعدين والمضيفات وغيرهم وفق الحاجة.
- الطائرات الخاصة الصغيرة:
هذه الطائرات تعرف أيضًا بالطائرات الخفيفة، مثل: "سيسنا سايتايشن موستانج Cessna Citation Mustang" أو "إمبراير فينوم Embraer Phenom 100"، وهي عادة الأكثر اعتمادًا كطائرات خاصة، وتحتاج إلى قبطان أو اثنين وفق قوانين إدارة الطيران، وبعضها يتطلب وجود قبطان واحد.
ولكن بعض الدول تفرض وجود قبطان ومساعد قبطان في جميع الطائرات، حتى في الطائرات خفيفة الوزن، ولكن بشكل عام، هذه النوعية لا تحتاج الى أكثر من طيار واحد، وذلك بسبب أنظمتها غير المعقدة.
في الرحلات قصيرة المدى، والتي تكون عادة أقل من 3 ساعات على متن الطائرات خفيفة الوزن، عادة يتم الاستغناء عن مضيفة الطيران، ويقوم القبطان بمهامها عند الحاجة.
- الطائرات الخاصة متوسطة الحجم:
الطائرات الخاصة متوسطة الحجم، مثل: "جلف ستريم جي 280 Gulfstream G280" أو "بومبرادير شالنجير Bombardier Challenger 350"، تعتمد للرحلات متوسطة المدى، والتي تستغرق بين 6 و 7 ساعات، وهي عادة تحتاج إلى قبطانين، نظرًا لحجم الطائرة وأنظمتها المتقدمة والمعقدة.
أما فيما يتعلق بوجود مضيفات الطيران، فإن ذلك اختياري وليس ضرورة، وإن كانت الوجهة وطبيعة الرحلة أحيانًا تحدد ذلك، فبعض الرحلات التي قد يكون عدد الركاب فيها كبيرًا، قد تتطلب وجود مضيفة لتولي مهام تقديم الطعام وضمان سلامة المسافرين.
- الطائرات الخاصة كبيرة الحجم:
الطائرات الخاصة كبيرة الحجم، مثل: "جلف ستريم جي Gulfstream G 650" أو "بومبرادير جلوبال Bombradier Global 6000" المصممة للرحلات طويلة المدى الدولية تشترط وجود قبطانين.
كما أن وجود مضيفة طيران واحدة على الأقل في الرحلات الطويلة (أكثر من 7 أو 8 ساعات) ضروري، وبعض الرحلات قد تحتاج إلى أكثر من مضيفة طيران، وذلك وفقًا لعدد الركاب.
- الطائرات الخاصة الكبيرة جدًّا:
الطائرات التي تم تحويلها من تجارية إلى خاصة، مثل: "إيرباص إي سي جاي AirbusACJ" أو "بوينج 737 بي بي جاي Boeing 737 BBJ"، تتطلب طاقم عمل مماثلاً لطاقم الطائرات التجارية.
في الرحلات الطويلة هناك حاجة إلى أكثر من طيار، وقد يتراوح عددهم بين 2 و 4، إذ إنهم يتناوبون خلال الرحلات الطويلة جدًّا، أما فيما يتعلق بالمضيفات، فهناك حاجة إلى 3 مضيفات أو أكثر، وذلك وفقًا لعدد المسافرين.
اقرأ أيضًا: من الشراعية إلى الجامبو.. كم تبلغ تكلفة شراء الطائرات؟
أنواع العقود
العقود تخضع للقوانين الخاصة بكل دولة، ولكنها بشكل عام تندرج تحت 3 خانات: العقود بدوام كامل، وعقود العمل الحر، وعقود التناوب.
- عقود بدوام كامل: كما تشي التسمية فإن الطيار أو المضيفات أو أيًّا من العاملين الآخرين يعملون بشكل كامل مع مالك الطائرة، ومن ثم هم على أهبة الاستعداد للقيام بالرحلات دائمًا، ويتولون الإشراف على كل شيء، بدءًا من الصيانة اليومية إلى الأمور اللوجستية المتعلقة بالرحلات المتكررة.
- عقود العمل الحر أو حسب الطلب: هذا النمط شائع، إذ يتم توظيف طاقم لكل رحلة، ورغم كونه أقل تكلفة من التوظيف بدوام كامل، ولكنه لا يناسب الذين يحتاجون إلى طاقم عمل جاهز للرحلات المفاجئة، وذلك لأن الذين يعملون وفق عقود العمل الحر غالباً ما يكون لديهم التزامات أخرى.
- عقود التناوب: هذا النمط يعتمد في الرحلات الدولية الطويلة، وهي تختلف في مدتها، قد تكون شهر عمل مقابل شهر إجازة، أو لفترات أقصر.
المهام والرواتب
نستعرض هنا مهام وراتب كل فرد من طاقم الطائرة.
- القبطان:
مسؤوليته الأساسية هي تشغيل وتوجيه الطائرة بأمان، أما المهام الأخرى فتشمل التخطيط للرحلة، وفحص الطائرة قبل الانطلاق، والتحقق من الظروف الجوية، والتواصل مع مراقبي الحركة الجوية، وضمان الإقلاع والهبوط بأمان، وفي الطائرات الصغيرة قد يقوم الطيار بخدمة العملاء، وذلك لعدم الحاجة إلى مضيفة طيران.
