التعاون الاقتصادي بين السعودية ودول آسيا.. آفاق واعدة لشراكة استراتيجية
يشهد التبادل التجاري بين الشرق الأوسط وآسيا طفرة هائلة خلال السنوات الأخيرة، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن جمعية رأس المال الخاص العالمية "GPCA".
وأظهر التقرير، الذي نشرته مجلة "فوربس"، أن إجمالي قيمة صفقات رأس المال الخاص بين المنطقتين قد وصل إلى 83 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2020 و2023.
وتُعد هذه الزيادة هائلة مقارنة بالفترة بين عامي 2016 و2019، حيث لم تتجاوز قيمة صفقات رأس المال الخاص آنذاك 14 مليار دولار.
علاقات اقتصادية مزدهرة: السعودية وكوريا الجنوبية نموذجًا
أبرمت كوريا الجنوبية والسعودية 51 صفقة ومذكرة تفاهم في أكتوبر 2023، بقيمة إجمالية هائلة بلغت 15.6 مليار دولار.
وشكّل منتدى الاستثمار الثنائي "السعودي، الكوري" المنعقد حينها في الرياض منصة مثالية لإتمام هذه الاتفاقيات، والتي تعكس رغبة البلدين في تعزيز علاقاتهما الاقتصادية بشكل كبير.
هذا وتشهد العلاقات الاقتصادية بين السعودية وكوريا الجنوبية نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعةً برؤية مشتركة ورغبة قوية في تعزيز التعاون الثنائي.
وتُعدّ المملكة العربية السعودية شريكًا تجاريًا مهمًا لكوريا الجنوبية، حيث تُزوّدها بثلث احتياجاتها من النفط الخام، بينما تُعدّ كوريا الجنوبية من أهمّ مصادر الاستثمار الأجنبي للمملكة.
أبرز مجالات التعاون الثنائي:
- الطاقة: تُعدّ الطاقة المجال الأبرز للتعاون بين البلدين، حيث تسعى السعودية إلى تنويع مصادر طاقتها، بينما تمتلك كوريا الجنوبية خبرة واسعة في مجال الطاقة المتجددة. وتشمل مشاريع التعاون في هذا المجال بناء محطات طاقة شمسية وطاقة رياح، بالإضافة إلى مشاريع البحث والتطوير في مجال تقنيات الطاقة النظيفة.
- البنية التحتية: تمتلك كوريا الجنوبية خبرة واسعة في مجال بناء البنية التحتية، وتسعى السعودية إلى تطوير بنيتها التحتية بشكل كبير. وتشمل مشاريع التعاون في هذا المجال بناء المدن الذكية، والطرق السريعة، والموانئ، والسكك الحديدية.
- الصناعة: تسعى السعودية إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتُعدّ كوريا الجنوبية من الدول الرائدة في مجال الصناعة. وتشمل مشاريع التعاون في هذا المجال إنشاء مصانع للسيارات، والإلكترونيات، والبتروكيماويات.
- الاستثمار: تُعدّ المملكة العربية السعودية وجهة استثمارية جذّابة لكوريا الجنوبية، وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي، ومواردها الطبيعية الغنية، واقتصادها المتنامي. وتشمل مجالات الاستثمار الكورية في السعودية الطاقة، والبنية التحتية، والرعاية الصحية، والسياحة.
التعاون الاقتصادي بين السعودية ودول آسيا
تشهد العلاقات الاقتصادية بين السعودية ودول آسيا نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعةً برؤية مشتركة ورغبة قوية في تعزيز التعاون الثنائي.
وتُعدّ دول آسيا شريكًا تجاريًا مهمًا للمملكة العربية السعودية، حيث تُعدّ وجهة رئيسة لصادراتها من النفط والمنتجات البترولية، بينما تُعدّ مصدرًا مهمًا للواردات مثل السلع الاستهلاكية والإلكترونيات.
اقرأ المزيد| لكل رائد أعمال.. 8 مفاهيم أساسية في علم الاقتصاد يجب الإلمام بها
أبرز مجالات التعاون:
- التجارة: تُعدّ التجارة أحد أهم مجالات التعاون بين السعودية ودول آسيا، إذ تسعى المملكة إلى تنويع صادراتها بعيدًا عن النفط، بينما تبحث دول آسيا عن أسواق جديدة لمنتجاتها. أما مجالات التعاون التجاري فتشمل تبادل السلع والخدمات، وإقامة معارض تجارية مشتركة، وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
- الاستثمار: السعودية وجهة استثمارية جذّابة لدول آسيا، وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي، ومواردها الطبيعية الغنية، واقتصادها المتنامي وتشمل مجالات الاستثمار الآسيوي في السعودية الطاقة، والبنية التحتية، والرعاية الصحية، والسياحة، والتكنولوجيا.
- السياحة: السياحة أحد مجالات التعاون الواعدة بين السعودية ودول آسيا، إذ تسعى المملكة إلى جذب المزيد من السياح من دول آسيا، بينما تمتلك دول آسيا العديد من الوجهات السياحية الجذّابة التي تُعدّ وجهة مفضلة للسعوديين. وتشمل مجالات التعاون السياحي تبادل الزيارات السياحية، وترويج الوجهات السياحية، وتسهيل إجراءات التأشيرات.
اتفاقيات بـ 10 مليارات دولار
هذا وشهد مؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين في دورته العاشرة بالرياض عام 2023 إنجازًا مهمًا تمثل بتوقيع 23 صفقة بقيمة إجمالية 10 مليارات دولار بين القطاعين العام والخاص في الدول العربية والصين.
