نوفي ساد.. المدينة الصربية التي لن تمل من التجول فيها سيرًا على الأقدام
عشاق السياحة غير التقليدية سيجدون وجهتهم المنشودة في نوفي ساد، تلك المدينة التي لا تبعد عن العاصمة بلغراد بأكثر من ساعة، والتي تعد ثاني أكبر المدن الصربية من حيث عدد السكان، وعاصمة مقاطعة فويفودينا المتمتعة بالحكم الذاتي، تتربع على جزء ساحر من القارة الأوروبية، حيث يحتضنها نهر الدانوب برفق ونعومة، بينما توفر لضيوفها متعة من نوع خاص، إذ إنها صغيرة بما يكفي للتنقل خلالها بسهولة سيرًا على الأقدام، فيما تمنحهم فرصة الغوص بين أجواء العصور الوسطى والكلاسيكية الفريدة، مع بعض من أفضل الأماكن والتجارب السياحية، التي نستعرض بعضها بإيجاز في السطور التالية.
ساحة الحرية Trg Slobode
ساحة الحرية هي الساحة الرئيسة في نوفي ساد، ولا يمكن زيارة هذه المدينة الرائعة دون المرور على ساحتها الأشهر، فمجرد التجول والوقوف في المركز هنا والدوران حول نفسك تستطيع الاستمتاع بمشهد بانورامي لروائع الهندسة المعمارية وأهم وأبرز معالم المكان، حيث تقف في الطرف الشمالي الشرقي من الساحة أكبر كاتدرائية في المدينة، لتبرز بتصميمها اللافت وبرج جرسها الذي يبلغ ارتفاعه 76 مترًا.
وفي الطرف المقابل يبدو مجلس أو قاعة المدينة المصممة على طراز عصر النهضة الحديث، بينما يبرز أمامها التمثال المهيب لسفيتوزار ميليتش، عمدة نوفي ساد السابق والزعيم السياسي للصرب في فويفودينا، فيما يصطف جانبان من الواجهات التي تعود إلى القرن الثامن عشر، بينهما فندق فويفودينا الذي تم بناؤه عام 1854، وقصر تانورديتش في الزاوية الجنوبية الشرقية، والذي يضم الآن فندق بوتنيك.
وخلال جولتك بالساحة وشوارعها المحيطة، يمكنك السير في شارع المشاة الرئيس، الذي يعد شريانا رئيسا للمدينة، وهو مليء بالطاولات والمظلات التابعة للمقاهي، ومن ثم يمكنك الجلوس في الهواء الطلق، ومن حولك ألوان الباستيل المبهجة، كما يمكنك استكشاف الممرات الجميلة ذات الأسقف الجصية، التي تعج بالمتاجر والمخابز والمزيد من المقاهي الرائعة.
اقرأ أيضًا:جدة التاريخية.. هنا العراقة والميادين التاريخية والحدائق المتنوعة
حديقة الدانوب Danube Park
تستطيع بدء يومك في المدينة بالذهاب إلى أسواق كروز نوفي ساد الصباحية للانغماس في عادات أهلها، وكذلك تناول وجبة الفطور والغداء بالمكونات الطازجة من المطاعم والمقاهي المحيطة، ثم الذهاب إلى حديقة الدانوب للاستمتاع بسحر الطبيعة في هذه المنطقة، وهي واحدة من أكبر المساحات الخضراء وأكثرها شعبية في المدينة، وتتكون من تقاطع بين حديقة عامة ومشتل، يضم نحو 250 نوعًا من الأشجار والزهور والنباتات، بما في ذلك عديد من الأصناف النادرة مثل البلوط الإنجليزي، التي تصطف على طول الممرات المتعرجة في الحديقة وعلى حافة بحيرة صناعية.
وحسب سكان المدينة، فقد كان سكانها يتجمعون هنا منذ إنشاء الحديقة في عام 1895، للاستمتاع بأجواء الحديقة المدهشة في كل الفصول، سواء في الربيع أو حتى في الخريف، حيث يلقي هذا الفصل عليها ستارًا مذهلاً من الألوان، فيجعلها كلوحات خرجت للتو من أعظم المتاحف، لتؤكد أن هذه الحديقة التي تقع مباشرة على واجهة نهر الدانوب تستحق الزيارة، فيما ستستمتع بتلك الواجهة الأمامية التي تضم أرقى المنازل في نوفي ساد، بينما تستطيع زيارة متحف فويفودينا القريب للتعرف على إبداع هذه البلاد.
