فضل شاكر يقترب من "البراءة"... وعودة "بطيئة" للغناء
الرجل: دبي
إطلالتان في غاية الاختلاف ظهر بهما الغائب عن الساحة الفنية صاحب أغنية "ياغايب" فضل شاكر، فمن ملتح يتباهى بقتل عسكرين لبنانيين في "أحداث عبرا" سنة 2013، إلى شاب أنيق حليق الذقن وقد غيّر أسلوبه في الحديث من التهديد والوعيد إلى الهدوء معبراً عن رغبته في العودة للحياة الطبيعية دون أن يشير إلى إمكانية معاودة نشاطه الفني.
وكما كان قرار تركه للساحة الفنية في العام 2012 صادماً للكثيرين من معجبيه، وانضمامه لاحقاً لجماعة أحمد الأسير، واستبدال أغنياته ذات الطابع العاطفي بأخرى مثل "طالع على الموت يا أمي"، فاجئ فضل شاكر الجميع باختياره المحامية اللبنانية مي الخنساء للدفاع عنه، وهي التي عرفت بكونها من المؤيدين للمقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله اللبناني.
عن الأسباب الكامنة وراء موافقتها على الدفاع عن فضل شاكر، تقول مي: "كنت وسأظل مدافعةً عن المقاومة في المحاكم. أنا لم أختر قضية فضل شاكر ولكني وافقت على تسلمي لها بعد أن تكلمنا في القضية وأصبحت لدي قناعة بضرورة وقوفي إلى جانبه وهو أمر لا يتناقض مع المقاومة نهائياً. أنا أقف مع شخص مظلوم بريء تراجع عن أمر ما كان يخطط لإقحامه فيه دون أن تكون له نية في ارتكاب أفعال ضد الإنسانية. خدع شاكر بإقناعه بالاستفادة منه كمنشد وبأن صوته الجميع سيجمع الشباب المسلم على حب الدين، إلا أنه أدرك لاحقاً بجره إلى مظاهرات ومحاولة إقحامه في ممارسات خطيرة، فقرر ترك مجموعة الأسير".
ولمن لا يعرف أحمد الأسير، فهو من المتشددين الذين ألقي القبض عليهم في منتصف أغسطس الجاري بمطار رفيق الحريري الدولي، أثناء محاولته الهروب من لبنان بجواز سفر مزوّر وبعد أن غيّر شكله.وكانت مذكرة توقيف قد صدرت بحق الأسير بتهم التحريض والمشاركة في مواجهات مع الجيش اللبناني في صيدا سنة 2013 أوقعت 12 جندياً، أثناء محاولة الجيش اقتحام مسجد بلال بن رباح ومبان محيطة به كانت جماعة الأسير قد تحصّنت بها في بلدة عبرا في صيدا.
ومع إعلان خبر إلقاء القبض على الأسير، تساءل كثيرون عن مصير الفنان فضل شاكر، ولماذا لم يفكر بالهروب كما فعل الأسير، وهو ما تفسره مي بالقول: "لم يفكر شاكر بالهرب لأنه اتخذ قراراً بتسليم نفسه للقضاء اللبناني. فضل شاكر موقن بأنه لم يرتكب أي جرم جنائي، وهو بريء من أي تهمة نسبت إليه. فضل يؤمن بعدالة القضاء بالرغم من بعض المناشدات والأمور التي تجري خلف الكواليس فيما يتعلق بقضيته".
وفيما إذا كان اعتقال الأسير سيسرّع من حلّ قضية فضل شاكر، ومدى صحة التقارير التي تحدثت عن نفي الأسير مشاركة شاكر في معارك عبرا، توضح مي: "فضل شاكر بريء من أي إطلاق للنار أو الدخول في أي معركة مع أي جهة كانت. حقيقة الأمر أن أحمد الأسير أقنع فضل شاكر بأن انضمامه إليهم كمنشد سيوّحد بين المسلمين وهكذا تمّ إغراؤه وخصوصاً أنه فنان حسّاس ويعيش في بلد تتولى رؤوس كبيرة فيه مسؤولية الشحن للفتنة وزرع الكراهية بين المواطنين. جماعة الأسير أوقعت فضل شاكر باللعب على وتر العاطفة، ولكنه لما اكتشف أن الأمر سيتطوّر إلى أبعد من كونه منشداً مناصراً للإسلام، وبأن المسألة سيدخل فيها دم من جميع الطوائف، وبكون أعمال الجماعة ضد الإنسانية، قرّر الانسحاب. أريد أن أوّضح أن السلاح الذي سلّم للأسير وفضل شاكر مرخّص من قبل الدولة، ولكن فضل شاكر وقبل أحداث عبرا بأسبوع، اختلف مع الأسير على أمور معينة، فوجد فضل نفسه أنه غير قادر على البقاء مع هذه المجموعة التي ترتكب أفعالاً غير إنسانية، ليقرّر ترك المجموعة وتسليم سلاحه للجيش اللبناني، وهي حيثيات موّثقة في محاضر رسمية. لم يعرف كثيرون أثناء أحداث عبرا بترك فضل شاكر للأسير والانسحاب من مجموعته، كانت مجرد تسريبات، ولكن الغالبية العظمى كانوا يعتقدون بمشاركة فضل في معارك عبرا، بالرغم من وجود تصريح لوزير الدفاع أشار فيه عن انفصال فضل عن الأسير".
