مليارديرات ومشاهير اختاروا عدم توريث ثرواتهم لأبنائهم.. ما السبب؟
في خطوة غير تقليدية، قرر عدد من الأثرياء والمليارديرات حول العالم عدم نقل ثرواتهم الكبيرة إلى الأجيال المقبلة، مكتفين بمنح أبنائهم جزءاً ضئيلاً فقط من ممتلكاتهم الهائلة.
يعكس هذا التوجه المتزايد رغبة هؤلاء في استثمار ثرواتهم لتحسين العالم، بدلاً من تعزيز رفاهية أبنائهم، ما يشير إلى تحول جديد في إدارة الميراث وتوجيه الأموال، لإحداث تأثير إيجابي أوسع.
في السطور التالية تستعرض منصة "الرجل" كيف تختلف استراتيجيات إدارة الإرث بين المشاهير والأثرياء، بينما نكشف عن أبرز الشخصيات التي اتخذت قرارات جريئة ومميزة فيما يتعلق بتوزيع ثرواتهم.
"زوكربيرغ" يتبرع بـ 99% من أسهمه
قرر "مارك زوكربيرغ" منح بناته الثلاث (ماكس، وأغسطس، وأوريلليا) مجتمعات ما لا يزيد على 1% فقط من أسهم فيسبوك "ميتا"، والتبرع بباقي النسبة لمستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وفي عام 2015، وتحديداً بعد ولادة ابنتهما "ماكس"، أعلن "زوكربيرغ" وزوجته "بريسيلا تشان" عن تبرعهما بأسهم الشركة لصالح الأعمال الخيرية، في تبرع قدر قيمته آنذاك بنحو 45 مليار دولار، وسيتم تنفيذه على مدى حياتهما بدلاً من التبرع الفوري.
يستهدف التبرع تعزيز ودعم مباردارت "تشان زوكربيرغ"، الهادفة إلى تحسين العالم لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، مع تسيلط الضوء بشكل أكبر على تعزيز التعليم الشخصي، وعلاج الأمراض، وبناء المجتمعات، وقد أكد "زوكربيرغ" أن الهدف من التبرع هو تقديم مزيد من الفرص لجيل ابنته "ماكس"، عبر توفير الوصول إلى الإنترنت للجميع.
وفيما يتعلق بمستقبله المهني، صرح "زوكربيرغ" أنه سيبقى في منصب الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك "لسنوات عديدة قادمة"، فيما تُقدّر ثروة "مارك زوكربيرغ" في عام 2024 بنحو 173 مليار دولار.
"جورج لوكاس" يوجه ثروته للأجيال القادمة
تقدر ثروة "جورج لوكاس" المخرج الأمريكي الشهير ومبتكر سلسلة "حرب النجوم"، بنحو 5 مليارات دولار في عام 2024، وبدلاً من ترك هذه الثروة لأبنائه الأربعة، يوجه "لوكاس" معظم أمواله لدعم التعليم، من خلال مؤسسته التعليمية "Edutopia".
تهدف المؤسسة إلى تحسين نوعية التعليم في المدارس، وإتاحة فرص أفضل للأطفال، ما يجسد التزام "لوكاس" بتوجيه إرثه نحو الاستثمار في مستقبل الأجيال القادمة، مفضلاً إحداث تأثير إيجابي في حياة الآخرين على توريث ثروته لأبنائه.
"مايكل بلومبرغ" يحول ثروته لإرث دائم
في خطوة تبرز التزامه العميق بإرثه الخيري، يعتزم "مايكل بلومبرغ"، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "بلومبرغ"، تخصيص كامل ثروته للأعمال الخيرية قبل وفاته. ويهدف "بلومبرغ" من خلال مؤسسته Bloomberg Philanthropies إلى دعم مبادرات واسعة النطاق في مجالات التعليم والصحة والبيئة.
وفي عام 2023، أعلن عمدة نيويورك السابق عن خطته لنقل ملكية شركته إلى مؤسسته الخيرية، سواء بعد وفاته أو حتى قبل ذلك إذا أتيحت الفرصة، وتواصل بناته "جورجينا" و"إيما"، تعزيز هذا الإرث الدائم، من خلال العمل جنباً إلى جنب مع الأب في دعم مبادرات المؤسسة، وقد قُدرت ثروة "بلومبرغ" في عام 2024 بنحو 104 مليارات دولار.
اقرأ أيضًا: من فخامة سانت بارتس إلى سحر ساحل أمالفي.. رحلة صيفية مع نجوم العالم
"بيل غيتس" يترك لأبنائه أقل من 1% من ثروته
10 ملايين دولار فقط هو ما يخطط مؤسس "مايكروسوفت"، تركه لكل واحد من أبنائه، الذي يمثل أقل من 1% من ثروته، المقدرة بنحو 129 مليار دولار.
وقد أسس "غيتس" وزوجته السابقة "ميليندا" مؤسسة "بيل وميليندا غيتس"، وهي أكبر مؤسسة خيرية خاصة في العالم، وركزا من خلالها على تحسين حياة الناس الصحية والإنتاجية، وعلى الرغم من استقالة "ميليندا"، فإن أطفالهما الثلاثة يشاركون والدهم شغفه بالعمل الخيري، ويُفضلون عدم وراثته.
وفي مقابلات سابقة، أكد "غيتس" قناعته بأن ترك ثروة كبيرة للأبناء قد لا يكون دائماً في مصلحتهم، وأنه استوحى هذا القرار من مقال كتبه "وارن بافيت" عام 1986، حيث تحدث عن مخاطر توريث ثروات كبيرة دون مبرر.