أما الرواتب فتعتمد على عوامل عديدة، كالخبرة، وحجم الطائرة، ونوعية عقد العمل.
وبشكل عام فإن راتب الطيار المبتدئ الأقل خبرة، والذي يقود طائرات صغيرة الحجم يتراوح بين 80 ألفًا إلى 120 ألف دولار سنويًّا.
أما الطيار صاحب الخبرة، والذي عادة ما يتولى قيادة الطائرات الكبيرة، فإن راتبه يتراوح بين 150 ألفًا إلى 200 ألف دولار سنويًّا، والرحلات الطويلة جدًا تعني أن الراتب سيرتفع إلى 300 ألف دولار سنويًا.
وبالنسبة للطيارين المستقلين فيكسبون ما بين 1000 إلى 3000 دولار لكل رحلة، وهناك بالطبع بدل إضافي للرحلات الدولية الطويلة جدًّا أو الرحلات التي تتضمن المخاطر.
- مساعدو القبطان
دوره هو مساعدة القبطان في جميع جوانب الرحلة، بما في ذلك الملاحة والتواصل مع الجهات المعنية، والتعامل مع أي حالات طارئة قد تنشأ.
وراتب مساعد الطيار للطائرات الصغيرة يتراوح بين 60 ألفا إلى 100 ألف دولار سنوياً، وللطائرات المتوسطة والكبيرة يتراوح بين 100 ألف إلى 130 ألف دولار سنوياً.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حاله كحال القبطان، فهو يحصل أيضاً على بدل إضافي للرحلات الطويلة جداً، أو تلك التي تتضمن المخاطر.
- المضيفات (طاقم المقصورة)
المسؤولية الأساسية للمضيفات أو طاقم المقصورة تتمحور حول ضمان راحة وسلامة الركاب، أما المهام فتشمل استقبال الركاب وتوجيههم حول إجراءات السلامة، بالإضافة إلى تقديم الوجبات وتلبية طلبات الركاب.
كما تشمل المهام أيضاً التعامل مع الحالات الطارئة، مثل المشكلات الطبية أو الاضطرابات الجوية.
وراتب المضيفات المبتدئات يتراوح بين 45 ألفًا و60 ألف دولار سنوياً، أما المضيفات اللواتي يملكن الخبرة، فإن رواتبهن تتراوح بين 70 ألفًا إلى 100 ألف سنوياً، والمضيفات المستقلات يتقاضين بين 500 و 1500 دولار لكل رحلة.
اقرأ أيضًا: "الملكية الجزئية" للطائرات الخاصة.. المتعة الكاملة بلا متاعب!
- طاقم إضافي (اختياري)
هؤلاء ليسوا جزءاً أساسياً من الطاقم، وتوظيفهم يعتمد على مالك الطائرة الخاصة والمتطلبات الإضافية، ومن بينهم الطهاة، وأفراد الأمن.
والطهاة غالباً ما يتم اعتمادهم في الطائرات الكبيرة، أو لرحلات الشخصيات الهامة، ورواتبهم تتراوح بين 60 ألفًا إلى 120 ألف دولار سنوياً، وذلك حسب الخبرة، أو قد يتم التعامل معهم بمعدل 1000 دولار أو أكثر لكل رحلة.
أما أفراد الأمن فغالباً ما يتم توظيفهم عند السفر إلى المناطق ذات المخاطر العالية، أو في حال كان مالك الطائرة من الشخصيات البارزة التي تحتاج إلى حماية إضافية، وهؤلاء وحسب مستوى المخاطر يمكنهم أن يجنوا ما بين 70 ألفًا إلى 150 ألف دولار سنوياً، مع مكافآت إضافية للمهام عالية المخاطر.
الخصوصية والسرية
وطبعاً يبقى هناك عقد إضافي يقوم مالك الطائرة الخاصة بجعل كل العاملين على متن طائرته بتوقعيه، وهو اتفاقية السرية، رغم أن العاملين في هذا المجال غالباً ما يخضعون لمجموعة من القواعد المحددة وفق القانون، التي تمنعهم من الإفصاح عن معلومات معينة.
ولكن لضمان المزيد من الخصوصية فإن اتفاقيات السرية تمنع الطاقم من كشف أي معلومة حول الركاب أو الرحلات، كما أنه ووفق برتوكولات الأمان الرقمي يمنع استخدام الأجهزة الشخصية خلال الرحلات، كالهواتف وغيرها، أو مشاركة تفاصيل الرحلات على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم أننا شهدنا نشر العديد من الفيديوهات على مواقع التواصل مؤخرًا، فإن ذلك يعد خرقاً واضحاً لهذا البروتوكول.
ومن الممنوعات قانونياً أيضاً توثيق أي حدث يتعلق بالرحلة أو تسجيله أو تصويره، كما يمنع تسريب أي معلومات تتعلق بالتفضيلات الشخصية للركاب كالطعام والترفيه، وهذه السرية تظل مفروضة حتى بعد نهاية الرحلة.