هل يمكن علاج التهاب القولون بالإبر الصينية؟
قد لا تُفلِح الأدوية مع كلِّ الأمراض، ومع مرضٍ كالتهاب القولون، يبحث بعض الناس عن سبلٍ أخرى في الطب البديل، خاصةً مع اشتداد نوبات الالتهاب من وقتٍ لآخر، وتُعدّ الإبر الصينية إحدى الوسائل الفعّالة في تخفيف أعراض التهاب القولون، وتحسين مزاج الإنسان، فكيف تعمل الإبر الصينية على ذلك؟ وهل لها آثار جانبية؟
ماذا تعرف عن الإبر الصينية؟
الإبر الصينية أو الوخز بالإبر "Acupuncture" إحدى طرق العلاج بالطب البديل، ويتضمّن إدخال إبرٍ صغيرة في نقاط مختلفة من الجسم على أعماقٍ مختلفة، ويهدف هذا النوع من العلاج إلى استعادة تدفُّق الطاقة في أنحاء الجسم، فذلك يُعزِّز الشفاء والاسترخاء، ويُخفِّف الألم عن الإنسان، حسب موقع "healthline".
وتستُخدم الإبر الصينية على نطاقٍ واسع لعلاج العديد من المشكلات الصحية، مثل التهاب المفاصل، آلام الظهر، والألم العضلي الليفي "الفيبروماليجيا"، وقد أشارت الأبحاث إلى أنّه علاج تكميلي.
كيف تُخفِّف الإبر الصينية التهاب القولون؟
يُعتقّد أنّ الإبر الصينية مفيدة في علاج داء الأمعاء الالتهابي أو التهاب القولون، إذ أشارت الدراسات إلى دوره في تخفيف شِدّة المرض، إذ يُساعِد في:
- استعادة توازن ميكروبات الأمعاء.
- تعزيز وظيفة الحاجز المعوي.
- التغلب على الاكتئاب والقلق.
- تخفيف الألم.
كما اقترحت بعض الدراسات، حسب موقع "verywellhealth"، أنّ استخدام الوخز بالإبر مع الكيّ، يُحسِّن بعض أعراض الجهاز الهضمي "التي منها أعراض التهاب القولون"، مثل:
- الإمساك.
- الإسهال.
- ألم البطن.
- انتفاخ البطن والغازات.
- الغثيان.
الإبر الصينية وتخفيف الألم والالتهابات
تُساعِد الإبر الصينية في تخفيف الآلام المُصاحِبة لالتهاب القولون من خلال تعزيز إطلاق الإندورفينات في الجسم، وهي مُركَّبات كيميائية مُسكِّنة للألم.
فعندما تضغط الإبر على الجسم في بعض أجزائه، ينشط الجهاز العصبي المركزي، وتنطلق المواد الكيميائية المُحفِّزة للشفاء في الدماغ والعضلات والحبل الشوكي، كما تُساعِد أيضًا في إنتاج هرمون الكورتيزول، الذي يُساعِد أيضًا على تخفيف الالتهابات.
وقد كشفت الدراسات عن أنّ استخدام الإبر الصينية إلى جانب الكيّ، خفّف الالتهاب لدى المُصابِين بداء كرون والتهاب القولون التقرُّحي.
اقرأ أيضًا:ساعات اليد.. رفيقك الذكي لمواجهة نوبات التهاب القولون
الإبر الصينية وتحسين المزاج
يُعانِي المُصاب بالتهاب القولون قلقًا وتوترًا باستمرار، خاصةً مع اشتداد الأعراض عليه بين الحين والآخر، بل لرُبّما أصابه ذلك باكتئاب أيضًا.
ولا تقتصر الإبر الصينية على تخفيف الأعراض الجسدية فحسب، بل قد تُساعِد أيضًا في التغلب على التوتر وتحسين المزاج، إذ ثبتت فوائدها، حسب "John hopkins medicine" في تخفيف بعض المشكلات، مثل:
- الأرق أو صعوبة النوم.
- القلق.
- الاكتئاب.
- العصبية.
- العُصاب النفسي "Neurosis"، وهو حالة نفسية تتسم بالضيق المزمن والقلق.
نظرة أعمق لدور الإبر الصينية في تخفيف التهاب القولون
تُوفِّر الإبر الصينية بعض الفوائد الصحية لجسم الإنسان، أبرزها ما يلي:
1. تخفيف أعراض داء كرون
كشفت دراسةٌ في المجلة العالمية لأمراض الجهاز الهضمي "World Journal of Gastroenterology" عن فوائد الوخز بالإبر والكيّ على المُصابِين بداء كرون "أحد أنواع التهاب القولون"، فتبيّن تحسُّن الأعراض مع الحرص على الوخز بالإبر لمدة 3 أسابيع، مُكرَّرًا 3 مرات كل أسبوع.
وأورد المشاركون في الدراسة درجات عالية من تحسُّن جودة حياتهم، وتراجُع وتيرة داء كرون، فبعد 12 أسبوعًا من العلاج، كان 74% من الذي خضعوا للوخز بالإبر والكيّ في نعيمٍ بعيدًا عن أعراض الداء، بينما في المقابل، كانت المجموعة الأخرى في الدراسة، والتي لم تتعرّض للوخز بالإبر والكيّ، من بينهم 36% فقط هم من ابتعدت عنهم الأعراض، واستمرّت لدى الباقين.
