أكثر مما تظن: كم تستمر الأحلام خلال النوم؟
كم راودتك أحلام جميلة، أبهجت ليلتك، ورسمت البسمة على شفتيك خلال نومك، وبالتأكيد رغبت لو أن طالت مدة هذه الأحلام.
قد تبدو الأحلام كما لو أنها تستمر طويلًا خلال النوم، لكن الحقيقة أنها قد لا تكون بذلك الطول الزمني الذي تتخيّله في الواقع، خاصةً أن شعورنا بالوقت خلال الحلم يختلف عن الحياة الواقعية تمامًا.
وقبل معرفة كم تستمر الأحلام خلال النوم، فإن للنوم مراحل متعددة، يتخللها تلك الأحلام. فما تلك المراحل وما علاقتها بالأحلام؟
مراحل النوم
لا نخلد إلى النوم هكذا فجأة، بل هناك مراحل للنوم نمرّ بها كل ليلة، نتنقّل خلالها، وتداعبنا الأحلام في أثنائها، وتشمل مراحل النوم الرئيسة:
1. الانتقال إلى حالة النوم
تستمر هذه المرحلة نحو 5 دقائق وتتحرّك العيون ببطء تحت الجفون، ويتباطأ نشاط العضلات، ويمكن للمرء أن يستيقظ بسهولة، ويكون في حالة شبه واعية.
2. النوم الخفيف
هي المرحلة الأولى من النوم الحقيقي، الذي يستمر بين 10 - 25 دقيقة؛ إذ تتوقّف العيون عن الحركة تحت الجفون، وتتباطأ دقات القلب وتنخفض درجة حرارة الجسم.
3. النوم العميق
هي المرحلة التي يصعب فيها الاستيقاظ، وحتى إذا فعلت ذلك، فغالبًا ما تشعر بالترنح والارتباك، وفي هذه المرحلة الأعمق من النوم، تكون موجات الدماغ بطيئة.
اقرأ أيضًا:توترك بالنهار قد ينقلب عليك ليلًا: ما هي أحلام التوتر؟
4. نوم حركة العين السريعة
تحدث بعد حوالي 70 - 90 دقيقة من النوم، وتحدث الأحلام خلال هذه المرحلة، وتتحرّك العيون بسرعة تحت الجفون، ويصبح التنفس أسرع، ويزداد مُعدّل ضربات القلب وضغط الدم، وتصبِح الذراعَان والساقَان مشلولتَين تمامًا.
كم تستمر الأحلام خلال النوم؟
ارتبطت مرحلة نوم حركة العين السريعة بمعاينة الأحلام، ومِنْ ثَمّ فقد تكون فترة استمرار الأحلام مُقدّرة بزمن تلك المرحلة.
وقدّر الباحثون أنّ الشخص العادي يقضي نحو ساعتين في الحلم كل ليلة؛ إذ تستمر فترات نوم حركة العين السريعة في وقت مبكر من الليل لمدة 10 دقائق، وتزداد تدريجيًّا طوال الليل، حتى تصل إلى ساعةٍ واحدة كحدٍ أقصى.
ومع ذلك من الصعب تحديد ما إذا كانت هذه الأوقات متوافقة مع الطول الفعلي، خاصةً أنّ جميع الأحلام لا تحدث خلال نوم حركة العين السريعة.
على الرغم من ذلك، فإنّ مدة الحلم قد تصل إلى ساعتين خلال الليل، كما قد يحلم المرء 4 - 6 مرات في الليلة الواحدة، حتى لو لم يكُن قادرًا على تذكُّر معظم تلك الأحلام.
لماذا تبدو الأحلام كأنّها تستمر طويلًا؟
اقترح الباحثون العديد من النظريات لشرح سبب استمرار الأحلام في كثيرٍ من الأحيان لفترةٍ أطول مما هي عليه بالفعل. تقول إحدى النظريات إن نشاط الدماغ قد يكون أبطأ في نوم حركة العين السريعة، خاصةً مع انخفاض درجة حرارة الدماغ، مقارنةً بما يكون عليه المرء وهو مستيقظ، لذا فقد تبدو الأحلام مستمرة لفترة طويلة بالنسبة للحالم.
النظرية الأخرى هي أنه على الرغم من أن معظم العضلات مشلولة في أثناء نوم حركة العين السريعة، فإن الدماغ يعي أن تحريك بعض العضلات أو القيام بشيءٍ ما سيتطلب جهدًا أكبر، مقارنةً بإعطاء أوامره لفعل أشياء أخرى.
ولعدم وجود ردود فعلٍ من العضلات، يحاكي الدماغ الجهد البدني عن طريق تخصيص المزيد من الوقت للأفعال التي يعتبرها مُتعِبة، ما يجعل الأحلام تبدو وكأنها استغرقت وقتًا طويلًا.
وفي إطار دعم هذه النظرية، وجدت إحدى الدراسات أن الذين يكونون واعين بأحلامهم (Lucid Dreaming)- سيأتي توضيح ذلك لاحقًا- استغرقوا وقتًا أطول نسبيًا للقيام بتمرين القرفصاء بدلًا من القيام بتمرين عدٍ بسيط. ومع ذلك، فلا تزال نتائج الأبحاث متضاربة.
