"مول المستقبل".. الابتكار والحفاظ على الهوية الوطنية وفق رؤية 2030
مع توجه العالم نحو بيئة أكثر استدامة، تظهر الحاجة الماسة للتحول في قطاعات الأعمال المختلفة، ومن بينها قطاع التجزئة. ولهذا ظهر نموذج "مول المستقبل"، وهو ليس مجرد مركز تسوق تقليدي، بل يُعد بمثابة مجمع حضاري يواكب التقدم، ويسهم بفعالية في المحافظة على البيئة، وتحقيق الأهداف البيئية العالمية.
وفي هذا السياق، يُعد "مول المستقبل" بمثابة منصة انطلاق لفلسفة جديدة في التسوق تضع الاستدامة في جوهر عملياتها، حيث تنتشر ممارسات مثل إدارة الطاقة الفعّالة، التخطيط المستدام للمياه، الحد من هدر الطعام، واستراتيجيات إعادة التدوير المتقدمة لمقابلة طموحات الاستدامة، بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
تعزيز وعي المستهلك
ولا يقتصر دور "مول المستقبل" على تقليل تأثير العمليات التجارية على البيئة فحسب، بل يشمل أيضًا تعزيز وعي المستهلك، وتغيير سلوكيات الشراء. ومن خلال تبني معايير صارمة للمستأجرين والعلامات التجارية، يُشجع المول على إعادة التفكير في سلاسل الإمداد، والاستهلاك، والتصنيع، لتصبح أكثر خضرة ونقاءً.
ويتسم "مول المستقبل" أيضًا بوجود انسجام مع روح الابتكار، حيث تُستخدم التقنيات الذكية لتحسين الكفاءة وتقليل النفايات، بالإضافة إلى الترويج لبدائل المنتجات المستدامة. ويُمثل توليد الطاقة النظيفة عبر استخدام ألواح شمسية مثالاً جيدًا على التحول نحو التشغيل المستدام.
ومن الجدير بالذكر أن "مول المستقبل" لا يعتمد فقط على المبادرات الداخلية، بل ينشر رسالته بين المستهلكين والمجتمعات المحلية من خلال برامج توعوية وشراكات مع منظمات معنية بالاستدامة.
ويمكن لتلك الجهود الموحدة أن تنجح في إحداث تغييرات إيجابية وملموسة، وتُحقق في الوقت نفسه النتائج المطلوبة للعلامات التجارية والمستثمرين.
وفي هذا الإطار، تتخذ شركة ماجد الفطيم خطوات ملموسة نحو تحقيق اقتصاد دائري، وتسعى للوصول إلى الحياد الكربوني والمياه الإيجابية بحلول العام 2040.
ومع الالتزام بابتكارات مثل مبادرات إدارة الطاقة والنفايات وإنقاذ الطعام الصالح للأكل، تظهر الشركة كمثال على الدور المؤثر الذي يمكن لمول المستقبل أن يلعبه بهذا الخصوص.
التنمية المستدامة
علاوةً على ذلك، تتماشى خطوات "مول المستقبل" مع الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، والتوجهات العالمية للحد من التغيرات المناخية. ومن خلال الاعتماد على معيار "النجمة الخضراء" والحصول على شهادات عالمية مثل LEED، يُصبح "مول الإمارات" نموذجًا لمراكز التسوق التي تُحقق الأداء المستدام.
وبصورة عامة، يُظهر "مول المستقبل" أن الاستثمار في الاستدامة لا يُحقق فوائد بيئية فقط، بل يُحسن أيضًا من تجربة المتسوق ويُسهم في بناء مجتمعات قوية ومتماسكة. وباتباع هذا النهج، يُعزز المول جودة الحياة لزواره، ويُؤكد على مسؤوليته تجاه بناء مستقبل أكثر استدامة.
اقرأ أيضًا:أسهل طريقة لتحليل الأسهم السعودية.. وهذه أفضل المواقع المستخدمة
المحافظة على الموارد الطبيعية
وفي سياق الحديث عن الاستدامة، يتجلى مفهوم "مول المستقبل" بصورة أكبر من خلال سعيه لتحقيق التوازن بين ثلاثة محاور رئيسة هي البيئة، الاقتصاد، والمجتمع.
وتتمثل الاستدامة البيئية في تقليل البصمة الكربونية والمحافظة على الموارد الطبيعية، فيما تتجلى الاستدامة الاقتصادية في جعل مراكز التسوق بمثابة مراكز نماء وتطور مُستدَامة، وتُعنى الاستدامة الاجتماعية بضمان أن تسهم تلك المولات في تعزيز النسيج المجتمعي.
تصميم المولات بطرق صديقة للبيئة يشمل استخدام مواد مستدامة في البناء والديكور، وتطبيق نظم تدفئة وتبريد مركزية موفرة للطاقة، والاستفادة من الإضاءة الطبيعية والمياه المعاد تدويرها. كما يُعد الاهتمام بالتنوع البيولوجي وإعداد المساحات الخضراء في المولات وحولها، جزءًا من الجهود البيئية المُبذولة.
من الناحية الاقتصادية، يتطلب "مول المستقبل" إنشاء نموذج أعمال يحقق الربحية مع الاستدامة، كتطوير مساحات للعلامات التجارية الصغيرة والمتوسطة التي تنتج بطرق مستدامة، ومنحها منصة للوصول إلى العملاء الواعين بالبيئة، وتحفيز الابتكار في مجال منتجات استهلاكية أكثر استدامة.
