10 آلاف مكتب و10 تريليونات دولار.. هل تتحكم العائلات بمصير الاقتصاد العالمي؟
أثار تقرير ديلويت، شركة التقصي والمراجعة العالمية، حول كبار الأغنياء في العالم، اهتمامًا واسعًا نظرًا لما يكشفه من تفاوت اقتصادي متزايد بين الدول وداخلها.
التقرير يسلط الضوء على حجم الثروات الهائلة التي تسيطر عليها العائلات الغنية حول العالم، ويطرح تساؤلات حول طبيعة هذا التفاوت الاقتصادي، وما إذا كان يعكس عودة إلى نموذج "الإقطاعية" في ظل الرأسمالية الحديثة، وفقًا لما نشرته مونتو كارلو.
تضخم الثروات العائلية
وأشارت بيانات تقرير ديلويت إلى أن العائلات الغنية التي تدير ثرواتها من خلال ما يعرف بـ"المكاتب العائلية"، وهي مؤسسات مالية خاصة تدير أموال العائلات الكبرى، من المتوقع أن تصل حجم الثروات التي تديرها إلى نحو 10 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وهذا الرقم يعتبر قفزة هائلة مقارنة بالحجم الحالي لهذه الثروات الذي يقدر بنحو 5 تريليونات دولار.
كما يشير التقرير إلى وجود نحو 10,000 مكتب عائلي حول العالم، كل منها يدير أموالاً تقدر بمتوسط 2 مليار دولار، ويعمل في كل مكتب نحو 15 موظفًا، وهذه الأرقام تعكس حجم التركيز المالي والاقتصادي في أيدي فئة صغيرة من المجتمع، وتكشف عن تزايد الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء وبقية شرائح المجتمع.
اقرأ أيضًا: 42 تريليون دولار زيادة في ثروات 1% من أغنياء العالم خلال العقد الماضي
التحول في إدارة الثروات
ومن اللافت في التقرير أن حجم الثروات التي تديرها العائلات بشكل مباشر دون اللجوء إلى شركات مالية تقليدية يرتفع بسرعة تفوق تلك التي تدار عبر المحافظ التقليدية، وهذا التحول يشير إلى أن تلك العائلات وصلت إلى درجة من الثراء تمكنها من توظيف الكفاءات مباشرة، وإدارة الأموال بنفسها دون الاعتماد على خدمات خارجية، بما في ذلك المصارف.
وهذا الوضع يعكس استقلالية متزايدة لهذه العائلات عن النظام المالي التقليدي، ويثير تساؤلات حول تأثير هذا الاتجاه على الاقتصاد العالمي، هل يؤدي ذلك إلى مزيد من التركز الاقتصادي في أيدي القلة؟ وهل هناك مخاطر على الاستقرار الاقتصادي العالمي نتيجة لهذا التوجه؟
مقارنة تاريخية
وقالت إذاعة مونت كارلو، إن الوضع الحالي للعائلات الغنية وامتلاكها لإمكانيات مالية ضخمة تسمح لها بتجاوز المؤسسات التقليدية، يذكرنا بمرحلة الإقطاع في أوروبا في العصور الوسطى، حينها كان الإقطاعيون الكبار يستغنون عن كنيسة القرية ويبنون كنائس خاصة في قصورهم، ويوظفون الكهنة لإدارتها.
وأضافت: "اليوم قد يرى البعض أن الرأسمالية الحالية تشبه الإقطاعية القديمة من حيث السيطرة والهيمنة على المال والعباد، وهذا التشابه دفع بعض الاقتصاديين لوصف الرأسمالية الحديثة بالإقطاعية الجديدة".