"غوردون رامزي" يحرم أبناءه الستة من ثروته!
تُقدّر ثروة الطاهي البريطاني الشهير "غوردون رامزي" بنحو 220 مليون دولار، وهو رقم يعكس مكانته البارزة في عالم الطهي، وإدارته لنحو 35 مطعماً عالمياً، بالإضافة إلى ظهوره في العديد من البرامج التليفزيونية الشهيرة.
وفي خطوة غير تقليدية لواحد من أغنى الشخصيات في مجاله، أعلن "رامزي" في عام 2017 أنه لن يورث ثروته الكبيرة لأبنائه الستة، مؤكداً أن الهدف من هذا القرار هو حمايتهم من تأثيرات المال الزائد وتدليلهم، وبدلاً من ذلك، قرر منحهم جزءاً بسيطاً من ثروته، يكفي لشراء شقة لكل منهم.
و أوضح رامزي، الحاصل على "نجمة ميشلان"، في مقابلة مع صحيفة The Telegraph قائلاً: "ثروتي لن تذهب إليهم بالتأكيد، ليس لأنني قاسٍ، ولكن حتى لا أفسدهم"، وأضاف أنه يفضل تأمين مستقبل أبنائه من خلال منحهم أدوات النجاح، بعيداً عن الاعتماد الكامل على ثروته.
"آشتون كاتشر" يبني مستقبل أبنائه بعيداً عن ثروته
اتخذ نجم التمثيل "آشتون كاتشر" قراراً حاسماً بحرمان أطفاله من ثروته الكبيرة، بناءً على قناعته بأن منحهم أموالاً طائلة قد يعيق تطورهم الشخصي، ويضعف من دافعهم لتحقيق النجاح بأنفسهم.
ويرى نجم هوليوود وزوجته "ميلا كونيس"، أن الأطفال الذين ينشأون في بيئة مريحة للغاية، قد لا يتعلمون قيمة العمل الجاد والاعتماد على الذات، وبدلاً من تقديم ثروة جاهزة، يفضل "كاتشر" دعم أفكار أطفاله التجارية بشكل عادل، دون منحهم أي معاملة تفضيلية، مؤكداً أهمية بناء مستقبلهم بأيديهم، ما يعزز قيم الاعتماد على الذات والمسؤولية.
اقرأ أيضًا:نجوم "يوتيوب" الأعلى دخلاً.. كيف يجنون أرباحهم؟ وفيمَ ينفقونها؟
"لورين جوبز" لن تجعل أبناءها يصبحون مليارديرات!
قررت "لورين باول جوبز" ألا يحصل أبناؤها على لقب مليارديرات، معبرةً عن رغبتها في إعادة تعريف كيفية استخدام الثروات الكبيرة، وعلى الرغم من الثروة الضخمة التي ورثتها من زوجها الراحل "ستيف جوبز" مؤسس شركة "أبل"، تفضل "لورين" أن تُوجه أموالها نحو تحقيق تأثير إيجابي في المجتمع، بدلاً من تعزيز رفاهية أبنائها فقط.
وقد أسست "جوبز" منظمة College Track لدعم الطلاب من الأسر ذات الدخل المنخفض، وأطلقت المنظمة الاجتماعية Emerson Collective، فيما تُقدّر مجلة Forbes صافي ثروتها وثروة عائلتها بـ14.7 مليار دولار.
وفي تصريح لصحيفة The New York Times عام 2020، انتقدت "جوبز" التفاوت الكبير في الثروات، مؤكدةً أنها تسعى لاستثمار ثروتها في تحسين التعليم والمجتمع، بدلاً من تمريرها بالكامل إلى أبنائها.
لماذا يختار المليارديرات والمشاهير عدم توريث ثرواتهم لأبنائهم؟
أجاب الخبراء عن ذلك السؤال المهم بوضع عددٍ من الأسباب المفترضة، ومنها:
تجنب آثار الثروة الكبيرة على الأبناء: إذ يعتقد بعض الأثرياء أن الثروات الكبيرة قد تؤدي إلى اعتماد الأبناء على المال، بدلاً من السعي لتحقيق النجاح بأنفسهم، ما يضعف من دافعهم وجهدهم الشخصي، ويؤثر سلباً على تطورهم وتقديرهم لجهودهم.
التوزيع المدروس للأموال: يختار البعض وقف أموالهم "تحويلها لأمانات تصرف عوائدها على أهداف معينة"، أو توجيهها للأعمال الخيرية بدلاً من منحها مباشرة لأبنائهم، لضمان استخدامها بفاعلية في تحقيق أهداف خيرية، مع الحفاظ على توازن بين دعم الأبناء وتعزيز استقلاليتهم.
التفكير المستقبلي والتخطيط: يفضل الأثرياء استخدام ثرواتهم لدعم القضايا الاجتماعية والمشاريع التنموية بدلاً من التوريث المباشر، ما يعكس النهج الجديد في كيفية التعامل مع المال والإرث.
تشجيع الجهد الشخصي والاعتماد على النفس: يقرر البعض تعليم أبنائهم سبل الكسب والعمل الجاد بدلاً من الاعتماد على الثروة؛ ما يعزز قيمة العمل والإنجاز الشخصي ويشجع على بناء الذات بعيداً عن الترف.
وبعد أن عرفت كل هذا، هل ستفكر في الأمر نفسه من منظور أصحاب الثروة من المشاهير والمليارديرات؟