ذمة الزوجة المالية.. هل من حق الرجل السيطرة عليها؟
مواضيع كثيرة ومواقف يمكن الحديث عنها في أول التعارف وقبل الدخول في مرحلة الجدية والتجهيز للزواج، لكن قليلين فقط من يتحدث ويسأل فيها بشكل مباشر وواضح، وهو ما يجعلنا نصطدم بها في أول شهور الزواج، ونشعر وقتها أنه كان علينا الحديث والتوضيح ووضع النقط على الحروف، ومن هذه المواضيع المال وتحديدًا الذمة المالية للزوجة.
سيطرة الزوج على راتب الزوجة
ظاهريًا، يقول الرجال إن عمل المرأة وراتبها أمر يخصها هي بمفردها، ولا دخل للزوج فيه، لكن على أرض الواقع هناك حالات انفصال وعنف زوجي بسبب سيطرة الزوج على راتب الزوجة، وإجبارها على المشاركة في نفقات المنزل، ما دار الإفتاء المصرية إلى إعلان رأيها بخصوص هذا الشأن، إذ قالت: "من المقرر شرعًا أن للزوج ذمة مالية مستقلة عن زوجته، وأن للزوجة كذلك ذمة مالية مستقلة عن زوجها، ولا يحق للزوج أن يجبرها على أخذ راتبها"، وفي السعودية، نص مشروع نظام الأحوال الشخصية الجديد على عدم المساس براتب الزوجة.
هل المشاركة المادية بين الزوج والزوجة أمر صحي؟
إن قمت بسؤال رجل يبلغ من العمر 60 عامًا عن راتب زوجته، وهل تشارك في نفقات المنزل أم لا، ربما تكون الإجابة أنه لا يعرف ولم يطلب منها في يوم المشاركة، أو الضغط عليها بدفع بعض النفقات، وربما يقول لك إنه إلى الآن وبعد مرور عشرات السنوات ما زال يعطي لها أموالاً خاصة كمصروف شخصي لها، لكن إن وجهت نفس السؤال لشاب في الثلاثينيات فستكون إجابته أنه يحتاج إلى امراة تعمل لأن الحالة الاقتصادية في أغلب الدول العربية تجبرهم على مشاركة نفقات المنزل معًا.
فالسؤال هنا يا عزيزي.. هل المرأة التي تنوي الزواج منها أو تزوجتها تقبل أن تشاركك نفقات المنزل بالاتفاق والرضا بينكما؟ أم أنت الشخص المعارض لكونك تشعر أن مشاركتها إهانه لك؟ وهل المشاركة أمر صحي في الأساس أم يعرض الزواج للانهيار؟
الإجابة عن هذا السؤال، لخصتها دراسة نُشرت على موقع "cnbc" توضح أن الرجال يشعرون بالتوتر عندما تجني زوجاتهم أموالاً أكثر مما يحصلون عليها، وفي حالات يتعرضون للإصابة بمشكلات في الصحة العقلية؛ لأنهم يفضلون أن يكونوا المعيلين في العلاقات والقادرين على توفير المال ليكونوا معيلاً مناسبًا لأسرهم، وحال عدم قدرتهم على الإنفاق، يصابون بالأمراض.
اقرأ أيضًا:كيف تتعامل مع زوجتك المُصابة بالكذب القهري؟
وفي نفس السياق، نشرت الباحثة الألمانية "كارولين روينر" بحثها الذي حلل بيانات الأدوار التي يلعبها الزوج والزوجة في الأسرة والذي شمل ألفا و114 من الأزواج، وتبين أن نحو ثلث الأزواج يرتبون أمورهم المالية بشكل مشترك، أي أنهم يتشاركون في الحسابات البنكية والمصاريف على نفقات المنزل، و20% فقط لديهم حياة مادية مستقلة.
لهذا نصح الباحثون في الدراسة بضرورة التوافق المالي بين الأزواج، وهذا لا يعني أنك بحاجة إلى البحث عن شريك يتمتع بنفس الوضع المالي مثلك، أو أنك بحاجة إلى طرد شخص ما لأنه لا يكسب ما يكفي من المال، فالأمر يتعلق بالنقاش والنتيجة التي وصلتم إليها معًا.
لا تقلق.. الجميع متشابهون، والجميع يشعر بحرج عند الحديث عن المال والراتب والمشاركة في الإنفاقات، لكن اختيار طريقة للتواصل تسهل المهمة، لأنها بمثابة المفتاح لباب مغلق بالأسرار، وتحديد مدى توافقك المالي لا يمكن أن يبدأ إلا بشيء واحد هو الحديث عنه، فذلك هو الطريق الوحيد الذي يغلق أبواب مشكلات أنتم في غنى عنها بالزواج، كمشكلة ذمة الزوجة المالية وراتبها وهل من حقها الاحتفاظ به أم المشاركة في النفقات؟
هل المال السبب في الانفصال؟
في محيط كل أسرة، هناك حالة انفصال على أقل تقدير، بسبب مشكلات عدة من بينها الماديات، وفي الدول العربية الأمر متزايد وفقًا لتقرير نُشر على صفحات مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، والذي كشف عن ارتفاع حالات الطلاق في الدول العربية لأسباب عدة من بينها الحالة المادية.
ووفقًا للتقرير، سجلت تونس 940 حالة طلاق شهريًا، بمعدل 4 حالات كل 3 ساعات، أما الجزائر وصلت نسبة حالات الطلاق إلى 64 ألف حالة سنويًا.
وعن أسباب الطلاق، كشف مختصون لـ "BBC" أن السبب الرئيس هو الضغوط الاقتصادية، التي تمر بها البلاد العربية من بعد أزمة كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا، وأن الاقتصاد والحالة المادية للأسرة من أكبر المؤثرات على العلاقات الزوجية.
اقرأ أيضًا:5 صفات للزوجة الصالحة تضمن لك حياة مستقرة
كيفية الحديث عن راتب الزوجة أو الزوج
بغض النظر عن المرحلة التي وصلت إليها في علاقتك أو زواجك، لم يفت الأوان قط لبدء مناقشة حول المال والانفاقات، وتوضح دراسة نُشرت على موقع "nbcnews" النقاشات التي يجب الحديث عنها مع الزوجة والشريك بشكل عام ولها علاقة بالمال، ومنها:
مقدار ما تكسبه "صافي الدخل" والمبلغ المستحق عليك "قروض وبطاقات الائتمان والديون الأخرى"، والمبلغ الذي تنفقه وتسعى لادخاره.
من المهم أيضًا الحديث عن أهدافنا المالية، التي تنوي تحقيقها مع شريكك أو زوجتك، كـ "كيف تبدو خطتك؟"، وما إذا كانت عاداتك وأهدافك المالية متوافقة مع بعضها البعض أم لا.
وقدمت الدراسة مثالاً يمكن طرحه على الشريك والزوجة في أثناء الحديث عن المال، وهو نفترض أنك تحلم بامتلاك منزل، وتريد أن تفعل ذلك عاجلاً وليس آجلاً، فهنا عليك الاتفاق معها على التخلي عن النفقات الكبيرة مثل قضاء الإجازات أو الدفع مقابل استئجار مكان في حي أفضل حتى توفر ما يكفي لتغطية الدفعة الأولى.