صحراء "حسمى" تزين "تبوك" بجبالها الساحرة وكثبانها الحمراء
صحراء "حسمى" قطعة ساحرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، استطاعت أن تفرض جمالها على الناظرين والزوار من كل مكان، واستطاعت أن تحول منطقة تبوك إلى منطقة غاية في الروعة والجاذبية.
تلك الصحراء الاستثنائية صارت مزارًا محببًا لكثيرين بفضل ما تتمتع به من رمال حمراء اللون وجبال منحوتة، ما أكسبها جمالية واستثنائية خاصة، وحولها إلى وجهة ينجذب إليها الكثير من الزوار.
وبخلاف ذلك، صار الاهتمام بتلك الصحراء أكبر من ذي قبل، لا سيما مع بدء اهتمام المملكة بإبراز جمالها مناطقها الطبيعية أكثر من أي وقت مضى، وبالاتساق مع أهدافها المتنوعة ضمن رؤية 2030، ويُنتظر أن تزداد منطقة تبوك شعبية وجماهيرية بفضل هذه الصحراء خلال الفترة المقبلة.
حسمى والأبعاد الجيولوجية
من المعروف أن المملكة العربية السعودية تنعم في الأساس بالكثير من المناطق ذات الطبيعة الخلّابة، وهي المناطق التي تجمع بين الكهوف الحجرية، الوديان، الصحاري والجبال وغيرها من التكوينات الساحرة.
واكتسبت المملكة أيضًا طبيعة خاصة جعلتها في مكانة متفردة بفضل موقعها الاستراتيجي الفريد من نوعه الذي عزز من مكانتها، وأكسبها وضعية خاصة على الصعيد التاريخي والجغرافي على حد سواء.
ومن أبرز المناطق التي منحت المملكة قدرًا من الجمالية والتميز هي صحراء "حسمى" التي ساهمت في إبراز أبعاد منطقة تبوك الجيولوجية بصورة طبيعية، وحولتها لساحة تنضح بالجمال والروعة في كل شيء.
أجواء صحراء حسمى- المصدر: موقع اكس أو تويتر سابقا
تنوع الطبيعة الخلّابة
وكما سبق أن أشرنا، فإن المملكة عمومًا تحظى بكثير من التكوينات الطبيعية التي تزيد طبيعتها الخلّابة تنوعًا، وهو ما ساهم في زيادة ثرائها بظلال التاريخ العتيق، وآثار الحضارات التي توالت عليها، إذ تسرد بين طياتها الكثير والكثير من القصص والحكايات التي لا يمكن نسيانها بأي حال من الأحوال.
صحراء حسمى في تبوك
وبالاتساق مع هذا الجمال الذي تنعم به المملكة عمومًا، فإن منطقة تبوك على وجه الخصوص تحظى بقدر كبير من الجمالية هي الأخرى، والفضل في ذلك يعود إلى صحراء "حسمى" التي تكسي المكان أناقة بفضل لون رمالها الأحمر، وجبالها ذات الطبيعة الرملية والتي تقع شمال غرب منطقة تبوك.
الصحراء لا تبرز تفرد واختلاف المنطقة فحسب، بل تضفي عليها حالة غاية في الجمال، كونها تتسم بجاذبية طبيعية، وأبعاد جيولوجية، وانتشار لبعض التكوينات الجبلية التي تشعر وكأنها قادمة من عبق التاريخ.
وما يعزز أيضًا من قيمة صحراء "حسمى" وصفاتها الجمالية هو أنها تعد موطنًا فعليًا للكثير من المنحوتات الصخرية المهمة، فضلاً عن كونها بمثابة "رابط وثيق" بين الأجيال الحالية والأجيال السابقة.
جبال حسمى الرملية - المصدر: موقع اكس أو تويتر سابقا
تاريخ صحراء حسمى
بعد تلك المكانة التي صارت عليها اليوم صحراء حسمى، وتحولها لقبلة سياحية ومزار مميز يقصده كثيرون من كل مكان، تجدر الإشارة بهذا الخصوص إلى أن هناك قصة تاريخية لتلك الصحراء.
