ارتفاع حرارة المقصورات.. تحد جديد يهدد صناعة الطيران وسلامة المسافرين
تواجه الطائرات حول العالم تحديات جديدة قد تؤثر على راحة وأمان الركاب وأطقم الطيران، وتتضمن هذه التحديات ارتفاع درجات حرارة المقصورات إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة لتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، وتأخر الإقلاع بسبب الازدحام المتزايد في المطارات.
غياب المعايير التنظيمية
ووفقًا لتقرير حديث من شبكة "CNN" الأمريكية، حتى الآن، لا توجد معايير تنظيمية واضحة فيما يتعلق بدرجة حرارة المقصورة في أثناء صعود الركاب إلى الطائرات، ولكن، منذ عام 2018، دعت رابطة مضيفات الطيران الأمريكية "AFA"، أكبر نقابة لمضيفات الطيران في العالم، إلى وضع معايير تنظيمية في الولايات المتحدة.
وحاليًّا، تتعامل كل شركة طيران مع هذه القضية بطرقها الخاصة، ما يؤدي إلى تفاوت كبير في مستويات الراحة والأمان بين مختلف الرحلات.
حادثة لاس فيغاس 2023
وفي يوليو 2023، شهدت مدينة لاس فيغاس حادثة تبرز مدى خطورة ارتفاع درجات الحرارة في المقصورات.
وخلال أحد الأيام الأكثر حرارة في الصيف، وفقًا لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، تعاملت خدمات الطوارئ مع حالة راكب كان على متن رحلة تأخرت لعدة ساعات، حيث وصلت درجة الحرارة الخارجية إلى 46 درجة مئوية، وتم إلغاء الرحلة في النهاية بسبب الظروف الجوية القاسية.
اقرأ أيضًا: لماذا يُمنع المسافرون من تغيير مقاعدهم على الطائرة؟
تأثير الحرارة على الركاب
وفي تصريح لشبكة "سي إن إن"، ذكرت سارة نيلسون، رئيسة رابطة مضيفات الطيران الأمريكية، أن "درجة الحرارة في المقصورة كانت مرتفعة للغاية، ما أدى إلى نقل العديد من الأشخاص إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي بسبب ارتفاع الحرارة"، وهذا الحادث يسلط الضوء على الحاجة الملحة لوضع معايير تنظيمية واضحة تحمي الركاب وأطقم الطيران.
الدعوة لوضع معايير تنظيمية
وقدمت رابطة مضيفات الطيران الأمريكية طلبًا إلى وزير النقل الأمريكي لوضع حد لدرجات حرارة المقصورة في أثناء الصعود إلى الطائرة عند 26.7 درجة مئوية، أو 29.44 درجة مئوية إذا تم تشغيل شاشات الترفيه في أثناء الرحلة، حيث تعتبر حادثة لاس فيغاس لمحة عما يمكن أن يحدث في المستقبل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تنظيمية صارمة.
تطبيق جديد للإبلاغ عن درجات الحرارة
وأطلقت الرابطة تطبيقًا يمكن للركاب وأفراد الطاقم من خلاله الإبلاغ عن حالات ارتفاع درجات حرارة المقصورة، وفي السنوات الخمس الماضية، تلقت الرابطة أكثر من 4000 تقرير عن درجات حرارة شديدة، 80% منها تتعلق بفترات الصعود إلى الطائرة، وتشير هذه البيانات إلى مشكلة متزايدة تتطلب حلاًّ عاجلاً.
تفاوت السياسات بين شركات الطيران
وأفادت نيلسون أن بعض شركات الطيران لديها سياسات داخلية تتماشى مع المعايير التي تطالب بها الرابطة، أو تقترب منها، ولكن في حادثة يوليو 2023، كانت درجة حرارة المقصورة أعلى بكثير من 37.77 درجة مئوية، ما يشير إلى أن السياسات الداخلية غالبًا ما تهمل في غياب ضوابط فدرالية.
أسباب ارتفاع حرارة المقصورة
وترجع مشكلة ارتفاع درجة حرارة مقصورة الطائرة أثناء وجودها على المدرج إلى عدم قدرة المحركات على تشغيل أنظمة تكييف الهواء إلا بعد إقلاع الطائرة. ومع ذلك، يمكن تشغيل أنظمة التكييف من خلال "وحدة الطاقة المساعدة" (APU)، وهي محرك صغير موجود في ذيل الطائرة مخصص لتشغيل الأنظمة الكهربائية في أثناء التواجد على الأرض، إلا أن تشغيل هذه الوحدة مكلف للوقود، ما يجعل شركات الطيران تتجنب استخدامه.
اقرأ أيضًا: الاضطرابات الجوية تهدد سلامة الركاب على متن الطائرة.. كيف تحمي نفسك؟
تصميم المقصورة وتأثيره على الحرارة
وأشارت نيلسون إلى أن تصميم مقصورة الطائرة يجعلها تسخن بسرعة كبيرة، وكلما كانت الطائرة أصغر، ارتفعت درجة حرارتها بشكل أسرع، وهذه الحقائق تسلط الضوء على الحاجة الملحة لوضع معايير تنظيمية لضمان راحة وأمان الركاب وأطقم الطيران في ظل التغيرات المناخية الحالية.
وفي ظل التغيرات المناخية المتسارعة وارتفاع درجات الحرارة العالمية، يصبح من الضروري أن تتخذ الهيئات التنظيمية وشركات الطيران خطوات حاسمة لحماية صحة وراحة الركاب وأطقم الطيران، حيث إن وضع معايير تنظيمية واضحة لدرجات حرارة المقصورات وتطبيقها بصرامة يمكن أن يقلل من المخاطر الصحية ويضمن تجربة سفر أكثر أمانًا وراحة للجميع.
وما حدث في لاس فيغاس قد يكون مجرد بداية لمشكلات أكبر إذا لم يتم التحرك بسرعة لمعالجة هذه القضايا، ويبقى التعاون بين الهيئات الحكومية وشركات الطيران أمرًا حتميًا لمواجهة هذه التحديات المستقبلية وضمان سلامة الركاب في جميع الظروف الجوية.