وعلى الصعيد الاجتماعي، يجب على "مول المستقبل" أن يُعزز مفاهيم المسؤولية المجتمعية، من خلال دعم المبادرات المحلية، وتوفير فرص للتعليم وتحسين المهارات لسكان المجتمع المحلي، وخلق بيئات تشجع على الأنشطة المجتمعية كالمعارض الفنية والثقافية، والمبادرات الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، يُعزز مفهوم "مول المستقبل" الجوانب الثقافية للتسوق، من خلال إعادة النظر في أنماط الترفيه والتفاعل الاجتماعي داخل فضاءاته. ليُصبح المول أكثر من مجرد مركز تجاري؛ فهو مكان للتعلم، الاستمتاع وتبادل الخبرات، وهي الأمور التي تتم ضمن إطار يحترم البيئة ويساهم في نموها.
يتجسد دور مراكز التسوق في التأثير الإيجابي على المستوى العالمي بالمثال الذي تضربه شركة ماجد الفطيم بمشروعها لإنقاذ الأطعمة الصالحة وإعادة تدوير النفايات العضوية. حيث تُظهر هذه المبادرات إمكانية تحويل الكم الهائل من النفايات إلى موارد يمكن استخدامها مرة أخرى في منظومة دائرية تعزز الاقتصاد والبيئة.
في ضوء كل ما سبق، يتضح كيف يمكن لـ "مول المستقبل" أن يُصبح جزءًا حيويًا من الاقتصاد الدائري، ويعكس التزامه بأهداف الوصول إلى محصلة صفرية للانبعاثات الكربونية، والسعي لتحقيق تأثير إيجابي مستدام في مختلف المجالات.
اقرأ أيضًا:توقعات بنهضة الاقتصاد الرقمي في السعودية في المستقبل.. والسياحة في المقدمة
مراكز التسوق والرؤية السعودية 2030.. نحو استدامة متكاملة
تتوافق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 مع الطموحات العالمية للتنمية المستدامة، وتُبرز أهمية التحول الاقتصادي والاجتماعي بما يتماشى مع الحفاظ على البيئة. وإذ تُعد مراكز التسوق جزءًا لا يتجزأ من هذا التحول، كونها عناصر بارزة في تشكيل البيئة الاقتصادية والثقافية في المملكة.
"مول المستقبل" في المملكة يسعى ليكون أكثر من مجرد مركز تجاري يوفر تجارب فريدة للتسوق والترفيه. يأمل أن يستجيب لتوجهات رؤية 2030 بكونه نموذجًا للمباني الخضراء، والتي تتخطى مفهوم الاستهلاك المستدام لتصبح مراكز للتنوير البيئي والتعليم ومصادر للإلهام للجيل الجديد من السعوديين الذين يتطلعون إلى مستقبل مستدام.
أساسيات مول المستقبل في رؤية 2030
1. الاستدامة البنائية: تشجيع المباني الخضراء، باستخدام مواد صديقة للبيئة، وتقنيات مبتكرة في التبريد والتدفئة، إضافة إلى أنظمة التحكم في الإضاءة الذكية، وتصميمات تسمح بالاستفادة القصوى من الضوء الطبيعي.
2. الطاقة المتجددة: تركيب ألواح الطاقة الشمسية، واستخدام تقنيات الطاقة النظيفة التي تنسجم مع أهداف المملكة لزيادة استخدام الطاقة المتجددة.
3. إدارة النفايات وإعادة التدوير: تطبيق سياسات صارمة لإدارة النفايات، بما في ذلك تحويل النفايات الغذائية إلى سماد عضوي، وإعادة التدوير لخلق منظومة دائرية فعّالة.
4. النقل المستدام: تشجيع الوصول إلى مولات المستقبل عبر وسائل النقل الصديقة للبيئة كالمترو والحافلات الكهربائية، وتوفير محطات شحن للسيارات الكهربائية.
5. الثقافة والتوعية البيئية: إنشاء مساحات مخصصة للفعاليات والمعارض التي تروج للوعي البيئي وتحفيز المتسوقين على اتخاذ خيارات مستدامة.
6. دعم الاقتصاد المحلي: توفير المساحات للمنتجين المحليين والشركات الناشئة التي تعمل وفق مبادئ الاستدامة، وتعزيز المنتجات المحلية، ما يقلل الاعتماد على الاستيراد.
7.الاستثمار في المجتمع: إقامة برامج لتعزيز المهارات الوطنية، ودعم المبادرات الاجتماعية التي تسهم في تطوير المجتمع وتعزيز روابطه.
"مول المستقبل" وفق رؤية 2030 سيكون بمثابة مركز للابتكار والمحافظة على الثقافة المحلية، وتعزيز الهوية الوطنية، بالإضافة إلى سعيه ليكون مثالاً يحتذى به في الشرق الأوسط والعالم بأسره في إدارة الموارد بطريقة مستدامة.
بهذا النهج المتكامل، يصبح "مول المستقبل" في المملكة عنصرًا فاعلاً في تحقيق رؤية 2030، إذ سيُسهم في تحقيق الازدهار الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية، وفي الوقت نفسه، سيُعزز الحفاظ على البيئة لأجيال الغد.