بتروفارادين Petrovaradin
"بتروفارادين" هي البلدية الثانية أو الشطر الآخر والمعلم الأشهر في نوفي ساد، حيث يفصلها نهر الدانوب عن بقية المدينة، وللوصول إلى هناك سوف تحتاج إلى عبور جسر فارادينسكا دوغا بالحافلات أو سيرًا على الأقدام للحصول على أفضل المناظر لقلعة المدينة وجرفها الصخري، وذلك المشهد المبدع عند الغسق، حيث يتوهج الجسر بألوان قوس قزح التي اشتق منه اسم الجسر، فيما يُطلق على القلعة "جبل طارق على نهر الدانوب"، وُضع حجر الأساس لهيكلها الحالي في عام 1692 فوق بقايا أسوار المدينة والأديرة وغيرها من بقايا المنطقة تحت الحكم الروماني والعثماني والمجري.
وعلى عكس عديد من حصون صربيا الأخرى تم إنقاذ القلعة، التي يمكنك الوصول إليها من خلال التنقل عبر درج متعرج يتبعه المشي عبر نفق طويل، حيث تتكون من مستويين علوي وسفلي، يفصل بينهما خندق ويتصلان بواسطة بوابات مقوسة وجسور ومسارات صعود وأنفاق غامضة، ويقال إن هناك أكثر من 10 أميال من الممرات التي تتفرع تحت القلعة، جزء صغير منها فقط متاح للجمهور، ولعل من المثير أنه لم يتم تحويل قلعة نوفي ساد إلى متحف، على الرغم من وجود متحف وقبة فلكية في الموقع، إذ تُركت في معظمها كساحة في الهواء الطلق مع سلسلة من الأنشطة العامة، فلا توجد هنا أي علامات، أو مسارات محددة، أو حواجز، أو تعليمات، وبدلاً من ذلك يتمتع الزوار بحرية التجول، فيما تم اختيار بعض الأماكن لاستخدامها كمتاجر ومقاه.
اقرأ أيضًا:السياحة في إندونيسيا.. المزيج النادر للتراث والطبيعة
فروسكا غورا Fruška gora
عندما تزور نوفي ساد، سترى في أفقها جبلاً هو جبل فروسكا غورا، وهو الجبل الوحيد في هذه المنطقة التي تشتهر بوجود حديقة وطنية بداخلها، وتعد إحدى الوجهات السياحية الأكثر تطورًا في شمال صربيا بل في كل البلاد، إنها حديقة فروسكا جورا الوطنية الممتدة بين جبال Vršacke وFruška Gora، حيث كانت هذه المنطقة قاع لبحر بانونيا، ولهذا السبب فهي مسطحة، ومن ثم تعد منطقة مثالية للمشي لمسافات طويلة، أو لأخذ جولة للتعرف على طبيعة المكان والبيئة المحيطة، وقد وفرت الجهات المسؤولة عن تنشيط السياحة في نوفي ساد دليلاً شاملاً لضمان أفضل التجارب السياحية للزوار، إذ تم حصر جميع البحيرات، ومناطق التنزه، والمناطق المحمية، والأديرة، والمزارع، والمباني العريقة، ومرافق تقديم الطعام والإقامة، والقرى التي قد يقدرها السياح في فروسكا غورا، وحسب هذا الدليل فإن هذه المنطقة تحظى بإمكانات سياحية مهمة للغاية.
ويستطيع الزائر الاستعانة في جولته هنا بالخريطة السياحية لفروسكا غورا، مع نحو أربعين صورة، تم اختيارها من بين ألفي صورة فوتوغرافية، لعرضها في متحف فويفودينا، وبشكل عام تتميز هذه الحديقة بتنوع نباتاتها وحيواناتها، ومناظرها الطبيعية الجميلة، ومناطق التنزه الواسعة، وبقيمة ثقافية استثنائية، بفضل مجموعة من المباني ذات الأهمية الهندسية والتاريخية الكبيرة، بالإضافة إلى ضمها لمعالم سياحية آسرة بين بيئة من الجمال الطبيعي، مع عديد من مرافق الإقامة والمطاعم، وكلها تعدك بقضاء عطلة رائعة مع ذكريات لاتُنسى، بأقل تكلفة ممكنة.