وشملت هذه الاتفاقيات مجالات متنوعة منها التكنولوجيا والطاقة المتجددة والزراعة، والعقارات والمعادن وسلاسل التوريد، والسياحة والرعاية الطبية، ما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية المتنامية بين الجانبين وتطلعهما لآفاق أوسع من التعاون المثمر في المستقبل.
ودخلت اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين اليابان والبحرين حيز التنفيذ في سبتمبر 2023، لتُرسّخ التزام البلدين بتعزيز العلاقات الاقتصادية وتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية الواعدة.
وتُعَدّ هذه الاتفاقية خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يُساهم في تحقيق النفع المتبادل للبلدين.
وتُؤكّد الاتفاقية على رغبة البلدين في خلق بيئة استثمارية مواتية تُشجّع على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتُحفّز على تبادل السلع والخدمات.
كما تُتيح الاتفاقية للمستثمرين من كلا البلدين التمتع بحقوق متساوية وحماية كاملة لاستثماراتهم، ما يُعزّز الثقة ويُشجّع على إطلاق مشاريع جديدة.
اقرأ أيضًا| كابيتال إيكونوميكس تتوقع نمو الاقتصاد غير النفطي 5 % في 2024
للوقود الأحفوري نصيب الأسد
أظهر تقرير حديث صادر عن جمعية رأس المال الخاص العالمية "GPCA" أن التجارة بين دول الخليج وآسيا تركز بشكل أساسي على الوقود الأحفوري، مع ازدياد أهمية آسيا كسوق رئيسة لصادرات النفط والغاز من المنطقة.
ووفقًا للتقرير، تجاوزت كل من الصين والهند الآن كلًا من أمريكا وأوروبا كأكبر أسواق مستوردة للنفط والغاز من الشرق الأوسط.
كما أظهر التقرير الشهري الأولي عن يناير 2024 الصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان أن نسبة اعتماد الدولة على واردات النفط الخام من الشرق الأوسط بلغت 92.8%.
ويُسلط هذا الرقم الضوء على اعتماد اليابان الكبير على واردات الطاقة من المنطقة، ما يجعلها عُرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية.
وتسعى اليابان إلى تنويع مصادر طاقتها، ولكن من المتوقع أن يظل الشرق الأوسط مصدرًا رئيسًا للنفط والغاز لليابان في السنوات القادمة.
نمو التجارة الخليجية الآسيوية
شهدت التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاقتصادات الآسيوية الناشئة نموًا هائلاً في عام 2022، إذ ارتفع حجمها بنسبة 34.7% ليصل إلى 516 مليار دولار، مقارنة بـ 383 مليار دولار في عام 2021.
ويُؤكّد هذا الارتفاع الكبير تحولاً جيو-اقتصاديًا مهمًا، حيث تجاوزت آسيا الغرب بسرعة وأصبحت الشريك التجاري الرئيس للخليج.
ويُشير تقرير المؤسسة البحثية "Asia House" بعنوان: "الشرق الأوسط يتجه نحو آسيا 2023" (The Middle East Pivot to Asia 2023) إلى أن هذا الازدياد يعكس النمو الاقتصادي القوي في آسيا، وازدياد طلبها على الطاقة والسلع والخدمات من دول الخليج.
وتُتوقع المؤسسة البحثية المستقلة أن تستمر هذه الزيادة في السنوات القادمة، مع احتمال تجاوز حجم تجارة دول مجلس التعاون الخليجي مع آسيا حجم تجارتها المشتركة مع الاقتصادات المتقدمة، كأمريكا والمملكة المتحدة وأوروبا الغربية بحلول العام 2026.
اقرأ المزيد| خطة طموح لإضافة 3 تريليونات دولار استثمارات في الاقتصاد السعودي
حصاد العقد الماضي
شهدت التجارة بين منطقة الخليج والصين نموًا هائلاً خلال العقد الماضي، إذ ارتفع حجمها بنسبة 50.6%، ليصبح ما يعادل تقريبًا حجم تجارة منطقة الخليج مع أمريكا والمملكة المتحدة وأوروبا الغربية مجتمعة.
وتُشير بيانات "Asia House" إلى أن هذا الارتفاع يُعزى إلى النمو الاقتصادي القوي في الصين، وازدياد الطلب على الطاقة والسلع والخدمات من دول الخليج.
ويُؤكّد هذا التحول الترابط المتزايد بين اقتصادات الخليج والصين، ويُشير إلى إمكانات هائلة للتعاون الاقتصادي بين المنطقتين في المستقبل.
وأوضح تقرير جمعية رأس المال الخاص العالمية "GPCA" أن الشرق الأوسط يتجه نحو تنويع أنشطته الاقتصادية، بعيدًا عن الاعتماد على النفط والغاز.
ويُؤثّر هذا التحول على عمليات مستثمري القطاع الخاص وتدفقات رأس المال، حيث تتجه الاستثمارات نحو قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والرعاية الصحية.
ويُفتح هذا التنوع آفاقًا جديدة للمستثمرين في المنطقة، ويُشجّع على إطلاق مشاريع جديدة وخلق فرص عمل.
اقرأ أيضًا| نمو الاقتصاد الرقمي في السعودية إلى 123 مليار دولار
دفعة قوية للعلاقات
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي وكوريا الجنوبية دفعة قوية خاصة مع توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين في ديسمبر 2023.
وتُعدّ هذه الاتفاقية خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع نطاق التجارة بين المنطقتين.
وتنصّ الاتفاقية على إلغاء كوريا الجنوبية للرسوم الجمركية على 89.9% من جميع السلع المتداولة، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال والمنتجات البترولية الأخرى.
في المقابل، تقوم دول الخليج بإلغاء الرسوم الجمركية على 76.4% من المنتجات المتداولة، مع فرض رسوم جمركية بنسبة 4.1% على البضائع المتبقية.