كلام المحامية مي قد يجده البعض غريباً مع انتشار بعض الفيديوهات التي تظهر فضل شاكر وهو يمسك السلاح ويتحدث ضد الجيش والدولة، إلا أنها تبرّر ذلك موضحةً: "كان هناك نوع من التحريض وإثارة للفتنة، ولكن هذا الأمر يحدث كثيراً في لبنان، فما قاله فضل شاكر بحق الجيش يردده مسؤولون كثر، فالجميع غير راض عن الجيش. فضل ضحية سياسيين زرعوا في عقله أفكاراً غير صحيحة بحق الجيش ولكن ذلك قبل أن يكتشف فضل بأن ما يقوم به الجيش من رعاية لصيدا يهدف إلى توفير الأمن للجميع، ليقرّر فضل بعد ذلك الانسحاب وتسليم سلاحه للجيش وهو مؤشر يدل على الثقة التي يوليها فضل لهذه المؤسسة الوطنية. وفيما يتعلق بالفيديو الذي يصوّر فضل وهو يتحدث عن شهداء الجيش فهو قبل أحداث عبرا ويمكن التحقّق من ذلك بسهولة وله ملابسات وظروف معينة أحاطت بتصويره ولكني سأكشف عن ذلك في المحكمة".
ونفت المحامية مي الادعاء على فضل شاكر بالتحريض من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كشفت بأن حساب الفنان على الفيسبوك قد تعرض للقرصنة وبأن فضل لا يتحمل أي مسؤولية تجاه كل ما ورد فيها كونه غير صادر عنه.
وتؤكد المحامية مي أن كل المعلومات المتوفرة لديها ولفضل شاكر، تشير إلى أنها الوحيدة التي تدافع عنه، ولا توجد أي جهات أخرى تعمل على القضية، وأبدت تفاؤلها بحلّ قضية فضل قريباً: "القضية الأخطر ليست تلك الخاصة بالسب لوزراء ومسؤولين، ولكنها الدعوى التي صدر فيها قرار اتهام وأمر بإلقاء القبض على فضل شاكر، وهي المرتبطة بأحداث عبرا. بالنسبة لهذه القضية أؤكد براءة فضل شاكر لأن كل الأدلة لصالحه ومن المستحيل ألا يصدر حكم ببراءته. أنا كمحامية أدرس أي قضية تعرض عليّ وأرى إن كانت هناك أي حيثيات تشير إلى إدانة، إلا أن قضية فضل مختلفة فكل المعطيات لا يمكن أن تقود إلا لبراءته".وتنفي مي معرفتها بالتاريخ الدقيق الذي سيسلّم فيه فضل نفسه للعدالة: "فضل شاكر يوّد المثول أمام القضاء لأنه بحاجة إلى حكم البراءة وهو يعرف تمام المعرفة أنه غير مدان وقد قال لي إذا ارتكبت أي جرم بحق الجيش فليعدموني".
وتضيف مي: "في حال صدور قرار ببراءة فضل شاكر لن تكون هناك أي مشكلات بسبب ذلك أو تداعيات على الوضع القائم في الدولة، لأن الحقائق ستظهر وبالنهاية فالقضاء عادل رغم كل ما يقال ضده ولا يمكن أن يجرّم شخصاً بريئاً مثل فضل"
.أما السؤال الأهم الذي يشغل بال محبي الفنان فضل شاكر ممن يرددون "عاش من شافك" فهو هل سيعود إلى الفن، تجيب مي: "فضل شاكر يريد العودة إلى حياته الطبيعية، إلا أن الواقع يشير إلى عدم تقبّل المجتمع اللبناني لشخص كان متهماً ومن ثم ظهرت براءته. أعتقد أن عودته للساحة الفنية لن تكون سهلةً، ولكن الشعب اللبناني ذو قلب طيب وسيسامح فضل الذي اشتاق كثيرون في العالم إلى سماع صوته".