"حسمى" كانت منذ قديم الأزل "محطة" على طريق التجارة القديم الذي كان يسلكه التجار من وإلى جزيرة العرب قديمًا، وسبق أن مرت بها الكثير والكثير من القوافل على مدار عقود من الزمان.
الركبان والقوافل التي كانت تعبر من هناك كانت في أغلبها "تجارية" أي كان يعمل كل من يمر من هناك في أنواع مختلفة من النشاطات التجارية، واستمرت على ذلك الحال طوال الحضارات الإنسانية المتتالية.
اقرأ أيضا: مشاهد ساحرة لـ«جبال اللوز» في تبوك (فيديو)
ودلل خبراء متخصصون على ذلك بإشارتهم إلى كثرة النقوش الأثرية المتنوعة التي عُثر عليها هناك، والتي تم رصد العديد منها على الصخور الجبلية الشاهقة المنتشرة في أنحاء صحراء حسمى.
أما الأشكال الجبلية المتنوعة والملفتة للأنظار في صحراء حسمى فتشكلت على مر السنين الضاربة في عمق التاريخ، فتكونت مناظر جاذبة للسياح لتصبح كالمتحف المفتوح لا يمل منه الزائر أينما ذهب، وساهمت عوامل التعرية التي شهدتها المنطقة في تكوين لوحات جمالية بديعة لا مثيل لها.
سبب تسميتها بصحراء "حسمى"
الأديب والرحالة الجغرافي الشهير، ياقوت الحموي، سبق له أن تحدث في أحد المخطوطات بأن أصل لفظ حِسْمَى هو "الحسم" ومعناه "المنع والقطع"، موضحًا أن الاسم ربما نشأ لوجود الصحراء بين الصحراء الداخلية للجزيرة وجبال الحجاز، وهناك أيضًا مصادر ترجح ارتباط الاسم بقبيلة جذام، فيقال عليها صحراء "حسمى جذام".
جبال حسمى المنحوتة - المصدر: موقع اكس أو تويتر سابقا
الأنشطة المقترحة في صحراء حسمى
صحراء حسمى توفر لزوارها الذين يقصدونها الكثير من النشاطات التي يمكنهم القيام بها هناك. ونستعرض فيما يلي أبرز هذه النشاطات التي يمكن لقاصدي المكان أن يستمتعوا بها هناك:
- التنزه والقيام بجولات تعريفية في السهول الرملية.
- الاستمتاع بمناظر التكوينات الحجرية والرملية الرائعة.
- مشاهدة النقوش القديمة الظاهرة على بعض الصخور.
- اكتشاف النقوش التي كانت تصور الحيوانات البرية والصيادين.
- تأمل البراعة التي كان يجدها الأجداد القدامى في كثير من نواحي الحياة آنذاك.
- التعرف على طبيعة الحياة البرية.
- الاستمتاع بمشاهدة الطيور الجارحة في الأفق.
ومن الجدير ذكره بهذا الخصوص أيضًا أن هناك فريقًا من المؤرخين ما زالوا يصفون صحراء "حسمى" بأنها "مدونة تزخر بالنقوش الثمودية" التي تعود لفترة زمنية تزيد عن الـ 2600 عام.
فضلاً عن وجود بعض الكتابات "العربية" التي أرجعوها لفترة ما قبل الإسلام، وكتابات أخرى أرجعوها لفترة ما بعد ظهور الإسلام، ثم غيرها من الكتابات التي نُقشت على الأحجار هناك خلال العصور الإسلامية المتتالية، مع إتقان الأجداد وقتها من تدوين تلك الكتابات بخطوط مختلفة من أبرزها الخط الكوفي، ومالوا في كثير من المراحل إلى توثيق جوانب من حياتهم عبر تلك الكتابات.
والحقيقة التي أكدها المؤرخون بعدما رصدوه في صحراء حسمى من نقوش وكتابات أن هناك بالفعل إرثًا تاريخيًا مهمًا بالنسبة للباحثين، حيث توضح لهم الكثير في أسبار التاريخ وكيف تطورت اللغة العربية وكذلك اللهجات العربية والخطوط ومنها الخط الكوفي وغير ذلك من تفاصيل مهمة.