2. تعزيز الاتصال بين الأمعاء والدماغ
كشفت دراسةٌ أُجريت عام 2017 على المُصابِين بداء كرون، أنّ الذين يتلقّون الوخز بالكهرباء "شكل من أشكال الوخز بالإبر، يمرّ فيه تيار كهربائي صغير بين أزواج من الإبر الصينية"، لديهم تغيُّرات في نشاط الدماغ، تدلّ على تراجُع استقبال الألم "قلة الشعور بالألم"، وتلقّى المشاركون في الدراسة 3 جلسات للوخز بالكهرباء في الأسبوع لمدة 12 أسبوعًا.
ووجد الباحثون أنّ الوخز الكهربائي أثّر في مناطق الدماغ المسؤولة عن تنظيم الألم، خاصةً آلام الأحشاء المُتضمِّنة آلام الجهاز الهضمي، وخلص العلماء إلى أنّ الوخز بالكهرباء، يُساعِد في تحقيق التوازن بين الدماغ والأمعاء؛ لتخفيف الشعور بالألم وعدم الراحة لدى المُصابِين بالتهاب القولون.
3. تعزيز الصحة النفسية
كما ذكرنا فإنّ المُصابِين بالتهاب القولون، أكثر عُرضةً بنسبة 20 - 30% للإصابة بالاكتئاب، مقارنةً مع من لا يُعانُون ذات المرض، والسيئ أنّ زيادة الاكتئاب والقلق، قد تُؤدِّي إلى تفاقم أعراض التهاب القولون.
وتُساعِد الإبر الصينية في علاج الاكتئاب والقلق، ورغم عدم وجود دراساتٍ بحثية بشرية مُحدّدة حول كيفية تخفيف الإبر لهذه المشكلات، فقد فحص تحليل تلوي عام 2020 مدى فاعلية وسلامة الوخز بالإبر على الاكتئاب، فتبيّنت فاعليته مقارنةً مع استخدام مضادات الاكتئاب وحدها مثلاً، وإن كانت هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الأبحاث لتقصّي ذلك.
هل للإبر الصينية أضرار؟
يُعدّ العلاج بالإبر الصينية من الوسائل العلاجية الآمنة جدًا، لكنّه لا يُلائِم كل الناس، كما قد يكون له بعض الآثار الجانبية الطفيفة، مثل:
- النزيف الخفيف.
- الكدمات أو الألم.
كذلك قد تزداد فرص إصابة بعض الناس بالعدوى، لكنّ ذلك مُستبعد إن أُجري العلاج على يدّ مدرب مُختص ومُعتمَد، إذ يُدرِك هؤلاء أهمية استخدام الإبرة مرة واحدة فقط، ثُمّ التخلُّص منها.
أمّا لماذا قد لا يُناسِب الوخز بالإبر بعض الناس، فلأن هناك من يخاف الإبر، أمّا لو لم تكن تخاف الإبر، وبإمكانك تحمُّل بعض الانزعاج الخفيف أو الوخز الطفيف من الإبر، فلا بأس بتجربة جديدة مع الإبر الصينية.
هل هناك موانع للعلاج بالإبر الصينية؟
نعم، هناك ما يمنع من استخدام الإبر الصينية، فإذا كُنتَ تُعانِي بعض اضطرابات النزيف، أو تتناول أدوية السيولة، فقد يزداد خطر إصابتك بالنزيف؛ لذا استشِر طبيبك أولاً قبل العلاج بالإبر الصينية.
كذلك ينبغي تجنُّب الوخز بالإبر في حالة زراعة جهاز تنظيم ضربات القلب، فقد تتداخل النبضات الكهربائية المُرسَلة عبر الوخز مع عمل جهاز تنظيم ضربات القلب.
ولا تُنصَح السيدات بخوض تجربة العلاج بالإبر الصينية مع الحمل، فقد يُحفَّز المخاض والولادة المبكرة قبل أوانها دون داعٍ إلى ذلك.
نصائح لتخفيف أعراض التهاب القولون
لا يُوجَد شيءٌ يُمكِن فعله للوقاية من التهاب القولون ابتداءً، لكن قد تُساعِد بعض التغييرات في النظام الغذائي ونمط المعيشة في تخفيف أعراض التهاب القولون، مثل:
- تناول وجبات صغيرة كل 2 - 4 ساعات، بدلاً من الوجبات الكبيرة.
- التغلب على التوتر، بالتأمل أو ممارسة النشاط البدني، أو التنزّه، أو أي شيءٍ يُوفِّر لك الهدوء والاسترخاء.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- تذكّر ما تتناوله من طعام ودوِّن يومياتك بشأن ذلك؛ لرصد الأطعمة التي تزيد الأعراض سوءًا، كي تتجنّبها لاحقًا.
- تقليل تناول الأطعمة المُهيِّجة للأمعاء، مثل الأطعمة الحارة أو الدهنية.
- شُرب كميات مناسبة من الماء لتقليل الجفاف، والتقليل من تناول المشروبات الغنية بالكافيين كالقهوة، وكذلك المشروبات الغازية.