تحولات الأنهار.. دراسة تكشف عن أزمة جديدة تهدد ملايين البشر
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة إنديانا الأمريكية عن توقعات مثيرة للقلق بشأن ظاهرة "انقطاع المياه عن الأنهار"، ما يقدم رؤى جديدة حول كيفية توقع توقيت وموقع التغيرات في مسارات الأنهار.
وأوضحت هذه الدراسة، التي نقلها موقع "sciencedaily"، التأثير العميق لتغيرات الأنهار التي شكلت تاريخ البشرية من خلال فيضانات مدمرة وما زالت تشكل تهديدًا لملايين الأشخاص حول العالم.
تفاصيل الدراسة
وقاد الفريق البحثي الدكتور جيمس جيك جيرون، من قسم علوم الأرض والغلاف الجوي "EAS" بكلية الآداب والعلوم في جامعة إنديانا بلومنجتون، حيث تمكن من تحديد الظروف التي تؤدي لأول مرة إلى انقطاع المياه عن الأنهار.
واعتمد الفريق على تكنولوجيا الأقمار الصناعية المتقدمة، حيث رسم خريطة توضح كيف تزيد الطبيعة الجغرافية للأرض من احتمالية حدوث تغييرات كبيرة في مسارات الأنهار.
اقرأ أيضًا:العلماء يكتشفون دائرة فضائية غامضة تبعد مليون سنة ضوئية عن الأرض
استخدام تكنولوجيا "الليدار" للتنبؤ
وأوضح جيرون أن التضاريس المحيطة بالأنهار كانت تشكل تحديًا كبيرًا في القياس نظرًا للغطاء النباتي الكثيف، إلا أن استخدام قمر صناعي يعمل بأشعة الليزر بتقنية "الليدار" مكن الباحثين من اختراق الغطاء النباتي للوصول إلى ارتفاعات الأرض العارية، ما سمح بإجراء قياسات طبوغرافية دقيقة.
وأكد أن هذه التكنولوجيا أتاحت للفريق إجراء دراسة تفصيلية للتضاريس، ما يوفر فهمًا أفضل لتحولات الأنهار.
التأثيرات المترتبة على التغيرات المناخية
الدراسة التي تقدم إطارًا جديدًا للتنبؤ بمواعيد تحولات الأنهار، تظهر أهمية التنبؤ بهذه الظاهرة، خاصة في ظل تغير المناخ الذي يؤدي إلى تبدل دورة المياه على سطح الأرض وزيادة التوسع البشري في المناطق المعرضة للفيضانات.
وأشار إدموندز، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، إلى أن تحولات الأنهار تسببت في أكبر فيضانات في تاريخ البشرية ولا تزال تشكل تهديدًا لملايين البشر حتى اليوم.
أسباب تحولات الأنهار
وتحدث ظاهرة انحراف الأنهار عادة عندما ترتفع مياه النهر فوق التضاريس المحيطة نتيجة تراكم الرواسب في قاع النهر، ما يؤدي إلى فيضان النهر وتشكيل مسار جديد عبر السهول الفيضية.
وقد يؤدي ذلك إلى فيضانات مدمرة، حيث يتحرك النهر بأكمله عبر مناطق غير مهيأة لاستقبال هذه الكميات الضخمة من المياه، ويعتبر مثال انفصال نهر "كوسي" في شمال الهند عام 2008 دليلاً على مدى تأثير هذه الظاهرة، حيث تسببت في وفاة مئات الأشخاص وتضرر أكثر من 30 مليون نسمة، وتجاوزت الأضرار المادية حاجز المليار دولار.
اقرأ أيضًا:علماء يحلون لغز الزلزال الذي ضرب الأرض لـ 9 أيام متتالية العام الماضي
نتائج الدراسة وأهميتها
واكتشف الباحثون أنه على الرغم من أن العلماء قديمًا اعتقدوا أن التحولات النهرية تحدث بسبب عاملين رئيسين، هما ارتفاع مجرى النهر عن السهول الفيضية أو توفير التضاريس على جانبي النهر مسارًا أكثر انحدارًا، فإن الدراسة الحالية أكدت أن كلا العاملين يلعبان دورًا مشتركًا يختلف باختلاف موقع النهر.
تطوير نموذج "ممرات التحولات"
واعتمد الباحثون على تحليل بيانات من 174 نهرًا حول العالم شهدت تغييرات في مساراتها، مستخدمين صور الأقمار الصناعية لتتبع حركة الأنهار على مدى العقود الماضية، ووجدوا أن التغيرات الأكثر شيوعًا تحدث بالقرب من المناطق الجبلية والسواحل، حيث أظهرت النتائج أن 74% من التحولات النهرية حدثت في هذه المناطق، نظرًا للتراكم السريع للرواسب.
واعتمادًا على هذه البيانات، نجح الباحثون في تطوير نموذج جديد أطلقوا عليه اسم "ممرات التحولات"، وهو خريطة تبرز المسارات المحتملة التي قد تسلكها الأنهار في حال انحرافها عن مساراتها الحالية.
وتعتبر هذه الأداة قيمة جدًا للحكومات والمخططين، حيث توفر لهم معلومات حيوية تساعد على تحديد المناطق الأكثر عرضة لخطر الفيضانات المفاجئة، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى موارد إدارة الفيضانات.