ما الذي يُحدِّد طول الأحلام؟
اقترح الباحثون أنّ الأحلام خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة أطول من أحلام مرحلة نوم حركة العين غير السريعة.
كذلك فإنّ أحلام نوم حركة العين السريعة تميل إلى أن تكون غريبة وعاطفية وأشبه بالقصص، أمّا أحلام نوم حركة العين غير السريعة فقد تكون أقل في التفاصيل وذات أفكارٍ غير متماسكة، ومع ذلك فهناك استثناءات.
وفي إحدى الدراسات، أيقظ الباحثون المشاركين بعد 5 أو 10 دقائق من نوم حركة العين السريعة في وقت مبكر وفي وقت متأخر من الليل.
وحدثت أطول قصص الأحلام وأكثرها تعقيدًا بعد 10 دقائق من نوم حركة العين السريعة في وقتٍ متأخر من الليل؛ إذ أبلغ بعض الناس عن وجود أحلامٍ مُقسّمة إلى حلقاتٍ مُختلفة.
كيف نشعر بالوقت خلال الأحلام؟
ماذا تظن؟ هل يمر الوقت أسرع أم أبطأ في الحلم مما هو عليه في الواقع؟ لا تُوجَد إجابة صحيحة لأنّ إدراكنا للوقت غير دقيق، فقط عقلك يُخادِعك، فالشعور بالوقت خلال الأحلام يتأثَّر بعِدّة عوامل، مثل:
- تمدُّد الزمن: الأحلام التي يبدو أنّها تستمر لساعات يمكن أن تستمر بضع دقائق فقط في الوقت الفعلي أو العكس.
- قفزات الوقت: إذا كُنت تنتقل بين مشاهد أو أحداث مختلفة في حلمك، فستشعر أنّ الوقت يمر أسرع.
- الخلود: قد يختفي مفهوم الوقت في بعض الأحيان، وقد يشعر الحالِم بأنّه في لحظةٍ أبدية أو حلقة مستمرة.
لا يزال البحث جاريًا حول حول النشاط العصبي للدماغ في أثناء نوم حركة العين السريعة ودوره في إدراك الوقت في الأحلام.
ومع ذلك يمكن أن يكون لبعض المحفزات الخارجية خلال هذه الفترة والطبيعة الإبداعية للدماغ تأثير كبير على تجربة الحالمين.
كم عدد الأحلام التي نحلم بها خلال الليل؟
يكاد يكون من المستحيل تحديد عدد الأحلام التي تراها في الليلة الواحدة، بل قد تمرّ بأحلام لكنّك تستيقظ غير متذكر لها.
وتشير بعض الأبحاث القديمة إلى وجود علاقة بين الوقت الذي تقضيه في نوم حركة العين السريعة والوقت الذي تقضيه في الحلم.
ماذا عن الكوابيس؟
تُقدّر الأكاديمية الأمريكية لطب النوم "American Academy of Sleep Medicine" أنّ ما بين 50 - 85% من البالغين يقولون إنّهم عانوا كابوسًا.
ولا تُوجَد إجابة نهائية حول المدة التي يستغرقها الكابوس، لكن لاحظ الخبراء أنّ الكوابيس تميل إلى الحدوث في الدورات الأخيرة من نوم حركة العين السريعة، غالبًا في الثلث الأخير من الليل.
كيف تُطِيل أحلامك السعيدة خلال النوم؟
إذا كنت ترغب في إطالة أحلامك واستكشافها، فقد يساعدك الحلم الواعي (Lucid Dreaming) في تحقيق ذلك، وهو حالة من النوم يدرك فيها الشخص أنه يحلم. وقد يبدو ذلك رائعًا للوهلة الأولى، لكنه قد يكون مخيفًا حقيقة بالنسبة لبعض الناس. وربما لا تكون واعيًا في البداية أنك تحلم، لكن بمرور الوقت يزداد وعيك بذلك.
ونقطة التحوّل هي عندما يدرك الحالم أن الحلم الذي يمر به غير واقعي؛ أي لم يحدث في الحياة الواقعية، ومن ثم يدرك أنه بإمكانه التأثير في حلمه، فيتحرك فيه كيف يشاء مُطيلًا مدة حلمه.
يمكن التدريب على التحكم في سير أحلامك وتجربة الحلم الواعي بطرق عديدة، لكن أكثرها شيوعًا هو تدوين أحلامك، خاصةً فور استيقاظك مباشرةً، فهذا سيساعدك على تذكر ما حلمت به بأكبر تفصيل ممكن.
ومع المواظبة على ذلك، ستتعرف إلى علامات الحلم، وتزداد معرفتك بطبيعة الأحلام ومتى يكون ما تراه حلمًا ومتى لا يكون كذلك. فإذا واتتك أحلام بعدها، كنت أقدر داخل حلمك على إطالة مدته والبقاء في ذلك الحلم، لكن ليس إلى الأبد بالطبع.